زيارة ثانية لمشعل إلى السعودية...ومصر تتوسّط لتطبيع العلاقة بـ"حماس"

26 يوليو 2015
بركة: زيارة مشعل الثانية للسعودية مرجّحة الشهر المقبل(العربي الجديد)
+ الخط -
تسعى حركة "حماس" منذ بداية الربيع العربي للحفاظ على "إجماع عربي وإسلامي" حول القضية الفلسطينيّة. لا يختلف الوضع كثيراً بعد أكثر من أربع سنوات على انطلاق الانتفاضات في عدد من البلدان العربيّة. في الوقت عينه، تسعى الحركة لتجنّب حصار سياسي إلى جانب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة.

في سياق "جمع طاقات الأمة العربية والإسلامية لصالح القضية الفلسطينية وفتح صفحة جديدة" وضعت قيادة "حماس" زيارة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل إلى السعوديّة. ترفض الحركة ربط هذه الزيارة بالاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية، "ففي الأسبوع الأول من شهر فبراير/ شباط الماضي اتصل أبو الوليد (مشعل)، بالديوان الملكي وتحدث مع الملك سلمان وطلب الزيارة واتفق عليها، لكن تم تأجيل الموعد بسبب انشغال قيادة المملكة بالحرب في اليمن"، بحسب ما يقول ممثل حركة "حماس" في لبنان علي بركة لـ"العربي الجديد". وفي هذا المجال، يُعيد بركة التأكيد أن السعودية لم تطلب بأي شكلٍ من الأشكال، أي دعم لعمليتها العسكرية في اليمن أو للشعب اليمني، "وحماس لا تُشارك بأي معارك أو حروب خارج فلسطين".

إذاً، زيارة مشعل إلى السعوديّة كان متفقاً عليها قبل الاتفاق النووي، وهي برأي "حماس" زيارة ناجحة، إذ تحقق منها هدفاها الأساسيان "فتح صفحة جديدة في العلاقة بيننا بعد انقطاع دام لنحو أربع سنوات، فآخر زيارة لأبو الوليد كانت في رمضان العام 2011، والإفراج عن كوادر في الحركة يعملون في السعودية في المجال الخيري لمساعدة أهل غزة المحاصرين"، بحسب بركة. ويلفت بركة إلى أن مشعل طلب خلال لقائه بالملك سلمان الإفراج عن كوادر الحركة "واستجاب الملك مشكوراً وأمر بالإفراج عنهم صباح العيد".
ويؤكّد بركة أن وفد الحركة أجرى مع المسؤولين السعوديين لقاءات عدة، وأبرزهم الملك السعودي وولي العهد وولي ولي العهد ورئيس جهاز الاستخبارات السعودية. وتم بحث ملفات أخرى من أهمها المصالحة الفلسطينية، حصار قطاع غزة وإعادة إعمار القطاع المدمر نتيجة الاعتداءات الاسرائيليّة. ويلفت بركة إلى أنه جرى الاتفاق على زيارة عمل جديدة "يُرجح أن تكون الشهر المقبل"، لوفد يرأسه مشعل بهدف بحث هذه الملفات تفصيلياً.

اقرأ أيضاً: السعودية تطلق معتقلي "حماس" بعد زيارة مشعل 

أما في ما يخصّ مبادرة السلام العربية، فأكّد بركة أن "حماس" "لم توافق عليها ولن توافق على مبادرة تنتقص من الحقوق الفلسطينية. والمبادرة العربية تضع إسرائيل ضمن الجهات التي تشترك في حلّ قضية اللاجئين، وبالتالي تقبل وجود فيتو إسرائيلي على حق العودة وهو ما لن نقبل به، رغم أن المملكة تحرص على موافقة جميع الفصائل الفلسطينية على المبادرة".

"مفاجآت" حركة "حماس" لا تنتهي في إعادة ترتيب العلاقة مع السعوديّة، بل إن هناك تطوراً جدياً في العلاقة مع مصر، وهو ما يؤكّده بركة. ويلفت إلى أنه في شهر أبريل/ نيسان الماضي زار رئيس جهاز الاستخبارات المصرية اللواء خالد فوزي الدوحة، والتقى المسؤولين القطريين وطلب منهم التوسط مع "حماس" لتطبيع العلاقة، وحدد ثلاثة شروط مصرية هي: عدم التدخل في الشأن المصري الداخلي، ضبط حدود قطاع غزة مع سيناء، والتعاون الأمني لمنع أي أعمال "إرهابية" ضد الجيش المصري في سيناء. وبحسب بركة، وافقت "حماس" على هذه الشروط، لأن "أمن مصر مصلحة فلسطينيّة، ونحن نعتبر مصر العمق الطبيعي لغزة وفلسطين، وهي خط الدفاع الأول عن فلسطين". أمّا شروط "حماس" في المقابل، فكانت فتح معبر رفح وعدم تصنيفها كحركة إرهابية، "لأننا حركة تحرر وطني".
ويُشير بركة إلى حصول سلسلة لقاءات في القاهرة بين مسؤولين من "حماس" وعلى رأسهم نائب رئيس المكتب السياسي في الحركة ومسؤول ملف العلاقات الخارجية موسى أبو مرزوق والسلطات الفلسطينية، وجرى التفاهم على تطبيع العلاقات لما فيه "مصلحة الشعبين". ويؤكّد بركة أن العلاقة بدأت في التحسن وحصلت انفراجات كبيرة، وجرى فتح معبر رفح أكثر من مرة قبل وخلال شهر رمضان أمام حركة الناس والبضائع، ومنها مواد بناء في سياق إعادة إعمار القطاع، "ونأمل استمرار فتح المعبر كمؤشر لتحسّن العلاقة". أمّا في ما يخصّ الأزمة القائمة بين النظام المصري وتنظيم الإخوان المسلمين، "فهذه مشكلة داخليّة ونؤيّد الحلّ السياسي لها"، يقول بركة.

