أحيا رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، سعد الحريري، اليوم الأربعاء، الذكرى الـ19 لاغتيال والده رفيق الحريري، في 14 فبراير/شباط 2005، وسط حشدٍ من مناصري تيار المستقبل، الذين دعوه إلى البقاء في لبنان والرجوع عن قرار الاعتكاف الذي اتخذه قبل عامين.
وتوجّه الحريري لمناصريه بالقول: "نبض البلد هنا، فحافظوا على البلد، وكل شي بوقته حلو، ونحنا سوا وأنا حدكم".
وامتلأت ساحة الشهداء في بيروت بحشد من مناصري "المستقبل" وداعمي سعد الحريري الذين توافدوا من مناطق لبنانية مختلفة لمطالبته بالرجوع عن قرار الاعتكاف، والعودة لممارسة عمله السياسي، وأقاموا لأجل ذلك حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "تعوا ننزل تيرجع".
ورفع المناصرون صور سعد الحريري، ووالده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، ولافتات تدعوه للبقاء في لبنان لما لوجوده بالنسبة إليهم من ضرورة و"طنية" و"طائفية"، خصوصاً أنّ أحداً لم يتمكّن من ملء الفراغ الذي تركه في "البيت السُنّي"، بحسب تعبيرهم.
وفي 24 يناير/كانون الثاني 2022، علّق الحريري عمله في الحياة السياسية، داعياً "تيار المستقبل" للقيام بالخطوة نفسها وعدم الترشح للانتخابات النيابية (في مايو 2022)، رابطاً خطوته باقتناعه بأن "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظلّ النفوذ الإيراني والتخبّط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة".
وعاد سعد الحريري إلى بيروت، مساء الأحد، للمشاركة في ذكرى اغتيال والده، بعد غياب عن المشهد السياسي بشكلٍ كليٍّ، بيد أنّ زيارته هذه السنة أتت مختلفة عن العام الماضي، إذ بدأها قبل ثلاثة أيام، وستستمرّ لنحو أسبوع، وقد فتح باب دارته "باب الوسط" للزوّار، وبحث معهم آخر المستجدّات على صعيد لبنان والمنطقة.
دلالات زيارة سعد الحريري
والتقى سعد الحريري بعد وصوله إلى العاصمة اللبنانية عدداً كبيراً من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والمرجعيات الدينية ورؤساء كتل نيابية، وذلك على وقع "عودة" مسؤولين وقياديين ونواب سابقين في "تيار المستقبل" إلى شاشات التلفزة بزخم، للحديث عن أهمية الحدث اليوم، من دون أن يحسموا ما إذا كان الحريري يحضّر أرضية استئناف عمله السياسي، خصوصاً قبيل الانتخابات البرلمانية المنتظرة عام 2026، مؤكدين أنه صاحب القرار الوحيد بذلك.
واعتبرت أوساط سياسية أن هذه المشهدية تحمل دلالات عدة، ولا تأتي من فراغ، خصوصاً أنها تتزامن مع تغيرات في المنطقة سيكون لبنان أحد أركانها من بوابة الحرب على غزة والجنوب اللبناني، والحريري دائماً يكون اسمه مرتبطا بأي تسوية سياسية تخصّ رئاستي الجمهورية والحكومة.
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ اللقاءات التي عقدها الحريري كانت إيجابية، وتم التطرق فيها إلى أبرز الملفات السياسية والأمنية في لبنان والمنطقة، وقد بدا رئيس "تيار المستقبل" أكثر تفاؤلاً بالمرحلة المقبلة، وذلك مقارنة بنظرته إلى الأحداث سابقاً، لكنه لم يطلع أي من الشخصيات التي التقاها على قراره سواء بالاستمرار بالاعتكاف أو استئناف نشاطه السياسي.
وعانى تيار المستقبل في الفترة الماضية من اهتزاز في قاعدته الشعبية، وشرخ كبير في صفوفه، وواجه صراعات داخلية على مستوى قياديي الصف الأول، انفجرت أكثر عند إعلان الحريري الاعتكاف، ما دفع بمسؤولين سياسيين وحزبيين إلى الاستقالة وترك التكتل، منهم من قرّر خوض غمار الانتخابات النيابية عام 2022 بصفته الشخصية، وبتحالفات مع أبرز خصومه السياسيين.
واغتيل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 في انفجار ضخم وقع قرب فندق السان جورج في وسط بيروت، أدى إلى مقتل 21 شخصاً آخرين، وإصابة 226 بجروح.
ودانت المحكمة الخاصة بلبنان، ذات الطابع الدولي، ثلاثة عناصر من "حزب الله" هم حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وسليم جميل عياش، غيابياً لدورهم في الاعتداء، وحكمت عليهم بخمسة أحكام متزامنة بالسجن المؤبد، علماً أنّ "حزب الله"، يمتنع عن تسليمهم، ويؤكد رفضه الاعتراف بالمحكمة الدولية والقرارات الصادرة عنها.