رئيس الوزراء الأردني يثير الجدل بتمزيقه ورقة اقتراع اللائحة العامة في الانتخابات النيابية

10 سبتمبر 2024
الخصاونة يدلي بصوته في الانتخابات النيابية، 10 سبتمبر 2024 (رئاسة الوزراء الأردنية)
+ الخط -

أحدث رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب تمزيقه ورقة الاقتراع الخاصة بالقائمة العامة (الحزبية) واستبدلها بأخرى خلال الإدلاء بصوته في انتخابات مجلس النواب الأردني العشرين في العاصمة عمّان، ما اعتبره منتقدون موقفا حكوميا من الأحزاب والحياة الحزبية.

وأعطى قانون الانتخاب الجديد، الذي أُقر في يناير/كانون الثاني 2022، كل ناخب صوتين، وفقاً لنظام انتخابي مختلط، يعتمد النظام النسبي المغلق للقوائم الحزبية، والنظام النسبي المفتوح للقوائم المحلية، بحيث لا يمكن للناخب على القوائم العامة تغيير ترتيب المرشحين الذي يجري اعتماده من الحزب، بينما يتمكن الناخب في الدوائر المحلية من الاقتراع للأفراد المرشحين. 

وتداول نشطاء ومواطنون ووسائل إعلام أردنية صوراً وفيديوهات لرئيس الوزراء الأردني خلال تمزيقه الورقة الانتخابية أثناء إدلائه بصوته في الانتخابات التي انطلقت اليوم الثلاثاء، وهو ما أثار موجة من التساؤلات عبر منصات التواصل الاجتماعي عن قانونية هذا التصرف.

وحول ذلك، قال الناطق باسم الهيئة المستقلة للانتخاب محمد خير الرواشدة إن الهيئة تتعامل مع هذه الحالة كأنها حدثت من أي مواطن آخر، وأضاف، خلال المؤتمر الصحافي بمقر الهيئة، أنه في حال مزق الناخب ورقته الانتخابية فإن الهيئة تعتبر الورقة لاغية، وتمنح الناخب ورقة جديدة، وهو ما حدث مع الرئيس الخصاونة، مبيناً أن "هذا لا يدخل ضمن المخالفات".

بدوره، قال أستاذ القانون الإداري والدستوري حمدي قبيلات، لـ"العربي الجديد"، إنه "إذا كانت الورقة غير صالحة للاقتراع سواء لعدم الوضوح أو لخطأ مادي فيها، أو لخطأ غير مقصود ارتكبه المقترع، هنا يمكن استبدالها بورقة أخرى، وهنا الأمر لا يشكل جريمة عندما تكون الورقة غير صالحة للاقتراع". وأضاف قبيلات: "لكن في حال تمزيق ورقة الاقتراع من قبل الناخبين قصداً وعدم وضعها بالصندوق فإن يشكل ذلك جريمة انتخابية، إذ إنه وفقاً للمادة (61/أ/5) من قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 "أ- يعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ألفين وخمسمائة دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين كلُّ من ارتكب أيًّا من الأفعال التالية: عبث بأيّ صندوق من صناديق الاقتراع أو الجداول الانتخابية أو الأوراق المعَدّة للاقتراع، أو سرق أيًّا من هذه الجداول أو الأوراق أو أتلفها أو لم يضَعها في الصندوق، أو قام بأيّ عمل بقصد المسّ بسلامة إجراءات الانتخاب وسريته".

من جهته، قال مدير مركز راصد لمراقبة الانتخابات عامر بني عامر، لـ"العربي الجديد"، إن إتلاف ورقة اقتراع قبل دخولها إلى صندوق الاقتراع أمر يتكرر بكثرة في مراكز الانتخاب، مشيراً إلى أن المادة "5 – ي" من التعليمات التنفيذية للاقتراع والفرز نصّت على أنه "إذا تعرضت ورقة الاقتراع للتلف قبل إدخالها الصندوق، يقوم رئيس اللجنة باستبدال الورقة التالفة بأخرى، ويحتفظ رئيس اللجنة بالورقة التالفة"، وهذا يدلل على أن هذا الإجراء لم يجرمه القانون ولم يعُدّه مخالفة صريحة". وأضاف: "أنا أنظر له من جانب يمثل الوضع الطبيعي من أي ناخب، عندما يحصل منه خطأ"، مشيراً إلى أن "الخصاونة كأي مواطن أردني مارس حقه وأخطأ بالتأشير على ورقة الاقتراع وقام بإتلافها".

