ربع فرصة في يد تبون

24 يوليو 2024
تبون في إيطاليا، 14 يونيو 2024 (مانديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خلال انتخابات الجزائر 2019، جمعت أحزاب التحالف الرئاسي ستة ملايين توقيع لصالح بوتفليقة، مما أثار اتهامات بتزوير واسع النطاق.
- في الانتخابات المقبلة، أعلن حزب موالٍ لتبون جمع مائة ألف توقيع في أربعة أيام، مما يثير الشكوك حول نزاهة العملية الانتخابية.
- الرئيس تبون لديه فرصة لضمان انتخابات نزيهة، لكن يجب أن تكون المنافسة عادلة بينه وبين المرشحين الآخرين مثل عبد العالي حساني ويوسف أوشيش.

خلال الانتخابات الرئاسية في الجزائر عام 2019، وقبل إلغائها بسبب تظاهرات الحراك الشعبي، خرجت أحزاب التحالف الرئاسي التي كانت تحيط بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لتعلن أنها جمعت ستة ملايين توقيع لصالحه، بينما كانت الشوارع الجزائرية هادرة بالتظاهرات الرافضة. وبغض النظر عن ذلك الانفصام السياسي الذي كانت تعيشه أحزاب السلطة، فإن هذا الرقم كان يحيل إلى تزوير فاضح واستخدام اللوائح الاسمية للمواطنين في البلديات والمصالح الإدارية، لملء استمارات التوقيع لصالح بوتفليقة من دون علمهم.

قبل أيام، أعلن رئيس حزب موالٍ للرئيس عبد المجيد تبون، أنه تمكّن من جمع أكثر من مائة ألف توقيع لصالح تبون في غضون أربعة أيام. يبدو هذا الرقم مبالغاً فيه ضمن السياق السابق نفسه، بينما كانت الأحزاب التي أعلنت عن تقديم مرشّح بالكاد جمعت العدد المطلوب من التوقيعات (50 ألف توقيع) في غضون شهر. لا يتعلق الأمر هنا بالقدرة والإمكانية، لأن بعض هذه الأحزاب أكثر تنظيماً وقواعدها أكثر انضباطاً والتزاماً سياسياً لأسبابٍ أيديولوجية من أحزاب موالية للرئيس تبون، ولكنه يتعلق بأن عملية جمع التوقيعات، في حد ذاتها، صعبة من الناحية التقنية، ولضعف البنية الرقمية للبلديات والسلطة المستقلة للانتخابات، وكان هذا واضحاً في سلسلة من التقارير والاحتجاجات التي قدّمها أغلب المرشّحين.

بغض النظر عن المواقف المتباينة إزاء الظروف المحيطة بالمسار الانتخابي لرئاسيات السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، ومدى توفّر الشروط الموضوعية التي تضمن منافسة نزيهة ومتكافئة بين الرئيس تبون باعتباره مرشح السلطة والإدارة والمؤسسات الحيوية، وباقي المرشحين أو عدمها، فقد كانت أمام الرئيس تبون فرصة جيدة لإنجاز انتخابات رئاسية سليمة على المستوى الإجرائي على الأقل، من حيث استبعاد كل الممارسات الشائنة التي تُنفّر الناخبين من الصندوق، ومفتوحة من حيث منع إعادة تكريس السلوكيات الإدارية نفسها المنحازة التي تهدر كل المصداقية السياسية للانتخابات، ونزيهة من حيث الحدّ من تملّق الإعلام واستخدامه لصالح مرشح معيّن، هو بذاته.

ما زالت في يد الرئيس ربع فرصة، في ما تبقّى من المسار الانتخابي، وهو الأساس، لضمان سلامة الاستحقاق وتصحيح الوضع الذي يبدو أنه مرشحٌ لأن يخرج عن السيطرة مع بدء الحملة الانتخابية، وضبط العنفوان الانتخابي لدى جبهة الموالاة المشحون عادةً بجرعةٍ زائدةٍ من التسلق والتملق للسلطة، وبفائض الرغبة في إظهار كل الولاء السياسي لمرشّحها باستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، خدمة لمصالح بالغة الضيق. لا يخدم ذلك صورة الرئيس، وسيسجّل عليه في دفتر التاريخ السياسي الذي ينكشف حتماً في لحظةٍ ما، كما انكشفت سريعاً فضائح تمويل الانتخابات في عهدة بوتفليقة.

يجب أن تأخذ الأسماء المنافسة للرئيس تبون في الانتخابات المقبلة حقاً في حملة انتخابية متكافئة. قد تبدو هذه الأسماء، عبد العالي حساني ويوسف أوشيش وسعيدة نغزة وبلقاسم ساحلي، أقلّ تجربة سياسية، وحديثة العهد بالمناكفة والمنافسة في هذا المستوى، لكنها قد تفاجئ المجتمع السياسي بطرح متميز وجريء، وبسقفٍ عالٍ من حيث التنافسية السياسية والأداء الانتخابي، مقارنة بظروف الإغلاق السياسي الذي تعيشه الجزائر، وقد يكون ذلك هو الحدث الانتخابي، بغضّ النظر عن النتائج التي تتحكّم فيها عوامل أخرى.

المساهمون