يشرح رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، في تقدير موقف سياسي، الأسباب العميقة والدوافع التي دفعت الحركة إلى اتخاذ قرار بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة، عقب المشاورات التي جرت مع الرئيس عبد المجيد تبون قبل أسبوع، ورجح في نفس السياق ألا تصمد الحكومة الجديدة طويلاً.
واعتبر مقري في الوثيقة أن "عرض المشاركة في الحكومة (المقدم للحركة) يؤكد أن النظام السياسي لا يريد الحركة كشريك في الحكم رغم احترامه الكبير لها وعلمه بقوتها وحجمها، ورغم نتائجها الجيدة المعلنة في الانتخابات الأخيرة، وإنما يريدها مرة أخرى في واجهة الحكم لاستعمالها في معالجة مصداقيته وشرعيته المهزوزة بسبب الحراك والتزوير الانتخابي المستدام وعدم القدرة على تحقيق التنمية إلى الآن".
وأضاف "كما يريد أن يجعلها في مواجهة التوترات الاجتماعية المتصاعدة، ولمنعها من النمو والتطور، أي أن تكون دائما في دائرة الغرم فحسب".
ويؤكد مقري أن "التزوير الانتخابي وطريقة تشكيل الحكومة، يوضحان أن عمق النظام السياسي لم يتغير وأن استراتيجيته الأساسية هي استراتيجية البقاء في الحكم وليست استراتيجية التنمية وتطوير البلد، يغلب عليها البعد الأمني وليست لها علاقة بالسياسة وبناء الشراكة والتوافق".
ورجح رئيس مجتمع السلم ألا تصمد الحكومة الجديدة طويلاً، بسبب تعقيدات الوضع الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار إلى أن "الحركة كانت على استعداد للمجازفة بالمشاركة في حكومة قد لا تثبت طويلا بسبب تعقد الأوضاع، خدمة للبلد واستقراره وتنميته وتشكيل جبهة وطنية موحدة ضد المخاطر الخارجية، غير أن مجلس الشورى قدّر، بأغلبية ساحقة، أن العرض المقدم لها، من حيث شكله ومضمونه وخلفياته، سيضعفها ويعرضها لكثير من المخاطر دون أن تكون لها فرصة حقيقية داخل الحكومة لتحقيق أهدافها ووعودها لصالح الجزائر والجزائريين التي قدمتها للناخبين".
وفيما كانت مجتمع السلم، التي فازت بـ65 مقعدا في البرلمان كثاني قوة سياسية بعد جبهة التحرير الوطني، قد أعلنت سابقا استعدادها للمشاركة في حكومة توافقية، إلا أن رئيسها عبد الرزاق مقري يؤكد أن "العرض الذي قدمه رئيس الجمهورية لا يرقى إلى المستوى الذي يسمح للحركة بالمساهمة الفعلية في حل الأزمات وتطوير البلد من عدة أوجه، كما أنه يمنع الحركة من أن تختار الوزارات التي تسيّرها ولا أن تساهم في مناقشة ذلك، وإنما عليها أن تقدم قائمة رغبات بتسع وزارات ويُختار لها أربع أو خمس وزارات دون أخذ رأيها".
وبحسب مقري، فإن ذلك يوضح أن السلطة تعتقد أنه "ليس من حق الحركة أن تطمح إلى المناصب الإدارية والسيادية، ولو كانت على مستوى محلي"، بخلاف حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، حيث ينتمي أغلب السفراء والولاة الحاليين إلى هذين الحزبين.
وبرغم قرارها عدم المشاركة في الحكومة، فإن رئيس مجتمع السلم يعتبر أن هناك تقاطعات يمكن للحركة العمل فيها والتعاون مع الرئيس عبد المجيد تبون، "بالنظر للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها الجزائر، وباعتبار المكتسبات القائمة المتمثلة في هوامش الحرية المتاحة وعلاقات الاحترام المتبادل مع رئيس الجمهورية ومختلف مؤسسات الدولة".
وتابع "بسبب المواقف الرسمية الجيدة بخصوص القضية الفلسطينية، والمخاطر الصهيونية القديمة، والجديدة بعد التطبيع مع المغرب، قررت الحركة التعاون مع السيد رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة من خارج الحكومة، في كل ما يتعلق بالمخاطر الخارجية ووحدة البلد، ولدعم التنمية".
وتذكر الوثيقة أن الحركة حددت ست أولويات رئيسة ستشتغل عليها في المرحلة المقبلة، وهي "التنمية والبحث عن التوافقات الوطنية مع مختلف القوى السياسية في الموالاة والمعارضة لتهيئة ظروف انتقال ديمقراطي حقيقي والدفاع عن الحريات واستقلالية القضاء وتحرير المؤسسات الإعلامية".
وحسب الوثيقة، فإن الحركة تضع مكافحة الفساد أولويةً ضمن الدفاع عن الهوية والسيادة الوطنية، والتصدي لحملات ضرب الهوية الوطنية والمدرسة والأسرة، وفضح اللوبيات الاقتصادية والثقافية، وكذا مكافحة كل أشكال التطبيع والتمدد الصهيوني في الجزائر وفي المغرب العربي على كل المستويات الثقافية والاقتصادية والرياضية والسياسية، ومواجهة المحاور الدولية الحليفة للكيان الصهيوني.