استمع إلى الملخص
- الإجراءات القانونية والتساؤلات: القرار صدر من دائرة الإرهاب ونُشر بسرية، مع تساؤلات حول إعادة الإدراج في حال تورطهم في قضايا جديدة. القاضي عصام رفعت أشار إلى أن الإدراج السابق كان غير قانوني.
- ردود الفعل والتوقعات: المحامي حليم حنيش اعتبر القرار شكلياً، بينما رأى محمد أنور السادات أنه يعكس توجهاً لتحسين حقوق الإنسان، مع توقعات بخطوات مستقبلية تشمل الإفراج عن محبوسين احتياطياً.
في خطوة وصفتها الحكومة بأنها تجسّد "الحرص على مستقبل الشباب"، أُعلن أخيراً عن قرار رفع 716 شخصاً من قوائم الإرهاب في مصر التي تشمل الكيانات الإرهابية والإرهابيين، من أصل 4408 أسماء معارضين مدرجة في هذه القوائم، وذلك بناءً على طلب النيابة العامة استجابةً لتوجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.
وحملت قوائم الأسماء المشمولة بالقرار مفارقات، إذ ضمّت القوائم أسماء متوفين، منهم الداعية الراحل الدكتور يوسف القرضاوي، والراحل ياسين عجلان، الذي سبق أن اشترى محلات "عمر أفندي" وصاحب مجموعة اقتصادية، وتوفي في حادث، ونجل الرئيس الراحل محمد مرسي، عبد الله مرسي، والسيد عسكر، والسيد نزيلي، ومسعود السبحي، ورجل الأعمال علي فهمي طلبة. كما ضمّت القائمة رجال أعمال مثل وليد عصفور صاحب "كريستال عصفور"، وعمر الشنيطي صاحب مجموعة من الشركات في الاستثمار والتطوير العقاري، وعلي طلبة صاحب علامة "راديو شاك"، والداعية وجدي غنيم. ومن الصحافيين، ضمت القائمة: إبراهيم الدراوي، وشريف عبد الغني، وعبد الواحد عاشور، وسامحي مصطفى، وعلياء نصر الدين. كما شملت أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين مثل يوسف ندا، والوزير الأسبق يحيى حامد، والإعلامي هيثم أبوخليل، والقيادي أمير بسام، وبهاء الدين سعد الشاطر، وجهاد عصام الحداد.
وسائل الإعلام الرسمية أبرزت القرار بأنه جزء من رؤية الدولة لتحقيق المصالحة واحتواء الشباب
رفع مئات الأشخاص من قوائم الإرهاب في مصر
أوضح مصدر قضائي، لـ"العربي الجديد"، أن الحكم صدر من دائرة الإرهاب المنعقدة في مجمع محاكم بدر، وتمّ إرسال الحكم من قبل رئيس الدائرة إلى الجريدة الرسمية تمهيداً لنشره وسريان أثره، وذلك في إطار من السرّية التامة بناء على تعليمات صادرة من رئاسة الجمهورية. وأضاف المصدر أن النيابة العامة انتهت من قائمة الأسماء الأسبوع الماضي، وأرسلتها إلى محكمة استئناف القاهرة التي حدّدت جلسة النظر، لتصدر المحكمة القرار في ذات الجلسة، وتعلن النيابة العامة أول من أمس الأحد عن صدور الحكم.
وأثار قرار رفع رفع 716 شخصاً من قوائم الإرهاب في مصر التي تشمل الكيانات الإرهابية والإرهابيين، موجة من ردود الفعل، تتراوح بين إشادة واسعة من وسائل الإعلام الرسمية والشخصيات العامة، وانتقادات حقوقية ترى فيه محاولة لتحسين صورة مصر الخارجية قبل المراجعة الشاملة لملف حقوق الإنسان في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وسائل الإعلام الرسمية لم تكتفِ بالإشادة فقط، بل ركّزت أيضاً على إبراز القرار بأنه جزء من رؤية الدولة لتحقيق "المصالحة" و"احتواء الشباب"، وهو ما تقابله أصوات حقوقية ومعارضة بوصفه حملة إعلامية دعائية منسقة.
