وسط رفض دولي عام للانتخابات الرئاسية الشكلية التي أجراها النظام السوري، وأسفرت كما هو متوقع عن التجديد لبشار الأسد لولاية رابعة، هنأت عدة دول حليفة للنظام، الأسد، على فوزه في الانتخابات التي وصفتها المعارضة السورية بالمسرحية الهزلية.
وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك في بيان، إن الانتخابات التي أجراها نظام الأسد في سورية، ليست جزءاً من العملية السياسية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254.
من جهتها، أكدت وزارة الخارجية الأميركية، أن بشار الأسد ليس شريكاً، وأن "الانتخابات الصورية التي نظمها لا تعطينا ثقة أكبر بأنه يريد أن يكون شريكاً في السلام"، مشيرة إلى أن واشنطن "ستواصل السعي لدفع العملية السياسية قُدماً بحسب القرار 2254، الذي يتضمن إجراء انتخابات بإشراف أممي".
وأكدت أنه لا توجد سياسة جديدة تتبعها الولايات المتحدة حيال سورية، خارج إطار الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
من جهته، قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، إن "الاتحاد الأوروبي لا يعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية السورية". وقال: "الانتخابات لن تكون موثوقة إلا إذا شارك فيها جميع السوريين، بمن فيهم النازحون واللاجئون في دول الشتات، في منافسة حرة ونزيهة وسط بيئة آمنة ومحايدة"، مؤكداً أن "هذه الانتخابات تقوض مساعي الحل في سورية".
وجاءت تصريحات بوريل عقب اجتماع عقده، الخميس، مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وفي المقابل، تلقى بشار الأسد برقيات تهنئة من زعماء كلّ من روسيا وإيران وبيلاروسيا والصين وفنزويلا ولبنان، والذين جددوا دعمهم لنظام الأسد.
وتتدخل كل من روسيا وإيران بشكل عسكري، لدعم نظام بشار الأسد، فيما لم تقطع بقية الدول المذكورة علاقاتها بنظامه.
ورأى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في برقية تهنئة أمس الجمعة، مخاطباً الأسد، أن "نتائج التصويت أكدت على سلطتك السياسية العليا، ثقة إخوانك المواطنين في المسار تحت قيادتكم لتثبيت الوضع في سورية في أسرع وقت ممكن وتعزيز مؤسسات الدولة فيها".
وأضاف بوتين، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا"، أن الجانب الروسي سيواصل تقديم الدعم للنظام السوري في "محاربة الإرهاب"، ودفع عملية التسوية السياسية، وإعادة إعمار البلاد بعد انتهاء الصراع.
غير أن الكرملين الروسي أعلن أن بوتين لا ينوي عقد اجتماع مع بشار الأسد، بعد فوزه بالانتخابات. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أمس الجمعة، إنه لا توجد خطط في الوقت الحالي، لعقد اجتماع أو محادثة هاتفية بين بوتين والأسد، بحسب ما نقلت وكالة "تاس" الروسية.
كما تلقى رئيس النظام السوري برقية تهنئة من الرئيس الإيراني حسن روحاني بفوزه بالانتخابات.
واعتبر روحاني في برقيته أن "الشعب السوري خطا بمشاركته الواسعة وتصويته الساحق، خطوة مهمة نحو تقرير مستقبل سورية وازدهارها"، معرباً عن ثقته بأن المرحلة المقبلة ستشهد زيادة التعاون بين سورية وإيران.
وهنأ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، زهاو ليجيان، الأسد بإعادة انتخابه، مضيفًا أن هذا العام يصادف الذكرى 65 على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وسورية، مؤكداً خلال مؤتمر صحافي عقد أمس الجمعة، أن الصين ستواصل دعم النظام السوري في "حماية سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها".
وتلقى بشار الأسد برقية تهنئة أيضاً من رئيس جمهورية بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، قال فيها إن بلاده "كانت وستظل صديقة للشعب السوري، وستواصل دعم سورية الصديقة وتولي أهمية كبيرة لتكثيف التعاون معها في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والإنسانية والثقافية"، مشيراً إلى اهتمام جمهورية بيلاروسيا بالمشاركة في عملية إعادة الإعمار في سورية.
ووردت برقية تهنئة أيضاً من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي اعتبر أن الانتخابات "شكلت انتصاراً للسلام والسيادة الوطنية السورية"، مؤكداً دعم فنزويلا الراسخ لـ"سورية الشقيقة، واستعدادها لتعميق وتوسيع التعاون الثنائي والإسهام في رخاء كلا الشعبين".
بدوره، وجّه الرئيس اللبناني ميشال عون برقية إلى الأسد، هنأه فيها بإعادة انتخابه رئيساً لسورية، قائلاً: "أتمنى أن تتواصل الجهود في المرحلة المقبلة لتثبيت الاستقرار في بلدكم، وتترسخ عملية عودة النازحين إلى وطنهم ليشاركوا في مسيرة نهوضه".
ولم تقدّم دول عربية، سعت خلال الفترة الماضية إلى إعادة إحياء علاقاتها مع نظام الأسد، التهنئة لرئيس النظام بفوزه المزعوم في الانتخابات، فيما أكد وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن بلاده لا ترى أي دافع لإعادة العلاقات مع نظام الأسد، مشيراً إلى أن "النظام يرتكب جرائم بحق شعبه، وكانت هناك أسباب، وبالنسبة لنا هذه الأسباب لا تزال قائمة".
ومن جهتها، وصفت "هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي" المحسوبة على "المعارضة الداخلية"، انتخابات نظام الأسد الرئاسية بـ"المزيّفة".
وذكر المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم في تصريح لوكالة "رويترز"، أن هذه الانتخابات "ليس من شأنها سوى زيادة محنة بلد، يعاني الجوع والفقر ونظام الاستبداد"، مؤكداً "أن إصرار بشار الأسد على التمسك بالسلطة لا يجلب الاستقرار".
وأشار عبد العظيم إلى أن البلاد تعاني من نقص حاد في الوقود والغذاء، ومعدل تضخم هائل، ما "يدفع معظم السوريين إلى السقوط في براثن الفقر".
وأوضح المعارض السوري المقيم في دمشق، أن هذه "الانتخابات المزيفة، تكشف موقف النظام من أنه لا يريد حلاً سياسياً، والأزمات ستزداد سوءاً"، مشدداً على أن "مستقبل سورية السياسي يتوقف على ضغط القوى الكبرى من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يمهد الطريق لحكومة انتقالية وانتخابات حرة نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة".
واتهم عبد العظيم الأسد بـ "إفساد جولات عدة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام 2019، التي جمعت بين المعارضة وحكومة النظام لإعداد مسودة دستور جديد".
واعتبر أن "أحزاب المعارضة بالداخل أحرزت تقدماً كبيراً في توحيد صفوفها هذا الشهر بتشكيل ائتلاف الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود)، الذي يضم 15 حزباً سياسياً من خلفيات متعددة"، موضحاً أن الجبهة "تسعى لتغيير جذري وبناء نظام ديمقراطي ينهي نظام الاستبداد القائم بكل رموزه ومرتكزاته".
وكانت كلّ من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا رفضت في بيان مشترك قبل 3 أيام إجراء انتخابات في سورية خارج إطار القرار الأممي 2254، مؤكدة أنها غير شرعية.