أعلن رئيس أذربيجان إلهام علييف فجر الثلاثاء أنّ الاتفاق الذي أبرمته بلاده مع أرمينيا بوساطة روسيا لوقف إطلاق النار في إقليم كاراباخ الانفصالي هو "وثيقة استسلام" أُرغمت يريفان على توقيعها بعد ستّة أسابيع من المعارك.
وقال علييف في خطاب عبر التلفزيون: "لقد أجبرناه (رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان) على توقيع الوثيقة، إنها بالأساس وثيقة استسلام". وأضاف "لقد قلت إنّنا سنطردهم (الأرمينيين) من أراضينا طرد الكلاب، وقد فعلنا".
وأوضح الرئيس الأذربيجاني أنّ اتفاق وقف إطلاق النار يحوز "أهمية تاريخية"، مشيراً إلى أنّه ينصّ على أن تسحب أرمينيا قواتها من الإقليم خلال مهلة زمنية قصيرة، وعلى أن تشارك روسيا وكذلك تركيا، حليفة أذربيجان، في تطبيق بنود الاتفاق. ونعت علييف رئيس الوزراء الأرميني بـ"الجبان" لأنّه لم يوقّع الاتّفاق أمام عدسات وسائل الإعلام.
وأتى تصريح الرئيس الأذربيجاني بعيد إعلان نظيره الروسي فلاديمير بوتين أنّ أرمينيا وأذربيجان توصّلتا برعاية بلاده إلى اتّفاق على "وقف إطلاق نار شامل" في إقليم كاراباخ، دخل حيّز التنفيذ في الساعة 21:00 ت غ من ليل الإثنين.
وقال بوتين في تصريح بثّته وسائل الإعلام الروسية إنّه "في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني وقّع رئيس أذربيجان ورئيس وزراء أرمينيا باشينيان ورئيس روسيا الاتّحادية، إعلاناً ينصّ على وقف شامل لإطلاق النار، وإنهاء كلّ العمليات العسكرية في منطقة النزاع في كاراباخ، وذلك اعتباراً من منتصف ليل العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني بتوقيت موسكو".
وأضاف أنّ الاتفاق يقضي بأن يحتفظ طرفا النزاع "بالمواقع التي يسيطران عليها"، ما يعني تكريس الانتصارات التي حقّقتها القوات الأذربيجانية وخسارة الانفصاليين الأرمن السيطرة على أنحاء واسعة من الإقليم.
ينص الاتفاق على نشر ما يقرب من ألفي جندي روسي لحفظ السلام وضمان امتثال طرفي الاتفاقية لبنودها
كما ينص الاتفاق على نشر ما يقرب من ألفي جندي لحفظ السلام وضمان امتثال طرفي الاتفاقية لبنودها. كما ينص على استعادة أذربيجان السيطرة على العديد من المناطق التي كان يسيطر عليها الانفصاليون ودحروا منها، ويبقي على ممرّ برّي يربط بين الأراضي التي لا تزال تحت سيطرة الانفصاليين وأرمينيا.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن وزارة الدفاع في موسكو قولها إنّ قوات حفظ السلام الروسية التي ستنتشر في الإقليم المتنازع عليه قوامها 1960 جندياً و90 عربة مصفحة.
وبثّ تصريح الرئيس الروسي بعيد دقائق من إعلان رئيس الوزراء الأرميني أنّه وقّع اتفاقاً "مؤلماً" مع كلّ من أذربيجان وروسيا لإنهاء الحرب في الإقليم المتنازع عليه.
وقال باشينيان في بيان على صفحته في موقع فيسبوك: "لقد وقّعت إعلاناً مع الرئيسين الروسي والأذربيجاني لإنهاء الحرب في كاراباخ"، واصفاً هذه الخطوة بأنّها "مؤلمة بشكل لا يوصف، لي شخصياً كما لشعبنا".
وأضاف باشينيان أنه اتخذ هذا القرار "نتيجة تحليل عميق للوضع العسكري"، حيث رأى أن هذا هو أفضل حل للوضع القائم. واعداً بالحديث بشكل أكثر تفصيلاً خلال الأيام القادمة.
وأشار إلى أن الاتفاق الذي وقع عليه "ليس نصراً، وليس هزيمة"، داعياً إلى اعتباره مرحلة "ولادة جديدة" للعمل على المستقبل وعدم تكرار أخطاء الماضي.
وفور شيوع الخبر تقاطر آلاف من المتظاهرين الغاضبين إلى المقرّ الحكومي في يريفان، حيث تظاهر القسم الأكبر منهم خارج المقرّ في حين اقتحمه بضع مئات منهم وعاثوا خراباً في مكاتبه، ولا سيّما في إحدى قاعات مجلس الوزراء، وحطّموا زجاج عدد من نوافذه، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس. وأطلق المتظاهرون هتافات مندّدة برئيس الوزراء من بينها "نيكول خائن".
وأتى إبرام اتفاق وقف إطلاق النار بعيد إعلان القوات الأذربيجانية أنّها سيطرت على مدينة شوشة الواقعة على بُعد 15 كيلومتراً من عاصمة الإقليم الانفصالي ستيباناكرت. ويعتبر سقوط هذه المدينة الاستراتيجية نقطة تحوّل في الحرب كونها عقدة على الطريق بين الإقليم الانفصالي وراعيته أرمينيا.
واندلعت المواجهات بين الطرفين أواخر شهر سبتمبر/أيلول الماضي بين أذربيجان وانفصاليين مدعومين من أرمينيا للسيطرة على كاراباخ، المنطقة التي أعلنت الاستقلال عن باكو خلال حرب التسعينيات الماضية.
والمواجهات الأخيرة هي الأسوأ منذ عقود، وأودت بحياة أكثر من ألف شخص بينهم مدنيون، رغم الاعتقاد بأن حصيلة القتلى أعلى بكثير. وتواصل القتال على الرغم من مساعٍ عدة من روسيا وفرنسا والولايات المتحدة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس)