توجّه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد إلى شرق البلاد للمرة الأولى منذ بدء الغزو الروسي، فيما تحكم القوات الروسية قبضتها على المدن الرئيسية في منطقة دونباس.
ووفق صور نشرتها على الإنترنت الرئاسة الأوكرانية، يمكن رؤية زيلينسكي مرتديا سترة واقية من الرصاص ومحاطاً بجنود مسلحين، يزور أنقاض المباني المدمرة في خاركيف (شمال شرق)، ثاني كبرى مدن البلاد، ومحيطها.
وكتب زيلينسكي في منشور مرافق لمقطع فيديو عن زيارته عبر تطبيق تلغرام "2229 منزلاً مدمّراً في خاركيف وفي المنطقة. سنرمّم وسنعيد الإعمار وسنعيد الحياة إلى خاركيف وكافة المدن والقرى الأخرى حيث أتى الشرّ".
وقال "في هذه الحرب، يحاول المحتلّون الحصول على نتيجة مهما كانت. لكن يجب أن يدركوا منذ وقت طويل أننا ندافع عن أرضنا حتى النهاية. لن تكون لديهم أي فرصة. سنقاتل وسنربح".
في غضون ذلك، تقدمت القوات الروسية التي انسحبت من منطقة خاركيف وأعادت انتشارها جنوباً، نحو المدن الرئيسية في سيفيرودونيتسك وجارتها ليسيتشانسك في دونباس.
وأعلن الحاكم الأوكراني لمنطقة لوغانسك، سيرغي غايداي، أنّ "الوضع يزداد سوءاً في ليسيتشانسك"، وقال عبر تلغرام إنّ "قذيفة روسيّة سقطت على مبنى سكنيّ وقتلت فتاة على الفور ونُقل أربعة مصابين إلى المستشفيات".
وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، في 24 شباط/فبراير، طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية السبت الدخول في "مفاوضات مباشرة جدية" مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وإطلاق سراح 2500 مقاتل أوكراني كانوا متحصنين في مجمع آزوفستال الصناعي في ماريوبول (جنوب شرق) وسلموا أنفسهم إلى القوات الروسية.
من جهته، أكد بوتين بحسب ما أفاد الكرملين أن روسيا تبقى "منفتحة على استئناف الحوار" مع كييف لتسوية النزاع المسلح.
وعلى الصعيد العسكري، تشدد القوات الروسية الطوق على منطقة دونباس ولا سيما حول سيفيرودونيتسك حيث "شن العدو عمليات هجومية"، وفق ما جاء في تقرير صدر الأحد عن رئاسة أركان الجيش الأوكراني.
ومساء السبت أعلن حاكم لوغانسك أن "روسيا تستخدم كل وسائلها للسيطرة على سيفيرودونيتسك أو منع أي تواصل بين المنطقة وأوكرانيا"، وأقر بأن "الأسبوع المقبل سيكون صعباً جداً" لكنه اعتبر أن القوات الروسية "لن تتمكن من تحقيق كل ما تخطط له في مستقبل قريب".
من جانبه، أكد رئيس بلدية سيفيرودونيتسك أولكسندر ستريوك أن "الروس استقدموا وسائل كثيرة لاقتحام المدينة لكن لا يمكنهم القيام بذلك حتى الآن" مضيفا "نعتقد أن المدينة ستقاوم".
وكتب مساء السبت على تلغرام أن "القصف المتواصل" يجعل من الصعب إيصال إمدادات إلى المدينة ولا سيما مياه الشرب في حين أن الكهرباء مقطوعة عنها منذ أكثر من أسبوعين، مضيفا أن "مركز المساعدة الإنسانية" فيها علق نشاطه.
"خسائر فادحة"
وأكدت وزارة الدفاع الروسيّة في بيان أنّ قواتها دمّرت باستخدام صواريخ بعيدة المدى وعالية الدقة ترسانة مهمّة للجيش الأوكراني في منطقة دنيبرو (جنوب شرق).
وبحسب البيان، استهدفت روسيا بصواريخ من الطراز نفسه خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية نظام دفاع جويّ أوكرانيّ قرب ميكولاييف، في منطقة دونيتسك، ومحطة رادار قرب خاركيف وخمسة مستودعات ذخيرة قرب سيفيرودونيتسك.