وأثار القرار تساؤلات عديدة في الشارع المصري حول ما إذا كان هؤلاء الأشخاص قد يُدرجون مجدداً في حال تورطوا في قضية أخرى، وهل سيحتاجون إلى تقديم طلب جديد لرفع أسمائهم من قوائم الإرهاب، وما هو موقف المحكوم عليهم بالفعل في قضايا أخرى بالإعدام أو المؤبد وهم من ضمن الذين أزيلت أسماؤهم من القوائم، ولماذا لم يصدر بشأن بقية الأسماء قرار مماثل؟
القاضي السابق عصام رفعت أجاب عن هذه التساؤلات، حيث أوضح في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن قرارات الإدراج على قوائم الإرهاب في مصر كانت تتم في السابق بشكل "غير قانوني" وتصدر من وزير العدل، إلى أن تمّ وضع تشريع قانوني ينظم العلاقة بين المتعاملين مع القانون والكيانات والأفراد الذين يتم إدراجهم على قوائم الإرهاب، حيث رأى المشرع الإجرائي في مصر أن يكون ذلك بشكل قانوني، سواء من حيث الإدراج على قوائم الإرهاب في مصر أو المنع أو إزالة الأسماء. وأوضح أن "الأمور كانت مطاطة في البداية، من خلال وضع أسماء دون إحكام للأمر في مرحلة الفوضى التي حدثت عقب 30 يونيو/ حزيران 2013، ثم تمّ وضع ضوابط ومعايير لذلك".
هناك 4408 أسماء معارضين مدرجة في قوائم الإرهاب في مصر
وأضاف رفعت أن "من تمّت إزالة أسمائهم من هذه القوائم، لا يُعاد إدراجهم، إلا إذا ارتكبوا الجرائم التي نصّ عليها قانون الإرهاب مجدداً، وأن أثر هذا الحكم يمتد على أي قرارات أخرى أو قضايا أخرى كانوا مدرجين فيها بقرار آخر على قوائم الإرهاب، حيث يمكن الاستفادة منه في أي قرارات سابقة على تاريخ صدور الحكم". أما الأفعال اللاحقة للحكم، برأيه، فتكون "رهينة بارتكاب أفعال تصنف إرهابية من عدمه"، مشيراً إلى أنه "في حال أُدرجوا مجدداً، فإن الطلب يُقدم إلى النيابة العامة ثم يُرفع إلى قاضي التحقيق الذي أصدر حكم الإدراج على قوائم الإرهاب بطلب للإزالة، أو يُقدم مباشرة من النيابة العامة والنائب العام كما حدث في الحكم الصادر" أخيراً.
"العربي الجديد" تحدث مع عدد من أعضاء هيئة الدفاع عن المدرجين على قوائم الإرهاب في مصر والصادر الحكم لصالحهم، حيث أكد المحامي بالنقض أحمد حلمي، بصفته عضواً في هيئة الدفاع عن عدد من المدرجين على قوائم الإرهاب، أن النيابة العامة المصرية ومحكمة جنايات الإرهاب مصدرة القرار، لم يُخطر أي منهما هيئة الدفاع بأن هناك جلسة للنظر في أمر الإدراج. وأضاف حلمي أن الطلب أحيل من النائب العام إلى محكمة استئناف القاهرة التي حدّدت جلسة أمام محكمة جنايات الإرهاب والبت فيها وصدور قرار بشأنها بشكل سرّي ودون إخطار أي من هيئة الدفاع.
وتابع عضو هيئة الدفاع أنهم أُبلغوا أن ينتظروا حتى إرسال الحكم إلى الجريدة الرسمية للدولة الرسمية ونشره متضمناً الأسماء حتى يتمكنوا من معرفتها ومن ثم التحرك قانونياً لإزالة الآثار المترتبة على صدور قرار الإدراج على قوائم الإرهاب الذي تمّ إلغاؤه. واختتم حلمي قائلاً: "لم يعد الأمر غريباً، فأصبحت قرارات الإدراج وإلغاؤها تُعرف من خلال الجريدة الرسمية عند نشرها دون حضورنا أو حتى إخطارنا بالأمر، وهو الأمر الذي قد يستغرق أياماً عدة حتى يتم النشر".