اقرأ أيضاً زيارة "حماس" للسعودية: خط اتصال مفتوح ووعود بإعادة الإعمار 


في الانتقال إلى الوضع الفلسطيني في لبنان، خصوصاً وضع المخيمات الفلسطينية التي تشهد أحداثاً أمنية متكررة، يرى بركة أن وضع المخيمات "مركّب ومعقّد، ولا نستطيع فصل العامل الأمني عن العوامل الاقتصادية والسياسيّة والاجتماعية والقانونيّة". لكنه يؤكّد أن قضيّة اللاجئين قضية سياسيّة بامتياز، وهي "مشكلة عربية ـ إسرائيليّة، ولا نريدها أن تتحوّل إلى مشكلة فلسطينيّة ـ عربيّة". يتحدث ممثل "حماس" في لبنان عن وجود "حرب تصفية دوليّة" بحق اللاجئين ومخيمات اللجوء، ولها أشكال مختلفة برأيه.
ويتحدث بركة عن سعي دولي إلى إنهاء قضية اللاجئين عبر التوطين والتعويض للاجئ والدولة المضيفة، وليس عبر حق العودة، "وهذا ما نصّت عليه المبادرة الفرنسية". ويعتبر أن هناك أشكالاً مختلفة لتهجير اللاجئين من لبنان (على سبيل المثال)، لأنه يرفض التوطين، كما يرفض الفلسطينيون ذلك ويؤكّدون على حق العودة. وفي هذا السياق، يضع الأحداث الأمنية المتكررة في المخيمات، "التي تبدأ فردية ثم تجد من يموّلها ويزوّد أطرافها بالذخيرة ويستثمر بها لصالح مشاريع خارجية". ويُعطي مثالاً على ذلك، تدمير مخيم نهر البارد، شمال لبنان، "وقد كان فيه 35 ألف لاجئ، ولم يعد إلا عشرة آلاف، وقد غادر بضعة آلاف لبنان، كما أن مخيم اليرموك في سورية كان فيه 280 ألف لاجئ ولم يعد يوجد فيه سوى 5 آلاف". ويُشير بركة إلى أن 200 ألف لاجئ فلسطيني غادروا سورية، معتبراً أن "الحروب وتهجير الفلسطينيين والتضييق الإنساني والاستهدافات الأمنية تؤدي إلى شطب المخيمات".
الوجه الآخر لضرب المخيمات، هو تقليص المنح المالية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

يعتبر بركة إجراءات "الأونروا" التقشفية غير بريئة، "فبعد إلغاء مساعدة اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية (100 دولار شهرياً)، فتحت الوكالة باب الاستقالة والتعويض للموظفين، وأقفلت باب التوظيف. كما رفعت عديد الطلاب في صفوف مدارسها من 30 إلى 45 في الصف، بسبب نقص الأساتذة". ويلفت إلى أن بعض مسؤولي "الأونروا" قالوا بإمكانية تأجيل العام الدراسي أربعة أشهر، وفي العادة يبدأ العام الدراسي في مدارسها في شهر سبتمبر/ أيلول، وقد يتم تأجيله هذا العام إلى بداية عام 2016.
كما ينقل بركة ما وصل لـ"حماس" من سعي لتحويل "الأونروا" من وكالة دولية إلى عربية، من خلال نقلها من الأمم المتحدة إلى جامعة الدول العربية، وهو ما يعني تحويل قضية اللجوء من قضية دوليّة إلى مشكلة عربية. وهنا، يدعو بركة السلطات اللبنانية ورئيسي مجلس النواب والحكومة ووزراء الخارجية والتعليم والصحة إلى التحرك لمنع هذا الأمر، لأن ذلك يعني انفجار قضية اللاجئين بوجه لبنان، فهناك "37 ألف طالب في مدارس الأونروا و450 ألف لاجئ يستفيدون من تقديماتها الصحية". وأضاف: "نتمنى على جميع القوى أن تنضم إلينا في تحركاتنا التي ستبدأ يوم الاثنين لمواجهة هذا الأمر".

وحول موضوع وجود مجموعات متطرفة داخل المخيمات، يعتبر بركة أن المخيمات الفلسطينية مثل لبنان، وفيها ما فيه، "ونحن نتعاون مع السلطات اللبنانيّة لبسط سلطة القوة الأمنية المشتركة ومنع تحويل المخيمات إلى صندوق بريد". ويُضيف أن المخيمات منقسمة مثل لبنان حول الملف السوري "لكن الفلسطينيين لم يتورطوا مثل اللبنانيين في سورية، ونحن نسعى لمنع أي انفجار أمني إن داخل المخيمات أو بين المخيمات ومحيطها تحت عناوين مذهبية". ويؤكّد بركة على ضرورة تحييد المخيمات عن الصراع اللبناني، ورداً على سؤال عن وجودٍ لسرايا المقاومة في المخيمات، يدعو الأحزاب اللبنانية لعدم نقل خلافاتها إلى داخل المخيمات، ويؤكّد أن "حماس على صلة جيدة بكل الأحزاب اللبنانيّة".

المساهمون