روسيا وأوكرانيا تترقبان الانتخابات الرئاسية الأميركية: الميدان يحسم

25 يوليو 2024
جنديان أوكرانيان على جبهة دونيتسك، أمس الأول (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- روسيا وأوكرانيا تترقبان نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وتأثيرها على الدعم الأميركي لأوكرانيا، مع ترشيح كامالا هاريس بدلاً من بايدن ومواقفها المتشددة تجاه موسكو.
- مكسيم يالي يرى أن فوز ترامب قد يزيد الدعم لأوكرانيا إذا رفض بوتين التفاوض، بينما فوز هاريس سيستمر في السياسات الحالية لمنع هزيمة أوكرانيا دون تحقيق نصر.
- المحلل مالك دوداكوف يعتقد أن فوز ترامب سيركز على الأزمات الداخلية الأميركية، بينما روسيا تواصل تحقيق أهدافها العسكرية بغض النظر عن نتائج الانتخابات.

مع بقاء أشهر معدودة على موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وسط حملة دراماتيكية تخللها انسحاب الرئيس جو بايدن، وترشيح نائبته كامالا هاريس بديلاً عنه، تترقب السلطات الروسية والأوكرانية نتائج الاستحقاق وتأثيره على الدعم الأميركي المقدم لأوكرانيا وفرص إنهاء الحرب أو تجميد النزاع على الأقل. وفي الوقت الذي وعد فيه الرئيس السابق دونالد ترامب مراراً بإنهاء الحرب في أوكرانيا "خلال 24 ساعة" إذا وصل إلى البيت الأبيض، تُعرف هاريس بتبنيها مواقف متشددة حيال موسكو ودعواتها إلى دعم كييف دعماً كاملاً، وبذل جهود دولية من أجل تحقيق سلام عادل، واتهامها موسكو بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والتسبب في وفاة المعارض السياسي أليكسي نافالني، في فبراير/شباط الماضي. وثمة شكوك في موسكو وكييف على حد سواء في أن يؤدي فوز ترامب إلى أي تغيير هام للوضع في أوكرانيا، بعد دخول النزاع الروسي الأوكراني مرحلة حرب الاستنزاف بلا نهاية في الأفق المنظور.

مَن يستفيد مِن فوز ترامب؟

رجّح الأستاذ في قسم العلاقات الدولية في "الجامعة الوطنية للطيران" في كييف، مكسيم يالي، أن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية لن يؤدي إلى تراجع الدعم الأميركي لكييف، من دون أن يستبعد حتى احتمال زيادته في حال رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شروط التفاوض التي ستُوضع أمامه. وقلّل من واقعية وعود ترامب بسرعة إنهاء الحرب وتجميد النزاع، قائلاً: "لنتذكر ولايته الأولى، عندما وصلت المفاوضات حول أوكرانيا إلى مأزق، رفع ترامب الحظر عن توريد الأسلحة الفتاكة إلى أوكرانيا، وسلمها صواريخ جافلين المضادة للدبابات، والتي أدت دوراً هاماً للغاية في المرحلة الأولى من الحرب الشاملة عند التصدي للهجمات على كييف. وهذه المرة أيضاً، إذا لم يقبل بوتين بشروط ترامب للتفاوض، فسنحصل على دفعات جديدة من الأسلحة ستعزز موقفنا في المفاوضات".

قلل مكسيم يالي من واقعية وعود ترامب بسرعة إنهاء الحرب وتجميد النزاع

وحول رؤيته للسياسات الأميركية حيال الحرب في أوكرانيا في حال فوز هاريس في الانتخابات الرئاسية الأميركية قال يالي: "لم يضع بايدن استراتيجية لنصر أوكرانيا، بل كان يكتفي بأنصاف الإجراءات المتأخرة، بينما تمكنت روسيا من إيجاد حلفاء يسدون لها نقص الأسلحة والذخيرة، وفي مقدمتهم إيران وكوريا الشمالية. يمكن أن نفترض أن هذه السياسات لن تتغير في حال فوز هاريس في الانتخابات الرئاسية الأميركية مع استمرار استراتيجية الاكتفاء بمنع هزيمة أوكرانيا بلا نصر على روسيا خشية من ترسانتها النووية وعليها".

