تضع الهجمات الأخيرة على القواعد والمصالح الأميركية في العراق حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمام وضع مُعقد وغير مريح، خصوصاً بعد فشل حراكه الهادف إلى إقناع الفصائل المسلحة الحليفة لإيران بإيقاف تلك الهجمات التي ارتفعت إلى 11 هجوماً خلال الـ10 أيام الأخيرة.
وبالتزامن مع تلك الهجمات التي تبنتها عدة فصائل مسلحة أبرزها "تشكيل الوارثين" و"المقاومة الإسلامية"، وهي فصائل جديدة يُرجح مراقبون أنها واجهات لجماعات مسلحة عراقية معروفة تستخدم تلك الأسماء للمناورة سياسياً وأمنياً داخل بغداد، طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الحكومة بـ"إغلاق السفارة الأميركية في بغداد" رداً على دعم واشنطن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
واليوم الأحد، قال مسؤول عراقي بارز في المكتب الحكومي ببغداد إنّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني "ليس بصدد التصعيد في المواقف مع الولايات المتحدة، رغم ضغوط سياسية من فصائل مسلحة نافذة ببغداد"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "دعوات إغلاق السفارة الأميركية غير منطقية"، مبيناً أن "رئيس الوزراء يتعرض لضغوط كبيرة من أطراف عديدة، ويسعى حالياً للحفاظ على التوازن داخل العراق، وعدم الانجرار إلى تصعيد أمني خطير في حال قررت الولايات المتحدة الرد عسكرياً على الهجمات داخل العراق".
ووصف المسؤول العراقي الضربات الأميركية على مواقع في سورية، الخميس الماضي، بأنها "رسائل تحذيرية موجهة للعراق بالدرجة الأولى"، كاشفاً عن حراك جديد للسوداني تجاه أطراف إيرانية للضغط على الفصائل المرتبطة بها في العراق، بغية وقف الهجمات التي تنفذها، وشرح مخاطر ذلك وإمكانية أن ترد الولايات المتحدة بقصف مواقع ومعسكرات داخل العراق تابعة للحشد الشعبي.
في السياق ذاته، وصف عضو التحالف الحاكم في العراق (الإطار التنسيقي) جبار عودة السفارة الأميركية في بغداد بأنها "تحولت إلى ثكنة عسكرية كبيرة"، في إشارة إلى وجود قوة عسكرية تتولى حماية السفارة من الهجمات المتكررة التي تنفذها الفصائل المسلحة.
وأضاف عودة في تصريحات للصحافيين، أمس السبت، أن الولايات المتحدة "وراء فوضى الشرق الأوسط، والصورة بدأت تتوضح للجميع بشأن أجندة واشنطن".
وقال الناشط وعضو التيار المدني العراقي أحمد العبيدي، في حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ اشعال الساحة العراقية بأزمة جديدة بين الفصائل المسلحة والقوات الأميركية يهدد مساعي الحكومة في مفاوضاتها مع واشنطن حيال سياسة الفيدرالي الأميركي بشأن حصول العراق على الدولار، وكذلك ملف دعم القوات العراقية".
وأضاف أن "السوداني يواجه تحدياً حقيقياً في الحفاظ على حالة التهدئة الحالية، لكن الفصائل المسلحة تحاول أن تقول لأنصارها وجمهورها إنها شاركت أو دعمت المقاومة الفلسطينية من خلال تلك العمليات، رغم أنه يمكنها أن تشارك فعلاً في الجبهة السورية على الجولان المحتل، غير أن قرار مشاركتها هي أو غيرها بيد إيران في النهاية"، على حد تعبيره.
ورأى الباحث في الشأن السياسي مجاهد الطائي أن نية السوداني المعلنة للحفاظ على سياسة خارجية متوازنة مُعرضة "لخطر الانهيار"، مضيفاً في تدوينة له على منصة "إكس" أنه "في حال مارست إيران وأنصارها المسلحون نفوذاً أكبر، فسيكون من الصعب الحفاظ على هذا التوازن، وسيجازف السوداني بحسن النية التي بناها مع الغرب"، مؤكداً أن "ذلك يأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط على السوداني لتعديل الاتفاقية الإطارية (مع واشنطن) للسماح بإزالة جميع القوات الأجنبية من الأراضي العراقية".
واستأنفت الفصائل العراقية المسلحة، في الأيام السابقة، هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة على القواعد التي تضم جنوداً أميركيين في العراق، في سلسلة هجمات قالت الفصائل إنّها تأتي رداً على مشاركة الولايات المتحدة ودعمها للاحتلال الإسرائيلي في الحرب على غزة.