تفاصيل استدراج إيران الإعلامي المعارض زم من باريس: صفقة مقابل ضابط فرنسي

09 نوفمبر 2021
إلقاء القبض على المعارض روح الله زم كان "نتيجة صفقة أمنية بين إيران وفرنسا" (Getty)
+ الخط -

على أعتاب الذكرى الأولى لإعدام السلطات الإيرانية الإعلامي المعارض، روح الله زم، كشف مسؤول أمني إيراني سابق تفاصيل استدراجه إلى داخل إيران من باريس، قائلا إن ذلك كان نتيجة صفقة أمنية بين إيران وفرنسا، لمبادلة زم بضابط أمني فرنسي، كان معتقلا لدى المجموعات العسكرية الحليفة لإيران في سورية

وكان جهاز استخبارات "الحرس الثوري" الإيراني، قد أعلن في الرابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، أنه نجح في اعتقال الإعلامي المعارض روح الله زم، وإعادته إلى داخل إيران في عملية وصفت حينها بـ"المعقدة والاحترافية". ومنذ ذلك الحين، تحولت قضية اعتقال زم إلى لغز معقد، فقدمت تفسيرات وتحليلات متعددة بشأن طريقة استدراجه واعتقاله. وكانت النقطة المشتركة في الروايات والتخمينات المتعددة أنه تم استدراج زم إلى بغداد، ثم النجف قبل أن تعتقله استخبارات الحرس الثوري الإيراني. 

وراجت أيضا أنباء عن ضلوع مكتب المرجع الديني العراقي علي السيستاني في عملية استدراج زم من خلال وعود بتقديم مساعدات مالية، لكن المكتب نفى لاحقا في بيان، أي دور له في ذلك وفي محاكمته. 

غير أنه بعد عامين من اعتقال زم، كشف المسؤول الأمني الإيراني السابق، أكبر خوش كوشك في مقابلة مع موقع "رويداد 24" تفاصيل عملية استدراج زم من باريس واعتقاله في العراق، لكن السلطات الرسمية لم تؤكد أو تنف بعد الرواية الجديدة التي قدمها خوش كوشك، الذي عمل لعقود في قسم التحقيقات الخارجية لوزارة الاستخبارات الإيرانية حسب الموقع.

وأكد خوش كوشك أن بلاده كانت قد تلقت طلبا من جهاز الاستخبارات الفرنسية بالتدخل للإفراج عن ضابط أمن فرنسي رفيع، كان معتقلا لدى مجموعات عسكرية في سورية، كانت مرتبطة بإيران، مشيرا إلى أن هذا الضابط الفرنسي "كان قد تسلل إلى تنظيم داعش سرا بعد اختياره اسما عربيا مزورا"، في عملية استخباراتية "لكن محور المقاومة اعتقله في اشتباك مع داعش"، على حد تعبيره.

وأضاف أن إيران بعد تلقيها الطلب الفرنسي أجرت تحقيقات، فعلمت أن "هذا الشخص ضابط رفيع"، لافتا إلى أن السلطات الإيرانية بعد ذلك أكدت للاستخبارات الفرنسية أن "لديها في المقابل طلبا منها".

إيران بعد تلقيها الطلب الفرنسي أجرت تحقيقات، فعلمت أن "هذا الشخص ضابط رفيع

وأوضح خوشك كوشك أن "هذه الطلبات المتبادلة أمر اعتيادي بين أجهزة الاستخبارات للدول، مؤكدا أن طهران طلبت من فرنسا تسليم روح الله زم مقابل السعي للإفراج عن الضابط الفرنسي المعتقل في سورية لدى حلفاء إيران. 

وعلى ضوء ذلك، "وعدت فرنسا بتسليم روح الله زم إلى إيران لكن وفق خطة"، كما يقول المسؤول الأمني الإيراني السابق، الذي أضاف أن "الإدارة العامة للأمن الخارجي الفرنسية(DGSE) أبدت تعاونا جيدا للغاية. كما أن رجال استخبارات الحرس أيضا خططوا بشكل جيد"، قائلا إن هذا الجهاز "كان لديه مصدر معلوماتي جيد يعمل إلى جانب روح الله زم". 

