زعيم "البوليساريو" يواجه اتهامات بـ"الاختطاف والتعذيب"

04 مايو 2021
نُقل غالي في طائرة خاصة من الجزائر نحو إسبانيا (Getty)
+ الخط -

يواجه زعيم جبهة "البوليساريو"، إبراهيم غالي، الذي يتلقى العلاج في أحد المستشفيات بمنطقة لوغرونيو (القريبة من سرقسطة الإسبانية) أوقاتاً صعبة، بعد أن أمر قاضي التحقيق في مدريد، سانتياغو بيدراز غوميز، بالاستماع إليه يوم غدٍ الأربعاء، على خلفية شكوى تتضمن اتهامات بـ"الاختطاف والتعذيب".

وكشفت وسائل إعلام إسبانية عن أن قرار استدعاء زعيم الجبهة للمثول أمام قاضي التحقيق في إسبانيا، جاء بعد شكوى تقدّم بها المعارض السياسي لقيادة "البوليساريو" فاضل بريكة، الذي يحمل الجنسية الإسبانية، اتهم فيها غالي بالمسؤولية عن اختطافه خلال الفترة من 18 يونيو/ حزيران 2019 إلى 10 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه.

وقال بريكة، في تصريح لوكالة "المغرب العربي" للأنباء، أمس الاثنين: "لقد جرى اختطافي قرابة خمسة أشهر، وتعرضت للتعذيب في سجون مخيمات تندوف لسبب بسيط، هو أنني طالبت بالكشف عن مصير أحمد خالد الذي اختُطف من قبل المخابرات الجزائرية منذ يناير 2019"، لافتاً إلى أنه من خلال هذه الشكوى، ومثول غالي وغيره من قادة "البوليساريو" أمام القضاء، "يطالب بتحقيق العدالة لجميع ضحايا فظائع البوليساريو".

وتضمنت الشكوى التي تقدم بها بريكة ضد زعيم الجبهة، كذلك أسماء قياديين في الجبهة، من أبرزهم البشير مصطفى السيد، المستشار السياسي لغالي، وسيدي أحمد البطل.

وأثار وجود زعيم "البوليساريو" في إسبانيا للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا مطالب حقوقية بتفعيل إجراءات توقيفه، على خلفية التحقيقات التي كانت قد أجرتها المحكمة الوطنية الإسبانية معه خلال عام 2008، ثم مرة أخرى عام 2016، وذلك في ما يتعلق بتهم "إبادة جماعية وجرائم أخرى" منسوبة إليه، بموجب ادعاءات ضده رفعتها جماعات صحراوية منشقة عن الجبهة الانفصالية التي يتزعمها.

وبحسب الباحث في الشؤون الصحراوية، نوفل البعمري، فإنه خلافاً لما وقع في مرات عدة حينما حُفظَت الشكاوى التي قُدِّمَت لعدم قدرة القضاء الإسباني على الوصول إلى غالي، فإن وجوده اليوم على الأراضي الإسبانية، ومعرفة عنوانه ومكان وجوده، يسقطان حجة عدم الاستماع إليه وإحضاره أمام قاضي التحقيق.

وقال البعمري، في حديث مع "العربي الجديد": "نحن أمام امتحان حقيقي، امتحان استقلالية القضاء الإسباني وعدم التحكم فيه والتدخل في قراراته من طرف الحكومة الإسبانية وعرقلة الوصول إليه أو السماح له بالهروب من إسبانيا".

من جهته، أبدى الباحث في العلاقات الدولية بوبكر أونغير، مخاوفه من أن تكون المبادرة القضائية نوعاً من التكفير السياسي عن خطأ مدريد، أكثر منه رغبة حقيقية في إحقاق العدالة الدولية، خصوصاً أنّ "من المستبعد جداً اعتقال زعيم الانفصاليين على الأراضي الإسبانية، لأن ذلك من شأنه أن يقوّض الاتفاق السري بين الجزائر والحكومة الإسبانية بخصوص نقله للعلاج"، معتبراً، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "خطوة الاستماع إلى غالي من طرف القضاء الإسباني تبقى هزيمة سياسية مزدوجة مني بها الجانبان الجزائري والإسباني".

وتابع:" يتعين على المغرب وباقي المنظمات الحقوقية الدولية الضغط على إسبانيا وعلى المجتمع الدولي من أجل تقديم غالي إلى المحكمة الجنائية الدولية، لأنها مختصة بالنظر في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها غالي ضد المدنيين العزل".

وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، قد تساءل، في مقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية السبت الماضي، عن دور القضاء في التحرك ضد غالي، الذي رفعت ضده جمعية حقوقية دعوى في المحكمة الوطنية في مدريد، وكذلك عن رغبة إسبانيا في التضحية بالعلاقات الثنائية بين البلدين بسبب ملف زعيم "البوليساريو"، مؤكداً في الوقت ذاته "عدم توصل المغرب لجواب مقنع بشأن استقبال إسبانيا لإبراهيم غالي".

وانتقد الوزير بشدة "تصرف مدريد باستقبالها إبراهيم غالي في طائرة طبية، بينما سكان مخيمات تندوف المحاصرة يعانون من غياب أبسط الشروط لمواجهة جائحة كورونا".

وكانت وسائل إعلام إسبانية قد كشفت عن أن زعيم "البوليساريو" أدخل إلى مستشفى بلدة لوغرونيو، في 21 إبريل/ نيسان الماضي، بسبب صعوبات شديدة في التنفس، وأنه لم يكشف هويته الحقيقية لإدارة المستشفى، وقدّم هوية جزائرية مزورة، تحمل اسم محمد بن طبوش.

ونُقل غالي في طائرة خاصة من الجزائر نحو إسبانيا على وجه السرعة، بسبب تدهور حالته الصحية وصعوبة تعامل المستشفيات الجزائرية مع حالته.

وجاء اختيار إسبانيا بعد رفض ألمانيا، التي تمرّ علاقاتها بالرباط بحالة توتر، استقبال زعيم "البوليساريو"، خلافاً لما كان عليه الحال مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أو مسؤولين في الجبهة.

المساهمون