"سورية الديمقراطية" تقترب من قلب الرقة... ومجازر بحق المدنيين

03 اغسطس 2017
تواصل "سورية الديمقراطية" تقدّمها في الرقة (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت قوات يدعمها التحالف الدولي من الاقتراب أكثر من قلب مدينة الرقة معقل تنظيم "داعش" في سورية بعد نحو شهرين من معارك تستهدف انتزاع السيطرة على المدينة التي تشهد مجازر يصفها ناشطون بـ"المروعة"، حيث تباد عائلات بقصف مقاتلات التحالف، فيما يواصل الطيران الروسي ارتكاب مجازر في ريف الرقة الجنوبي الشرقي لتمهيد الطريق أمام قوات النظام السوري باتجاه ريف دير الزور الغربي، في وقت لا تزال فيه البادية السورية مسرح صراع.

وتسعى "قوات سورية الديمقراطية" لتحقيق اختراق مهم في مدينة الرقة من شأنه دفع ما تبقى من مسلحي تنظيم "داعش" فيها إلى التسليم، بعد نحو شهرين من انطلاق معركة انتزاع أبرز معاقل التنظيم في سورية. وتركز هذه القوات التي تضم فصائل عربية وكردية وتركمانية، جهدها العسكري في جنوب المدينة، في محاولة لفصل مسلحي التنظيم عن شاطئ نهر الفرات الجنوبي. وأكدت مصادر إعلامية مقربة من "قوات سورية الديمقراطية" أن الأخيرة سيطرت بشكل كامل على حي نزلة شحاذة جنوب غربي المدينة، وتقوم بعمليات تمشيط فيه. وأشارت المصادر إلى أن تقدّماً مماثلاً حققته هذه القوات في حي هشام بن عبدالملك جنوب شرقي المدينة، في ظل أنباء عن سيطرة هذه القوات على مبنى "الأمن السياسي" الاستراتيجي الذي كان تابعاً للنظام، وتحوّل إلى معقل للتنظيم. وتعد السيطرة على هذا المبنى خطوة واسعة باتجاه مبنى المركز الثقافي، ومنطقة الكراجات، ومن ثم "قصر المحافظة"، ما يعني الاقتراب أكثر من ميدان الساعة الشهير في وسط المدينة، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار مقاتلي "داعش" داخل المدينة.

وكان المتحدث باسم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الكولونيل رايان ديلون، قال الثلاثاء إن مقاتلي "سورية الديمقراطية انتزعوا نحو عشرة كيلومترات مربعة من الأراضي من داعش شمالي الرقة خلال اليومين الماضيين"، مشيراً في تصريحات صحافية إلى أن "داعش لا يزال يستخدم السيارات الملغومة، والشراك الخداعية والمدنيين للاختباء وراءهم لكن عجزه عن التصدي للتقدّم المتعدد لقوات سورية الديمقراطية واضح"، وفق قوله.

وتقلّصت مساحة سيطرة التنظيم في المدينة، إذ باتت "قوات سورية الديمقراطية" تسيطر على أحياء: السباهية، الرومانية، اليرموك، القادسية، بريد الدرعية، ونزلة شحاذة، المشلب، الصناعة، وأجزاء من المدينة القديمة، البتاني، تل البيعة، وهشام بن عبدالملك، والجسر الجديد المقام على نهر الفرات الذي يحاذي مدينة الرقة من الجهة الجنوبية. وتمتد مدينة الرقة التي سيطر عليها "داعش" أوائل عام 2014، وباتت أهم معاقله، على مسافة تُقدّر بنحو 8 كيلومترات من الشرق إلى الغرب، و4 كيلومترات من الجنوب إلى الشمال، وتضم أكثر من عشرين حياً وحارة.