وأقنعت الإدارة العامة للأمن الخارجي الفرنسي، الإعلامي المعارض زم بالذهاب إلى العراق ثم إلى النجف، لإجراء لقاءات، حسب خوش كوشك، الذي أشار إلى أن الاستخبارات الفرنسية نقلت زم إلى مطار باريس ومن ثم إلى مطار عمان في الأردن، ومن هناك إلى بغداد حيث انتقل إلى السفارة الفرنسية. 

وأضاف أنه "عندما كان زم في السفارة الفرنسية في بغداد، تم إبلاغ جهاز الاستخبارات الإيراني بوجوده هناك، والساعة التي سيخرج فيها من السفارة. في الحقيقة الفرنسيون كانوا على اتصال معنا من دون أن يعلم روح الله زم أن هناك صفقة تبادل جارية، وكان من المقرر أن نفرج نحن أيضا عن الضابط الأمني الفرنسي" المعتقل في سورية. 

وتابع خوش كوشك أن استخبارات الحرس "خططت بشكل لا تتحمل فرنسا المسؤولية"، لافتا إلى أنه بعد خروج زم من السفارة، أبلغ عناصر الأمن الإيرانية بالأمر وقاموا بتعقبه حتى النجف إلى أن اعتقلوه هناك وقاموا بنقله إلى داخل إيران "بسهولة في أيام الأربعينية حيث كانت تمثل فرصة جيدة". 

أما عن طريقة الإفراج عن الضابط الفرنسي، فقال المسؤول الإيراني السابق إنه "بعد دخول روح الله زم إلى داخل الحدود الإيرانية، نقل الضابط الفرنسي من دمشق إلى إسطنبول وهناك تم تسليمه إلى الفرنسيين".

صفقات مع تركيا

إلى ذلك، كشف خوش كوشك عن صفقات مماثلة مع تركيا، ودورها في تسليم معارضين إيرانيين لطهران، قائلا إن جهاز الاستخبارات التركية "ميت"، "يتعاون بشكل جيد مع إيران خلال العقود الأربعة الأخيرة، وكانت بيننا صفقات تبادل".

في السياق، أشار إلى أن تركيا قامت بتسليم المعارض الإيراني فرود فولادوند مقابل تسليم إيران شخصا مطلوبا لتركيا. علما بأن فولادوند كان يدير محطة تلفزيونية معارضة، وقد اختفى في تركيا عام 2007 وراجت أنباء عن اعتقاله وإعادته إلى داخل إيران. 

كما كشف عن تسليم تركيا القيادي المعارض في "حركة النضال العربي لتحرير الأحواز" الانفصالية، حبيب أسيود إلى إيران. وكان اعتقال أسيود قد تم خلال أكتوبر/تشرين الأول 2020، حيث أكد التلفزيون الإيراني اعتقاله، مشيرا إلى أن العملية حدثت في تركيا ثم نقل المعارض المعتقل إلى طهران.  

من هو زم؟

روح الله زم كان نجل رجل الدين محمد علي زم الذي شغل مناصب حكومية عدة في إيران. واستقر زم في باريس بعد الإفراج عنه عام 2009 على خلفية الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية، فأسس موقع "آمد نيوز"، وقناة تحمل الاسم نفسه على "تيليغرام". دأبت "آمد نيوز"، على مدى السنوات الماضية، على نشر أخبار وتقارير مناهضة لنظام الحكم في إيران، ومعلومات أمنية كانت تنسبها إلى "مصادر حكومية خاصة". 

وخلال الاحتجاجات الاقتصادية التي شهدتها إيران، في يناير/كانون الثاني عام 2018، أصبحت قناة "آمد نيوز" أكثر شهرة وإثارة، إذ وصل عدد أعضائها إلى أكثر من مليون شخص، فلعبت دوراً بارزاً في تشجيع الناس على التظاهر، الأمر الذي اضطر إدارة تطبيق "تيليغرام" إلى إغلاقها، بعد شكوى رفعتها إيران لدى إدارة المنصة اتهمت فيها الشبكة بنشر "دعايات إرهابية"، وتحريض المواطنين على ممارسة "أعمال عنف". 

والقناة عادت إلى الظهور مرة أخرى على التطبيق نفسه باسم "صداي آمد نيوز". وفي 29 سبتمبر/أيلول عام 2019، أعلنت الشرطة الإيرانية أنّها ستسعى إلى استرجاع روح الله زم من خلال الشرطة الدولية (إنتربول)، وذلك قبل اعتقاله في أكتوبر العام نفسه وإعادته إلى داخل إيران. 

 

 

المساهمون