وفي موسكو، توقع المحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي مالك دوداكوف، أن يعزز فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية وتركيزه على معالجة الأزمات الداخلية الأميركية مواقف واشنطن على الساحة الدولية من دون تأثير مباشر على مسار النزاع الروسي الأوكراني الذي بات، وفق اعتقاده، مرهوناً بالدرجة الأولى بالوضع في الميدان لا الانتخابات الأميركية. وقال دوداكوف، في حديث لـ"العربي الجديد": "يبقى ترامب هو المرشح الأوفر حظاً بالفوز بالرئاسة، متفوقاً بفارق ملحوظ على هاريس مثلما كان يتفوق على بايدن، وإن كان يجب الإقرار بأن فرص هاريس قد تتحسن في حال إيجاد نائب قوي لها خلال الأشهر المتبقية". وقلل من أهمية المزاعم بأن فوز ترامب سيخدم المصالح الروسية، مضيفاً: "صحيح أن مقترحات ترامب بشأن إجراء مفاوضات حول أوكرانيا تثير إعجاب موسكو، ولكن تركيزه على تسوية الأزمات الخاصة بالولايات المتحدة نفسها سيعزز مواقع واشنطن في التنافس مع موسكو وبكين وغيرهما من القوى على الساحة الدولية".

مالك دوداكوف: الوضع الميداني هو الذي سيحدد التطورات في أوكرانيا

وخلص إلى أن الوضع "على الأرض" هو الذي سيحدد التطورات في أوكرانيا، قائلاً: "في حال حققت روسيا نجاحات قابلها فشل القوات المسلحة الأوكرانية، سيقتنع الإستبلشمنت الأميركي تدريجياً بانعدام الجدوى من الاستمرار في دعم النظام في كييف وسيدرك ضرورة تغيير سياساته".

لا تغيير متوقعاً جراء الانتخابات الرئاسية الأميركية

من جهته، قلل سيرغي ميركين، وهو صحافي متحدر من مقاطعة دونيتسك الواقعة في الشرق الأوكراني والتي ضمتها روسيا في عام 2022، من أهمية تأثير الواقع السياسي الجديد في الولايات المتحدة على مشروع "أوكرانيا الميدان"، في إشارة إلى توجه كييف نحو التكامل مع الغرب بعد أحداث "الميدان الأوروبي" في العاصمة الأوكرانية وسقوط الرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش بداية عام 2014.

وفي مقال بعنوان "كيف يؤثر ما يجري في الولايات المتحدة على الميدان الأوكراني؟" نشر بصحيفة فزغلياد الإلكترونية الموالية للكرملين، أخيراً، رأى ميركين أن "هذا المشروع في حد ذاته مولود للغرب الجماعي، ولكن بالدرجة الأولى لإدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وأشرف عليه بشكل مباشر نائبه آنذاك جو بايدن"، متسائلاً عما إذا كان الغياب السياسي لهذا الأخير سيعني نهاية للمشروع؟ واعتبر أن أوكرانيا المعادية لروسيا بمثابة "مشروع عالمي يهدف إلى خلق مشكلات لروسيا"، مضيفاً أن "السياسيين الغربيين وأتباعهم تمكنوا من جعل أوكرانيا دولة معادية لروسيا وأداة لسياستهم الخارجية"، ومشككاً في أن أحداً في واشنطن سيتخلى طوعاً عن مثل هذه الورقة الرابحة.

وعلى الصعيد الرسمي، وفي أول رد فعل على إعلان بايدن انسحابه من السباق الرئاسي، اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، أن الأهم بالنسبة إلى روسيا هو تحقيق أهداف العملية العسكرية في أوكرانيا وليس من سيصبح رئيساً للولايات المتحدة نتيجة للانتخابات. وأوضح بيسكوف، لقناة "شوت" على تليغرام، أن انتخابات الرئاسة الأميركية ستجرى في نوفمبر المقبل، معتبراً أن "هذه فترة طويلة قد تتغير خلالها أمور كثيرة". وأضاف: "أولويتنا هي تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة وليست نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة". وفي تصريحات لاحقة، رأى بيسكوف أن الكرملين لا يمكنه تقييم ترشح هاريس للرئاسة الأميركية، قائلاً: "في الوقت الحالي، لا يمكننا تقييم احتمال ترشح هاريس، لأننا لم نرصد حتى الآن أي إسهام منها في العلاقات الثنائية. أدلت ببعض التصريحات المليئة بالخطاب غير الودي، ولم نرصد أي أعمال إيجابية أو سلبية أخرى". وكان بوتين قد اعتبر، في فبراير/شباط الماضي، أن بايدن أنسب لروسيا في قيادة الولايات المتحدة مقارنة مع ترامب، كونه أكثر قابلية للتنبؤ. وقال بوتين حينها إن بايدن "شخص أكثر خبرة وقابلية للتنبؤ وسياسي ينتمي إلى المدرسة القديمة، ولكننا سنعمل مع أي رئيس أميركي يختاره الشعب الأميركي".

المساهمون