بدوره، قال أمين عام الحزب الشيوعي الأردني، سعود قبيلات، إن "سلوك رئيس الوزراء الأردني لدى قيامه بالاقتراع اليوم مستغرب ويحتاج إلى جلاء"، مضيفاً في منشور على "فيسبوك"، أن "قيام رئيس الوزراء، عند ممارسته حقَّه في الاقتراع اليوم، بتمزيق ورقة الانتخاب الخاصَّة بالقائمة العامَّة (الحزبيَّة)، يُعدُّ دليلاً فاضحاً على موقفٍ سلبيٍّ لديه من الأحزاب، ومن الحزبيَّة، ومن مشاركة القوائم الحزبيَّة في الانتخابات".

وقال قبيلات: "لو كان من فعل هذا مواطن عاديّ لاعتبرنا ذلك موقفاً يخصّه، ولرأينا أنَّه هو وحده مَنْ يتحمَّل مسؤوليَّته؛ وكنَّا، ربَّما، وافقنا الهيئة المستقلَّة للانتخاب في تعليقها على هذا الحدث الغريب، بأنَّه لا يُعدُّ مخالفة انتخابيَّة"، مؤكداً أن "المسألة ليست في إنْ كان هذا الفعل مخالفاً لتعليمات الانتخاب أم لا؛ بل هي في إن كان سلوكاً مقبولاً مِن رئيس وزراء تتولَّى الحكومة التي يترأسها الإشراف على الانتخابات، بقوائمها الحزبيَّة وقوائمها المحليَّة".

وتابع: "رئيس الوزراء يجب أنْ يتصرَّف كرجل دولة، وأنْ يتعامل مع العمليَّة الانتخابيَّة، بكلِّ جوانبها، باحترامٍ كامل، وأنْ يكون مدركاً عواقب سلوكه، وأنْ لا يُظهِر في تصرُّفاته أيّ نوعٍ من الانحياز (مع أو ضدّ) أيّ من القوائم، أو مع أو ضدّ أيّ نمط من أنماط التَّرشيحات المنصوص عليها في القانون"، قائلاً إن "هذا السُّلوك المستهجن يجعل الحكومة، التي يترأسها رئيس الوزراء الحاليّ، غير أهلٍ للثِّقة في إشرافها على الانتخابات. لذلك، يجب التَّوقف عند هذا الحادث المستغرب بجدية تامة، وجلاء الموقف بشأنه، لتلافي أيّ آثار سلبيَّة قد يجرُّها هذا التصرف المرفوض على الانتخابات". وختم: "وهذا، في أقلِّ القليل، مدعاة لأنْ يتنحَّى رئيس الوزراء عن أيّ علاقة في إدارة الانتخابات، مع ضرورة أن يجري تحقيق جدِّي في هذا الأمر، من الهيئة المستقلَّة للانتخاب. كما أنَّ هذا يقتضي تدخّل النَّائب العام من تلقاء نفسه".

وأدلى رئيس الوزراء الأردني بصوته في مدرسة تيسير ظبيان الثانوية للبنين في منطقة أم أذينة ضمن نطاق الدائرة الثانية بعمان. وقال في تصريحات للصحافيين عقب الإدلاء بصوته: "هذا الاستحقاق الدستوري المهم يشكل المحطة الأولى التنفيذية لعملية التحديث السياسي، والتي انبثق عنها قانون جديد للأحزاب السياسية وقانون جديد للانتخاب أصبحت بمقتضاه قائمة وطنية حزبية وقائمة محلية". وأضاف أن "الانتخابات هي المدخل للمشاركة الحقيقية للشباب في صنع القرار السياسي والاقتصادي وفي تحسين الأداء الإداري وفي المراقبة التشريعية وضرورة اختيار من يرونه يمتاز بالقدرة على التعبير عن هذه التطلعات التي نشترك فيها جميعاً لتعزيز بلدنا والمضي به إلى آفاق أرحب وإلى المساحات والآفاق التي نستطيع أن نصل إليها بهمة مواطنينا والرؤية الثاقبة لقيادتنا".

ورداً على سؤال حول إجراء انتخابات مجلس النواب الأردني العشرين في ضوء الأوضاع الإقليمية، شدد رئيس الوزراء الأردني على أن "هذا البلد انبرى بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري المحدد والمضي قدماً في مسارات تحديثية أخرى في خضم هذه الأوضاع الإقليمية الصعبة وهذا العدوان الإسرائيلي الغاشم والمستمر على أهلنا في قطاع غزة والتصعيد المستمر في الضفة الغربية"، لافتاً إلى أن الأردن وبالرغم من موقعه وسط إقليم ملتهب يسير دائماً بثبات وفي كل مرة كان يجري الاستحقاقات الدستورية في مواقيتها ما يؤكد ثقتنا بأنفسنا وبلدنا وإيماننا بمواطنينا.