المحامي الحقوقي حليم حنيش، علّق على القرار قائلاً لـ"العربي الجديد": "بصراحة ليست لدي أسباب معينة حول هذا القرار، هل بسبب المراجعة الشاملة لحقوق الإنسان؟ أمر وارد، لأن المدرجين على قوائم الإرهاب معظمهم حقوقيون مثل محمد الباقر وهيثم محمدين وآخرين". وأكد حنيش أن "التصريحات التي خرجت وفكرة أن الرئيس اتخذ هذه الخطوة من أجل مستقبل الشباب وما إلى ذلك، تؤكد أن هذه الإجراء، من وجهة نظري، إجراء شكلي، لأن ما قاله الرئيس حول إنه معني بمستقبل الشباب وإنه حتى إذا ارتكبوا أخطاء من حقهم أن يكملوا حياتهم، فالأولى أن يتم تطبيق ذلك على المعتقلين داخل السجون بشكل أساسي".
حليم حنيش: لا يزال هناك المئات من المعتقلين الذين تم تدويرهم وتلفيق القضايا لهم
وأشار حنيش إلى وجود "المئات من المعتقلين تم تدويرهم وتلفيق القضايا لهم: هناك مثلاً علاء عبد الفتاح الذي أنهى مدة محكوميته وإبراهيم متولي الموجود داخل السجن منذ عام 2017، ويتم التجديد له وهو داخل السجن لمدة 7 سنوات، وأيضاً هدى عبد المنعم التي تم تدويرها في 3 قضايا، وعائشة الشاطر وغيرهم". وأضاف: "نرحب بهذا الإجراء ونراه شيئاً جيداً، ولكنه إجراء شكلي ليس حقيقياً، ولكن عندما أقرأه في سياق تصريحات الرئيس بأنه اتخذه لمراعاة مستقبل الشباب واستكمال حياتهم، فالأولى به الناس داخل السجون الذين ضاع مستقبلهم، وأنا شخصياً عملت على قضايا معتقلين دخلوا السجن وهم في سن التاسعة عشرة واليوم سنهم تجاوز الثلاثين، وكل هذه المدة حبس احتياطي". واختتم حنيش بقوله: "أتمنى أن يكون ذلك مقدمةً لقرار بإخلاء سبيل 10 أو 15 ألف معتقل أو يخرج تشريع واضح بأن من تجاوز مدة الحبس الاحتياطي يخرج من السجن".
توجه عام أم إجراء شكلي؟
في سياق متصل، قال رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات لـ"العربي الجديد": "إن القرار يعبر عن توجه عام في المرحلة المقبلة ومتعلق بوضعية حقوق الإنسان في مصر بشكل عام. ما تمّ الحديث عنه في جلسات الحوار الوطني أو في ما يخص أيضاً مطالبات منظمات دولية وحقوقية، بالإضافة إلى المراجعة الشاملة لحقوق الإنسان التي ستجري في نهاية يناير/كانون الثاني المقبل، كل هذه الأمور تساعد مصر. ليس فقط رفع بعض الأسماء من قوائم الإرهاب، بل نتوقع في الفترة المقبلة أيضاً الإفراج عن بعض الأشخاص الذين كانوا محبوسين احتياطياً أو صدرت بحقهم أحكام، فكل ذلك وارد".
وأضاف السادات: "مصر تحاول، وإن كان بخطوات بطيئة، لكنها تحاول تحسين المناخ والصورة في ما يخص الحقوق المدنية والسياسية". وأضاف: "هذا ملحوظ، وإن كان بطيئاً، ولا يمكن القول إنه بخطوات سريعة، لكن يحدث". ولفت إلى أن "مناقشة قانون الإجراءات الجنائية يحاولون فيها أيضاً أن يعطوا فرصة لكل الملاحظات والتحفظات التي وردت إليهم، فهم يحاولون التأني ليخرج القانون بأفضل صورة تحتوي نوعاً من التوافق العام". ودعا رئيس حزب الإصلاح والتنمية بصراحة إلى "التفاؤل"، معتبراً أنه "ربما مع بدايات عام 2025 تتحرك الأمور للأفضل، وعلينا أن نستمر في المطالبات بتحسين الأوضاع والمناخ السياسي والحقوقي، بما يتعلق بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة".
بدوره، أوضح أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور سعيد صادق، لـ"العربي الجديد"، أن "قانون الكيانات الإرهابية قانون مؤقت في ظروف سياسية وأمنية معينة، ورفع أسماء من تلك القوائم معناه أن الأوضاع تغيرت ولا داعي لاستمرار تطبيقه في غياب أحكام قضائية نهائية ضد هؤلاء الأشخاص. وعليه اضطرت الدولة إعادة النظر وإزالتهم إذا لم تثبت أدلة قضائية تفيد بدعمهم للإرهاب ضد الدولة".