في آخر اجتماع للحكومة الإيرانية في العام الفارسي الحالي، وقبل بدء العام الجديد، يوم الأحد المقبل، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم الأربعاء، أنّ "الظروف اليوم باتت مهيأة أكثر من أي وقت مضى لرفع العقوبات"، متهماً أطرافاً داخلية لم يسمّها بعرقلة عمل الحكومة لإلغاء العقوبات الشاملة المفروضة على بلاده منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
وقال روحاني، في كلمة باجتماع الحكومة، تابعها "العربي الجديد"، إنّ "الأميركيين أعلنوا صراحة أن سياسة الضغوط القصوى قد فشلت ونريد العودة إلى الاتفاق النووي"، غير أنه أكد في الوقت ذاته أن "هذه الأقوال غير كافية ونحن ننتظر الأفعال".
واتهم الرئيس الإيراني من سمّاهم "أقلية" في الداخل الإيراني، بـ"عرقلة" رفع العقوبات، مضيفاً أنّ "أي معسكر وتيار ومجموعة تؤخر رفع العقوبات ولو لساعة لأي سبب كان، فإنها قد ترتكب خيانة كبيرة بحق الشعب الإيراني".
ووصف روحاني ذلك بأنه "وصمة عارٍ ستبقى للأبد"، معتبراً أن العقوبات "انتهكت حقوق الشعب ويجب أن نمنع ذلك"، معرباً عن أمله في أن "تتوب الأقلية التي تعرقل إنجاز هذا العمل (رفع العقوبات)".
وأوضح أنه "إذا ما رفعوا أيديهم عن تخريب عمل الحكومة، فهي قادرة على رفع العقوبات"، مشيراً إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران يوم 18 يونيو/ حزيران، داعياً المواطنين إلى المشاركة بكثافة فيها لـ"ضمان مستقبل الثورة والبلاد".
ولم يتحدث الرئيس الإيراني عن طبيعة العقبات التي تضعها هذه "الأقلية" أمام الحكومة لرفع العقوبات، إلا أن أوساطاً مقرّبة من الحكومة تتهم مجموعات محافظة متنفذة بأنها تسعى إلى منع وقوع انفراجة في الأزمة مع واشنطن لحرمان التيارين الاعتدالي والإصلاحي من ورقة رابحة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران.
وفي السياق أيضاً، كانت الحكومة الإيرانية قد عارضت مشروع قانون أقرّه البرلمان الإيراني مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي لاتخاذ خطوات نووية تصعيدية في مواجهة استمرار العقوبات الأميركية، وذلك قبل تولي الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن السلطة في الولايات المتحدة الأميركية.
والمشروع الذي يحمل عنوان "الإجراء الاستراتيجي لرفع العقوبات" يتكوّن من 9 بنود، ألزم الحكومة الإيرانية بتنفيذ هذه الخطوات النووية، التي نفذ منها حتى اليوم رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20% ووقف العمل بالبروتوكول الإضافي الذي يحكم الرقابة الأممية على برنامج إيران النووي، وهي قبلت به "طوعاً" في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع المجموعة السداسية الدولية المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا.
وتشترط إيران رسمياً رفع العقوبات "عملياً" وليس على الورق، للعودة إلى تنفيذ تعهداتها النووية التي أوقفتها خلال العامين الأخيرين، رافضة في الوقت ذاته الدخول في أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الولايات المتحدة قبل إلغاء العقوبات، في حين تطالب الأخيرة طهران بالعودة أولاً إلى تنفيذ كامل تعهداتها النووية والدخول في المفاوضات قبل رفع العقوبات، رافضة أيضاً تقديم أي تحفيزات لها قبل بدء هذه المفاوضات.
إلى ذلك، تطالب الإدارة الأميركية والأطراف الأوروبية بتوسيع الاتفاق النووي ليشمل أيضاً برنامج إيران الصاروخي وسياساتها الإقليمية، غير أنها ترفض ذلك معتبرة أنها "خطوط حمراء".
تجدر الإشارة إلى أن التيار الاعتدالي هو تيار سياسي وسط بين الإصلاحيين والمحافظين، يتبنى خطاب "الاعتدال" و"التنمية" في السياسات الداخلية والخارجية. وكان الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني الأب الروحي لهذا التيار، فيما يُعتبر روحاني من أبرز وجوهه اليوم.
وفي الخريطة السياسية الإيرانية، يُعتبر التيار الاعتدالي مقرباً من الإصلاحيين ومنافساً للمحافظين. وتربط بين التيارين الإصلاحي والاعتدالي علاقات قوية، وأحياناً يصعب التمييز بين الأحزاب المنتمية إلى كلّ من التيارين، قبل أن تتضرّر هذه العلاقات خلال السنوات الأخيرة بعد نشوب خلافات بين الإصلاحيين والحكومة ليصل إلى حدّ إنكار الرئاسة الإيرانية دور الإصلاحيين في فوز روحاني، في ولايتيه.