رواية إسرائيلية تتنصل من جريمة استشهاد المسن الفلسطيني عمر أسعد

23 يناير 2022
الاحتلال الإسرائيلي يحاول التملص من المسؤولية (جعفر اشتيه/فرانس برس)
+ الخط -

قدّم جيش الاحتلال الإسرائيلي رواية لجريمة استشهاد المسن الفلسطيني عمر أسعد (80 عاماً) في الثاني عشر من الشهر الجاري، قرب قرية جلجيليا شمال رام الله، مدعياً فيها أن جنوده الذين أوقفوه في ساعة متأخرة من الليل، وهو عائد إلى بيته، "لم يعتدوا عليه ولم يقوموا بضربه أو التنكيل به".

وبحسب رواية جيش الاحتلال التي نُشرَت اليوم الأحد في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد أوقف جنود من جيش الاحتلال الشهيد أسعد، بينما كان يقود سيارته بمفرده، عائداً إلى بيته، خلال كمين نصبته وحدات الجيش ليلاً عند طرق رئيسية وفرعية في الضفة الغربية المحتلة، للقبض على مشتبه فيهم بتنفيذ عمليات أمنية وأنشطة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ووفقاً لادعاء جيش الاحتلال، فإن الجنود بعدما قاموا بتفتيش الشهيد الفلسطيني ادعوا أنه لم يحمل معه أي بطاقة هوية، فكبّلوا يديه وعصبوا عينيه، وكمّموا فمه حتى لا يفضح صراخه موقعهم.

وتضيف رواية الاحتلال أن الجنود نقلوا الشهيد إلى بيت مهجور على مقربة من كمينهم، وتركوه مقيداً على أحد الكراسي إلى جانب معتقلين آخرين أُوقِفوا عند الحاجز. وادعى الاحتلال أنهم نُقلوا إلى البيت المهجور حتى لا يكشف الكمين.

الفلسطينيون يشيعون جثمان الشهيد المسن عمر أسعد شمال رام الله

ووفقاً لما أعلنه جيش الاحتلال، فقد ادعى الجنود الذين اعتقلوا الشهيد عمر أسعد، أنه بدا لهم أصغر من سنه الحقيقي بعشرين عاماً، وظنوا بعد تكبيل يديه وربطه بالكرسي أنه يغطّ في النوم، ولم يرصدوا أنه يعاني من اختناق أو مشاكل صحية، لذلك تركوه على الكرسي ولم يقوموا "بإيقاظه"، بينما سرّحوا بقية الذين أُوقِفوا في تلك الليلة. وتُرك المسن الفلسطيني في البيت المهجور، ليستشهد على الكرسي معصوب العينين ومكبَّل اليدين ومكمَّم الفم.

وادعى جيش الاحتلال، حسبما أوردت الصحيفة، أنه حُقِّق مع الجنود الذين اعتقلوه وقيّدوه وكمّموا فمه لمنعه من الصراخ، وأن الجنود لم يعتدوا عليه أو يضربوه، وفق المزاعم الإسرائيلية.

إلى ذلك، قال تقرير "يديعوت أحرونوت" إن التقديرات في الجيش تفيد بأنه لن يُتَّخَذ أي إجراء ضد الجنود الذين كانوا في الموقع وسبّبوا استشهاد المسن الفلسطيني.

عائلة الشهيد: الاحتلال يهدف إلى تبرئة جنوده

وعلق ابن عم الشهيد، عبد الإله أسعد، على ما نشرته الصحيفة الإسرائيلية، وقال في حديث لـ"العربي الجديد" إنه "تقرير كاذب يهدف فقط إلى تبرئة الاحتلال الإسرائيلي وجنوده"، مؤكدًا أن الشهود الذين كانوا معتقلين بجوار أسعد أكدوا أنهم رأوه ملقى على بطنه ووجهه على الأرض لا على كرسي.

وتابع أسعد: "ذهبت إلى العيادة حيث كان ابن عمي متوفياً.. ومن كانوا معه قالوا لي إنهم اعتقلوا بعد حادثة اعتقاله، وأكدوا أنه كان مرمياً على الأرض، وبعد أن اكتشف الجندي وفاته قام بفك القيود عن يديه وانسحب جيش الاحتلال فوراً من البلدة".

وأردف "جيش الاحتلال قام بتقييد يدي ابن عمي المسن من الخلف، وجره لمسافة، ثم إلقائه على الأرض"، وعلق على ذلك قائلا: "حسبنا الله ونعم الوكيل، كيف سأكذب من كانوا معتقلين معه ورأوه حتى انسحب جيش الاحتلال من البلدة؟".

وكان "العربي الجديد" قد تواصل فور استشهاد أسعد مع أحد الشهود الذي عاين ما جرى، حيث قال رضا توفيق: إن "أكثر من ستة جنود أحاطوا بمركبة أسعد، وبعد فترة فتحوا الباب وسحبوا من بداخلها بالقوة والعنف ولم يكن يعرف بعد أنه المسن عمر، ولأكثر من عشر دقائق كان عمر خلف المركبة محاطاً بجنود الاحتلال الذين يصرخون، ثم قيدوه، وغطوا عينيه، وأخذوه".

أما ممدوح عبود، وهو شاهد آخر من قرية عارورة المجاورة، اعتقله جيش الاحتلال بعد اعتقال المسن عمر أسعد بفترة، أثناء مروره من جلجليا نحو عمله، فكان قد أكد لـ"العربي الجديد"، أن جيش الاحتلال اعتقله بأسلوب همجي، كما وصفه، ونقله إلى ساحة بيت قيد الإنشاء، ليرى رجل إنسان بين أكياس الإسمنت في الموقع.

لاحقا، كما يروي عبود، قدم أحد جنود الاحتلال وقام بقص قيود الشهيد عمر أسعد، وبعد الانسحاب ذهب عبود إليه ووجده ملقى على بطنه ووجهه، ومغطى رأسه، ليرفع رأس الرجل، ويجد خدّه متسخاً بالأتربة، وفحصه فوجد النبض متوقفاً.

المساهمون