- يواجه دي ميستورا تحديات بسبب الجمود في العملية السياسية وصعوبة جمع جميع الأطراف على طاولة المفاوضات، مما يعقد مهمته في تحقيق تقدم.
- تحركاته المكوكية تهدف إلى تحضير تقريره نصف السنوي لمجلس الأمن الدولي في 16 إبريل/نيسان، حيث سيناقش المجلس الوضع في الصحراء ويستمع لإحاطته حول التطورات والتحديات.
فتح توالي زيارات مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، في الآونة الأخيرة إلى عدد من العواصم العالمية الباب أمام تساؤلات عدة حول مراميها وما إذا كانت ستسهم في دفع الجهود الرامية إلى استئناف المفاوضات، بهدف تحقيق "حل سياسي عادل ودائم ومقبول".
وبدا لافتاً، خلال الأيام الماضية، تكثيف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء زياراته ومباحثاته مع مسؤولي عدد من الدول، كان آخرها زيارته أمس الثلاثاء إلى العاصمة نواكشوط، حيث أجرى مباحثات مع وزيرين في الحكومة الموريتانية، وهما وزير الشؤون الخارجية والتعاون محمد سالم ولد مرزوك، ووزير الدفاع الوطني حننه ولد سيدي، انصبت على مستجدات الوضع المتعلق بالنزاع الإقليمي حول الصحراء.
وقبل ذلك، أجرى دي ميستورا في 25 مارس/ آذار الماضي بالعاصمة البريطانية لندن محادثات مع كاتب الدولة للشؤون الخارجية البريطانية، اللورد طارق أحمد، الذي أعلن أن بلاده تواصل دعم عمل المبعوث الأممي وعمل بعثة "مينورسو" في الصحراء، وتواصل تشجيع المشاركة البناءة في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.
وكان دي ميستورا قد أجرى في 11 مارس/ آذار الماضي زيارة إلى موسكو، بدعوة من السلطات الروسية، حسب ما أورده الموقع الرسمي للأمم المتحدة، وهي الزيارة التي بحث خلالها مع وزير الخارجية سيرغي لافروف، ونائبه سيرغي فيرشينين، آفاق عملية التسوية في الصحراء، كما تم تبادل وجهات النظر حول آفاق استئناف العملية السياسية، مع الأخذ في الاعتبار اتصالات دي ميستورا الأخيرة مع جميع الأطراف المعنية.
وفي نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، أجرى دي ميستورا زيارة غير مسبوقة إلى جنوب أفريقيا استجابة لدعوة من حكومتها لمناقشة قضية الصحراء. وهي الزيارة التي أعلنت الرباط رفضها القاطع لها وتحذيرها من تداعياتها على العملية السياسية في المنطقة.
وتأتي زيارات دي ميستورا المتوالية إلى عدد من العواصم العالمية في وقت تتواصل فيه حالة الجمود التي تعرفها العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، بعد أن عجز عن إقناع أطراف النزاع باستئناف ما بدأه سلفه، الألماني هورست كوهلر، من مساعٍ دبلوماسية أثمرت عن جمع المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة "البوليساريو" على طاولة المفاوضات في سويسرا، في ديسمبر/ كانون الأول 2018، وفي مارس/ آذار 2019.
ويواجه دي ميتسورا منذ تعيينه في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2021 تعقيدات مختلفة إقليمية ودولية. وتبقى من أبرز التحديات الرئيسية التي تواجهه هي كيفية جلب جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات، حيث يدعو القرار الأممي الصادر في نهاية أكتوبر الماضي إلى استئناف المفاوضات، بهدف تحقيق "حل سياسي عادل ودائم ومقبول"، لكنه لم يتمكن حتى الآن من جلبها إلى طاولة مفاوضات مستديرة.
-
"دي ميستورا يتجاوز قرارات مجلس الأمن الدولي"
وفي السياق، يعتقد مدير "مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية"، عبد الفتاح الفاتحي، أن الزيارات التي قام بها دي ميستورا إلى عدد من العواصم تتم بجدول أعمال حر وبدون تنسيق مع الأطراف الأساسية في النزاع، وهو ما اعتبر تجاوزاً لتوصيات قرارات مجلس الأمن الدولي، إلى درجة أنه أثار انزعاج المملكة المغربية حين لبّى دعوة جنوب أفريقيا لمناقشة ملف الصحراء، لا سيما أن لـ"جوهانسبورغ" مواقف عدائية تجاه المملكة فيما يخص قضية الصحراء.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، يرى الفاتحي أن المبعوث الشخصي، وإن حاول أن يحدث فارقاً في زياراته المكوكية التي بدأها بزيارة إلى جنوب أفريقيا وأخرى إلى روسيا تطرقت مناقشاتها لملف الصحراء، إلا أن زيارته لموريتانيا بدت وكأنها خروج عن نص توجيهات توصيات قرارات مجلس الأمن الدولي التي أكدت أن أي مفاوضات حول الصحراء يجب أن تتم على أساس جلوس الأطراف المعنية إلى الموائد المستديرة، التي ابتكرها المبعوث الشخصي السابق هورست كوهلر.
ويعتبر الفاتحي أن الزيارة التي قادت دي ميستورا إلى نواكشوط لا تخرج عن مشاورات إعداد التقرير نصف السنوي الذي يقدمه المبعوث الشخصي إلى الصحراء أمام مجلس الأمن الدولي خلال جلسة 16 إبريل/ نيسان الحالي، موضحاً أنه باعتبار موريتانيا أحد الأطراف المراقبة حول الصحراء، فإن المبعوث الشخصي يحرص على القيام بزيارات لتقييم المواقف السياسية بخصوص تطورات ملف الصحراء.
ويخلص إلى أن الزيارة تبقى عادية في سياق الزيارات التي يقوم بها دي ميستورا وفي سياق لم يحرز فيه اختراقاً سياسياً لحل النزاع على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي.
إلى ذلك، ينتظر أن يناقش مجلس الأمن الدولي، في جلسة مشاورات دورية مغلقة مرتقبة في 16 إبريل/ نيسان الحالي، الوضع في الصحراء، وهي الجلسة التي ستعرف تقديم دي ميستورا إحاطته حول التطورات التي شهدتها القضية منذ قرار مجلس الأمن الدولي تمديد بعثة "مينورسو" لعام واحد في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأهم المحطات التي مرت بها، وجهوده شخصياً خلال الأشهر الستة الماضية، ولقاءاته مع مختلف الأطراف، كما سيقدم تصوراته للحل.
كذلك ستعرف الجلسة تقديم ممثل الأمين العام الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة "مينورسو"، ألسكندر إيفانكو، إحاطته بشأن عمل البعثة الميداني على الأرض والعراقيل التي تواجهها، وأهميتها في توفير جو مناسب للدفع بالعملية السياسية وحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.