حصل "العربي الجديد" على معلومات من مصادر عاملة في وحدات الرصد والمتابعة التابعة للمعارضة السورية تُفيد بأن القوات الروسية نشرت منظومات دفاع جوي قصيرة ومتوسطة المدى على مقربة من خطوط التماس الفاصلة بين "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) من جهة، و "الجيش الوطني السوري" المعارض، وحليفته تركيا من جهة أخرى بريف الحسكة الشمالي، شمال شرقي سورية.
وقالت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن اسمها إن "القوات الروسية بالاشتراك مع مجموعات عسكرية تابعة لقوات النظام تدعمها روسيا نشرت خلال الـ24 ساعة الماضية أربع منظومات دفاع جوي قصيرة ومتوسطة المدى من نوع "بانتسير-اس 1" (Pantsir-S1) بالقرب من بلدة تل تمر، التي تُسيطر عليها قوات قسد شمال محافظة الحسكة".
ويأتي نشر منظومات الدفاع الجوي من قبل القوات الروسية، عقب الاستهدافات المكثفة خلال الأيام القليلة الماضية من قبل مدفعية الجيش التركي المتمركزة ضمن ما يُعرف بمنطقة "نبع السلام"، بالإضافة إلى استهدافات الطائرات المُسيرة التركية لمواقع ومقرات عسكرية تابعة لقوات "قسد" في بلدة تل تمر ومحيطها بريف الحسكة، مُخلفة قتلى وجرحى ضمن صفوف القوات المستهدفة.
وأكدت المصادر أن القوات الروسية نشرت أيضاً منظومتي دفاع جوي متوسطتي المدى من نوع "بوك إم-2 أ" الصاروخية، والتي تتعامل مع الأهداف الجوية الصغيرة، ضمن نقاط عسكرية تابعة لـ "اللواء 16" مشاة الذي تدعمه القوات الروسية، والقريب من خطوط التماس في الطرف الشرقي من ريف مدينة الباب الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة "درع الفرات"، التي يسيطر عليها "الجيش الوطني السوري" شمال شرقي محافظة حلب.
وكانت القوات الروسية قد نشرت في الثالث من يونيو/ حزيران الجاري، ثلاث منظومات دفاع من نوع "بانتسير-اس 1" (Pantsir-S1) داخل مطار القامشلي الذي تُسيطر عليه القوات الروسية بالاشتراك مع قوات النظام السوري بريف الحسكة الشمالي، وذلك عقب أيام من استقدام الروس للمطار خمس طائرات حربية روسية من طراز (سوخوي -34)، وأربع طائرات مروحية من طراز (K -52).
لا مواجهة مباشرة
بدوره، قال الباحث السياسي في مركز "جسور" للدراسات، أنس الشواخ في حديث لـ "العربي الجديد، إن "الجانب الروسي يتابع استغلاله لعمليات الضغط التركية على قسد لزيادة انتشاره وحضوره العسكري داخل مناطق سيطرة الأخيرة"، مؤكداً أن "هذه التعزيزات تأتي في إطار تعزيز ثقة قسد بالروس كطرف فاعل وقادر على حمايتها".
واستبعد الشواخ أن "تنخرط القوات الروسية في مواجهة مباشرة مع القوات التركية شرق الفرات"، معتبراً أن "هذا سيكون تصعيداً خطيراً قد ينسف اتفاق سوتشي 2019 ويؤثر على نقاط ومناطق واسعة من الجغرافية السورية، لكن هذا لا ينفي سماح الجانب الروسي لقسد أو لقوات النظام لمواجهة هذه العملية العسكرية بدون أن يشارك فيها بشكل مباشر".
وأشار الباحث السياسي إلى أن "مدينة تل رفعت المعادلة مختلفة فيها عن مناطق شرق الفرات، فالمليشيات الإيرانية حاضرة بقوة في هذه المنطقة المهمّة بالنسبة لها في إطار حماية مدينة حلب ونبل والزهراء"، لاقتاً إلى أن "المليشيات الإيرانية قد أنشأت بالفعل غرفة عمليات مشتركة تجمعها مع قوات النظام ووحدات حماية الشعب (YPG) التابعة لحزب العمال الكردستاني (PKK)، أي أنّ احتمال مواجهة العمل العسكري التركي في هذه المناطق أكبر منها في مناطق شرق الفرات".
وحول استغلال الجانب الإيراني العملية العسكرية التركية وحشد جزء من قواته بريف حلب الشمالي، أوضح الشواخ أنه "لا يمكن التكهن بمآلات المشهد القادم في المنطقة في الوقت الحالي، فالجانب التركي ما زال مصراً على تنفيذ العملية كجزء من استراتيجيته في إقامة حزام آمن على حدوده الجنوبيّة، وبنفس الوقت فإنّ الجانب الروسي يحاول استغلال واستثمار هذه الرغبة لتحقيق مكاسب لصالحه وبالنتيجة لصالح قوات النظام السوري".
الشواخ: الجانب التركي ما زال مصراً على تنفيذ العملية كجزء من استراتيجيته في إقامة حزام آمن على حدوده الجنوبيّة
وأضاف أن المؤشرات الحالية تدلّ على أن هذا السيناريو هو الأكثر ترجيحاً؛ خاصةً مع الحضور العسكري الروسي المتزايد داخل مناطق قسد، مُشيراً إلى أن "ذلك لا ينفي أبداً تنفيذ تركيا لعمليتها العسكرية وعدم تراجعها عنها".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد جدد تهديداته في مطلع الشهر الحالي بتنفيذ عملية عسكرية ضد ما وصفها بـ"التنظيمات الإرهابية" شمالي سورية، قائلاً: "ننتقل إلى مرحلة جديدة في عملية إقامة منطقة آمنة من 30 كيلومتراً عند حدودنا الجنوبية. سننظف منبج وتل رفعت"، مضيفاً: "سنرى من سيدعم العمليات الأمنية المشروعة التي تنفذها تركيا ومن سيقف ضدها".