كشفت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة، أن إضافة مصر كمحطة من محطات جولة المبعوث الأميركي لمنطقة القرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، والتي زارها يوم الخميس الماضي، جاءت بعد اتصالات مع المسؤولين في القاهرة، الذين طالبوا بتأكيد الموقف الأميركي بشأن المطالب المصرية المتعلقة بأزمة سد النهضة.
وبحسب المصادر التي تحدثت مع "العربي الجديد"، فإن مصر لم تكن من الدول المقررة ضمن جولة جيفري فيلتمان، والتي شملت الإمارات وتركيا، لبحث الأوضاع في إثيوبيا، والمعارك المندلعة بين القوات الحكومية والمتمردين في إقليم تيغراي.
مصر بحثت قضية تنفيذ مراحل ملء سد النهضة والعلاقات مع إثيوبيا مع الإمارات والسعودية
وأضافت المصادر، أن التحرك الأميركي نحو الإمارات وتركيا، يأتي في إطار محاولات عرقلة توسّع النفوذين الروسي والصيني في إثيوبيا لصالح حكومة أبي أحمد، كاشفة أن الولايات المتحدة كانت تدعم بشكل أساسي مطالب إقليم تيغراي.
كما أنها تعلم جيداً حجم الدعم والمساعدات العسكرية المباشرة المقدمة من أنقرة وأبوظبي لصالح القوات الحكومية هناك.
وأوضحت المصادر أن مطلب مصر بإضافة القاهرة ضمن محطات جولة المبعوث الأميركي جاء في إطار رغبة المسؤولين لإظهار قوتها، بشكل غير مباشر، وبما لا يخرجها من الترويج لتأثيرها في القارة الأفريقية.
وكشفت المصادر أن تقارير استخباراتية عدة روّجت لتقديم مصر دعماً مباشراً لمقاتلي "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، تنوّعت أشكاله ما بين دعم فني واستخباري وصولاً إلى التسليح.
إثيوبيا تواصل مراحل ملء سد النهضة
وحول التطورات الأخيرة المرتبطة بسد النهضة، كشف مصدر دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد"، أن القاهرة تلقت تأكيدات من جانب واشنطن بشأن دعم عملية التفاوض الخاصة بالملف المائي مع إثيوبيا، خصوصاً مع استمرار مراحل ملء سد النهضة، للوصول إلى اتفاق ملزم لكافة الأطراف ويراعي مصالح الجميع.
وأشار المصدر إلى أن التحركات المصرية التي تقوم بها القاهرة على صعيد الأوضاع الداخلية في إثيوبيا، تواجه بتحركات مضادة من الدول صاحبة المصالح الاقتصادية هناك.
وقال المصدر: "الجميع يبحث عن مصالحه، وربما كان ذلك سبباً في توتر العلاقات بين مصر وبعض الدول الصديقة خلال الفترة الأخيرة".
وأوضح المصدر أن "زيارة فيلتمان للمنطقة، تحديداً للدول صاحبة التحركات الفعلية على الأرض في إثيوبيا، ربما يكون هدفها إنهاء الخلافات والتوصل إلى رؤية تضمن مصالح الجميع، بالشكل الذي يحفظ الأمن في منطقة القرن الأفريقي من جهة، ويقطع الطريق على المحاولات الصينية والروسية لمنازعة المصالح الأميركية هناك من جهة أخرى".
وأشار المصدر إلى أن قضية تنفيذ مراحل ملء سد النهضة والعلاقات مع إثيوبيا ودعم الحكومة الإثيوبية، جميعها كانت محل تباحث بين مصر وبعض الأطراف أخيراً، على رأسها الإمارات والسعودية.
ونوّه المصدر إلى أنه "جرى طرح الأمر في مناقشات تمّت على المستوى الاستخباري بين مسؤولين في تركيا ومصر، بشأن استئناف مباحثات تطبيع العلاقات بين البلدين".
وأكد المصدر أن "أطرافاً خليجية أبدت صعوبة في تحديد موقفها، ما بين دعم حق مصر في الحفاظ على أمنها المائي، في ظلّ استمرار إثيوبيا في تطبيق مراحل ملء سد النهضة، ومصالحها في حماية استثماراتها في إثيوبيا".
وكان المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، قد أعلن أن فيلتمان سيقوم بجولة تشمل الإمارات وتركيا ومصر، لبحث الأوضاع في إثيوبيا، ومناقشة الدعم الدولي للجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع في إثيوبيا.
ودعت الولايات المتحدة مراراً أطراف الصراع إلى إنهاء الاشتباكات على الفور، لكن القتال مستمر بين الحكومة الإثيوبية والجماعات المتمردة، وفي مقدمتها "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي".
زار فيلتمان مصر في مايو بعد اكتمال أشغال بناء سد النهضة
في غضون ذلك، اتهمت إثيوبيا الولايات المتحدة وحلفاءها باتباع نهج هدام، بعد أن دان الأميركيون وخمس دول غربية (بريطانيا وكندا وأستراليا والدنمارك وهولندا)، في بيان مشترك، أعمال العنف في إثيوبيا، الأسبوع الماضي.
وقالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء بيلين سيوم أخيراً، إن الإجراءات لا تستهدف "أي مجموعة معينة من الناس على أساس هويتهم العرقية، والاعتقالات تتمّ استناداً إلى أدلة وشهادات موثوقة"، معتبرة أن "التلميح في هذا الصدد مضلل".
زيارة سابقة على وقع استمرار ملء سد النهضة
وسبق لفيلتمان أن زار القاهرة في مايو/أيار الماضي لبحث تطورات ملف سد النهضة، وكان في استقباله وزيرا الخارجية سامح شكري، والريّ محمد عبد العاطي، والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي شدّد على موقف مصر الثابت من أزمة سد النهضة.
وجاءت زيارة المبعوث الأميركي وقتها ضمن جولة شملت إريتريا وإثيوبيا والسودان، لبحث تسوية سلمية في المنطقة لعدة ملفات، وبعد أيام من إعلان إثيوبيا قرب اكتمال أشغال بناء سد النهضة وبدء التعبئة الثانية في موعدها، رغم الرفض المصري والسوداني، بسبب التعنت الإثيوبي في مختلف مراحل ملء سد النهضة.
ووصفت واشنطن حينها الزيارة بأنها تؤكد عزم الإدارة الأميركية الحالية على مواصلة الجهود الدبلوماسية المستمرة للتغلب على الأزمات السياسية والأمنية والإنسانية في القرن الأفريقي.