وفي سوليدار، قرب خط المواجهة، يعيش السكان في خوف واستسلام، وقالت فالنتينا بافلينكو، 69 عاماً، لوكالة فرانس برس "أين يمكنني أن أهرب؟ إنهم يطلقون النار في كل مكان، أين يمكنك الهرب؟".
وحوّلت روسيا والقوات الانفصالية التابعة لها تركيزها الرئيسي على تطويق ليسيتشانسك وسيفيرودونيتسك، لإحكام سيطرتها على منطقة دونباس.
وكان سيرغي غايداي أفاد في وقت سابق أن "الجيش الروسي ببساطة يدمّر سيفيرودونيتسك"، مشيراً إلى أنه دخل ضواحي المدينة حيث تكبد "خسائر فادحة"، فيما تواصل القوات الأوكرانية محاولاتها لطرد الروس من فندق.
وجاء ذلك رداً على مسؤول في شرطة "جمهورية" لوغانسك الانفصالية الموالية لروسيا أعلن في تصريحات، نقلتها وكالة الأنباء الروسيّة ريا نوفوستي، الجمعة، أن "مدينة سيفيرودونيتسك محاصرة حالياً" والقوات الأوكرانية مطوقة فيها.
كذلك أعلن زعيم جمهورية الشيشان الروسية، رمضان قديروف، مساء السبت على تلغرام أن "سيفيرودونيتسك تحت سيطرتنا التامة... تم تحرير المدينة"، وإلى الغرب، أكدت وزارة الدفاع الروسيّة السبت السيطرة على بلدة ليمان التي تشكّل معبراً نحو مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك الكبريين في دونباس.
وكان زيلينسكي أقر الجمعة بأن "الوضع في هذه المنطقة من دونباس صعب جداً" في ظل القصف المدفعي والصاروخي المركز عليها، لكنه أضاف "إذا كان المحتلون يعتقدون أن ليمان وسيفيرودونيتسك ستصبحان لهم فهم مخطئون. دونباس ستكون أوكرانية".
"زعزعة الاستقرار"
وفي وقت تبدو فيه أوكرانيا غير قادرة حالياً على تصدير حبوبها بسبب الحصار المفروض على موانئها، أكد بوتين خلال اتصاله مع نظيريه الفرنسي والألماني استعداد بلاده للمساعدة في تصدير الحبوب من أوكرانيا "بلا قيود".
وأفاد الكرملين في بيان صدر في ختام المكالمة أن "روسيا مستعدة للمساعدة في إيجاد حلول من أجل تصدير الحبوب بلا قيود بما في ذلك الحبوب الأوكرانية الآتية من المرافئ الواقعة على البحر الأسود".
وقال بوتين إن الصعوبات المتصلة بالإمدادات الغذائية أسبابها "سياسية اقتصادية ومالية مغلوطة من جانب الدول الغربية، إضافة إلى العقوبات على روسيا".
وفي ماريوبول، التي تعرضت للقصف الروسي على مدى ثلاثة أشهر ودمرت بالكامل قبل أن تسقط الأسبوع الماضي، أعلنت وكالة الأنباء الروسيّة "تاس" السبت نقلاً عن هيئة إدارة الموانئ الموالية لروسيا دخول أول سفينة شحن إلى ميناء المدينة الواقعة في جنوب شرق أوكرانيا.
وعلّقت البحريّة الأوكرانيّة على فيسبوك واصفة الإعلان بأنّه "تلاعب" لأنّ مجموعات السفن الروسيّة "تواصل منع الملاحة المدنيّة في مياه البحر الأسود وبحر آزوف، متجاهلة قوانين الملاحة الدوليّة".
كذلك تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مواصلة دعم أوكرانيا "بما في ذلك المساعدة في تأمين المعدات التي تحتاج إليها"، في اتصال هاتفي السبت مع زيلينسكي، كما ذكر مكتبه.
في بروكسل، يدرس ممثلو الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الأحد، حلاً يرمي إلى إزالة العقبات من أمام حزمة عقوبات أوروبية سادسة ضد موسكو تتضمن حظراً على النفط الروسي بحلول نهاية العام.
وتعرقل هذه العقوبات الجديدة المجر، الدولة غير الساحلية التي تعتمد في ظلّ عدم قدرتها على الوصول إلى البحر على خطّ أنابيب دروجبا البريّ الذي يمرّ عبر أوكرانيا ويؤمّن 65 % من استهلاكها.
(فرانس برس)