يزور رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران (البرلمان)، محمد باقر قاليباف غداً الأحد، موسكو، حاملاً معه رسالة من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبحسب التلفزيون الإيراني، تستمر زيارة قاليباف ثلاثة أيام، ومن المقرر أن يجري خلالها لقاءات مع بوتين، ورئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين، وسكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف.
أما عن أجندة الزيارة التي تُعَدّ الأولى لقاليباف خارج البلاد بعد توليه رئاسة البرلمان، العام الماضي، إثر سيطرة المحافظين عليه، فستتناول تطورات الاتفاق النووي والعلاقات الاقتصادية بين البلدين وبيع النفط الإيراني المحظور أميركياً.
وعن فحوى رسالة خامنئي إلى بوتين، أكد المتحدث باسم البرلمان الإيراني، محمد حسين فرهنغي، اليوم السبت، لوسائل الإعلام في مؤتمره الصحافي، أنه ليس مطلعاً على تفاصيل الرسالة.
وقال إنّ الزيارة تُجرى في إطار الدبلوماسية البرلمانية تلبية لدعوة رئيس مجلس الدوما الروسي، مضيفاً أنّ "روسيا من حماتنا على الساحة الدولية، وهذه الزيارة ترنو إلى توطيد العلاقات"، مشيراً إلى أنها كانت على جدول الأعمال منذ أشهر.
وحسب صحيفة "همشهري" الإيرانية، كان من المقرر أن تجري الزيارة منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لكنها تأجلت بعد عدم تأكد الجانب الإيراني من حصول لقاء قاليباف مع بوتين، وذلك بسبب القيود المشددة التي يفرضها الكرملين في ظروف تفشي كورونا بخصوص لقاءات الرئيس الروسي.
وتقرر أن يجري رئيس البرلمان الإيراني الفحص الخاص بفيروس كورونا في طهران ومطار موسكو قبل اللقاء مع الرئيس الروسي.
وقبل نحو أسبوع زار وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، روسيا في إطار جولته الإقليمية التي شملت جنوب القوقاز وتركيا.
أهمية الزيارة
تأتي زيارة رئيس السلطة التشريعية الإيرانية لروسيا، في ظروف دولية جديدة بعد مغادرة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، السلطة ومجيء الرئيس جو بايدن، ما أثار تساؤلات عن أهدافها، ولا سيما أنّ قاليباف يحمل رسالة من أعلى هرم السلطة إلى الرئيس الروسي.
هذه الرسالة في ضوء الظروف الدولية الراهنة بعد فوز بايدن "تضاعف أهمية الزيارة"، وفق الخبير الإيراني في العلاقات الإيرانية الروسية، شعيب بهمن، لـ"العربي الجديد"، مضيفاً أنها تحمل "رسائل طمأنة" للحليف الروسي بالنظر إلى توقعات وسائل إعلام غربية وإقليمية لاستدارة محتملة للسياسة الخارجية الإيرانية نحو الغرب.
وأضاف بهمن أنّ "إيران تطمئن من خلال الزيارة روسيا إلى أنها ستبقى ملتزمة التعهدات والاتفاقيات المبرمة بين البلدين، وأنها لن تستدير نحو الغرب، عكس التحليلات"، مشيراً إلى أن طهران معنية أيضاً بالتأكيد للجانب الروسي أنّ رؤيتها للعلاقات الثنائية "طويلة الأمد، وأن التعاون بين البلدين يمكن أن يصبح مستداماً في كثير من المجالات".
وثمة قناعة لدى مراقبين بأنّ العلاقات الإيرانية الروسية تتعزز عندما يزداد التوتر بين طهران والغرب، ولذلك فإنّ قاليباف سيشدد على الأغلب على أن إيران تنظر إلى العلاقات على أنها "استراتيجية ولا تتأثر بهذه الظروف، وأنها يمكن أن تكون علاقات مستدامة تحت أي ظرف وتتعزز"، حسب الخبير الإيراني.
وعن مضمون رسالة خامنئي إلى بوتين، في ظل عدم تسرب شيء منه إلى وسائل الإعلام، قال بهمن، لـ"العربي الجديد"، إنها "يمكن أن تحمل التشديد على عمق التعاون بين الطرفين وأن تغيير الإدارات الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة، لا يؤثر بعلاقات طهران مع موسكو"، مرجّحاً أنّ خامنئي في رسالته أيضاً "يبدي رغبة إيران في تعميق التعاون على المدى البعيد وفق رؤيته الاستراتيجية للعلاقات مع روسيا والشرق".
وفي معرض الرد على سؤال عمّا إذا كانت الزيارة مؤشراً على إحباط إيراني مبكر من أن تتبنى الإدارة الأميركية الجديدة مقاربة مختلفة معها عن سلفها، استبعد بهمن حصول انفراجة في التوتر مع الغرب وتحسن العلاقات معه في الظروف الراهنة.
وأشار في السياق ذاته إلى أنّ الزيارة "تحمل أيضاً رسائل تحذيرية للولايات المتحدة وأوروبا من أنّ طهران لديها خيارات بديلة ولا تنتظرهما، فضلاً عن رسائل أخرى للصين وروسيا عن عزم إيراني لتعزيز العلاقات والتعاون معهما".
"روسيا دولة عضو في الاتفاق النووي، وموقفها أقرب إلى إيران بين أعضاء الاتفاق وأبدت التزامها به منذ التوقيع عليه" عام 2015، كما يقول بهمن، الذي أشار إلى انتقادات روسية مستمرة للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وتداعياته والموقف الأوروبي لـ"عدم تنفيذ هذه الأطراف تعهداتها".
وأضاف أنّ موسكو دعمت موقف إيران بعد اتخاذها خطوات نووية لتقليص تعهداتها بالتدرج رداً على "نكث" الأطراف الأميركية والأوروبية بالتزاماتها، لافتاً إلى أنّ الكرملين اعتبر أنّ طهران "محقة في هذه الخطوات".
لكن روسيا رغم هذه المواقف السياسية، لم تساعد إيران كثيراً في مواجهة العقوبات الأميركية على الصعيد الاقتصادي، وهذا ما يظهره حجم التجارة بين البلدين، حيث لا يتجاوز ملياري دولار، إلا أن بهمن يقول إنّ المستوى المتدني للعلاقات الاقتصادية بين البلدين "ليس مرتبطاً بمسألة الاتفاق النووي والعقوبات فحسب، بل بشكل عام هذه العلاقات ضعيفة للغاية، وهناك مشاكل أخرى أمام تنمية العلاقات التجارية".