في موازاة ذلك، يواصل طيران التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، تمهيد الطريق أمام "قوات سورية الديمقراطية" في الرقة بارتكاب مجازر يصفها ناشطون محليون بـ"المروعة" في الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم، مشيرين إلى أن مقاتلات التحالف ارتكبت، يوم الثلاثاء الماضي، مجزرة طاولت العشرات في حارة البوسرايا، حيث استهدفت مبنى يضم عائلات عدة. وكانت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أورسولا مولر، قالت لمجلس الأمن الدولي في تسجيل مصور من الأردن، الخميس الماضي، إن ما يتراوح بين 20 و50 ألف شخص ما زالوا في الرقة، مشيرة إلى أن المدينة محاصرة و"لا توجد وسيلة أمامهم للخروج". ويؤكد ناشطون أن نحو ألف مدني قُتلوا في مدينة الرقة وريفها خلال الشهر الماضي بقصف من الطيران الروسي، ومقاتلات التحالف الدولي، ومدفعية قوات النظام وقوات "سورية الديمقراطية"، مشيرين إلى أن مدينة الرقة "تكاد تتحول إلى أطلال مدينة منكوبة ينتشر الموت في جنباتها".


في غضون ذلك، تواصل قوات النظام ومليشيات محلية تتبعها، وأخرى إيرانية، تقدّماً في ريف الرقة الجنوبي الشرقي في محاولة للسيطرة على بلدتي السبخة ومعدان (40 كيلومتراً جنوب شرقي الرقة)، وهما مفتاح الدخول إلى ريف دير الزور الغربي. وأعلنت مصادر في قوات النظام أنها تمكنت الإثنين من الوصول إلى شاطئ نهر الفرات الجنوبي، إثر سيطرتها على عدد من القرى كانت تحت سيطرة تنظيم "داعش". في حين أكد ناشطون أن طيران النظام، والطيران الروسي، نفذا عشرات الغارات الثلاثاء استهدفت بلدة معدان التي تقع جنوب النهر، وقرى أخرى، ما تسبّب بكارثة إنسانية غير مسبوقة، إذ قُتل العشرات وتشرد آلاف المدنيين الذين تقطّعت بهم السبل. واتجه أغلبهم إلى مناطق تقع تحت سيطرة "سورية الديمقراطية" في ريف الرقة الغربي والشرقي، فيما لم يجد آخرون بُداً من التوجه شرقاً إلى ريف دير الزور الذي يقع تحت سيطرة "داعش". وكانت قوات النظام ومليشيات موالية لها شقت طريقاً لها منذ شهرين في ريف الرقة الجنوبي بدأ من شرقي حماة باتجاه محافظة دير الزور، حيث سيطرت على عشرات القرى الخالية من السكان، كما سيطرت على آبار نفط وغاز هامة. وتحاول هذه القوات قطع الطريق أمام قوات أخرى والتفرد بمعركة انتزاع محافظة دير الزور من "داعش"، إذ تحاول هذه القوات الوصول إلى مطار دير الزور العسكري والمحاصر منذ سنوات من قبل التنظيم مع أحياء من مدينة دير الزور قريبة من المطار لا تزال تحت سيطرة النظام.

في سياق آخر، يحاول تنظيم "داعش" الدفاع عن مواقع له في البادية السورية التي تتقدّم فيها قوات النظام ومليشيات موالية لها منذ نحو شهرين. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن "خطوط التماس الممتدة من جبال الشومرية في ريف حمص الشرقي وصولاً إلى الريف الشرقي لمدينة سلمية بريف حماة، تشهد عمليات عسكرية منذ فجر الأربعاء". وأشار المرصد إلى أن تنظيم "داعش" نفذ هجوماً في محاولة منه لتحقيق تقدّم في المنطقة، موضحاً أن الهجوم تركز على منطقة مكسر الحصان ومحيطها قرب جبال الشومرية ومحاور أخرى في ريف مدينة سلمية. وأكد المرصد أن معارك عنيفة تدور بين قوات النظام، وتنظيم "داعش"، مشيراً إلى أن مناطق في ريف مدينة سلمية تشهد قصفاً جوياً، منذ صباح أمس الأربعاء، في محاولة لصد هجوم التنظيم.


المساهمون