سيطرت التجاذبات والمناكفات السياسية على خطابي رئيسي حكومتي ليبيا خلال احتفالات ذكرى ثورة 17 فبراير في ليبيا، مساء أمس السبت، في الوقت الذي تراجع فيه الحماس الشعبي للاحتفال بذكرى الثورة بشكل كبير.
وبخلاف السنوات الماضية، لم تشهد المناطق والمدن الليبية احتفالات واسعة بالذكرى الـ13 للثورة هذا العام، إذ تجمهر العشرات من المواطنين في ساحات مدن مصراتة والزاوية وصبراتة وغريان للاحتفال، من دون أي رعاية من قبل المجالس البلدية لهذه المناطق كما كانت الحال في السنوات الماضية.
وفيما ألغت حكومة مجلس النواب الاحتفال لهذا العام في ذكرى ثورة 17 فبراير، نظمت حكومة الوحدة الوطنية احتفالاً كبيراً في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس، وبحضور رئيسها عبد الحميد الدبيبة.
وبرر رئيس حكومة مجلس النواب أسامة حماد قرار إلغاء الاحتفال بذكرى ثورة 17 فبراير لهذا العام بأته يأتي تضامناً مع ضحاياً الفيضانات والسيول التي ضربت مناطق ومدن شرق ليبيا في سبتمبر/أيلول الماضي.
كما برر حماد قراره بسعي الحكومة إلى "توظيف الإمكانات البشرية والمادية كافة في مجال إعادة إعمار المدن والمناطق المتضررة، عبر صندوق إعمار درنة والمدن والمناطق المتضررة، وحفاظًا على المال العام".
وفي المقابل، شدد الدبيبة، في كلمته أثناء الاحتفال في ذكرى الثورة ليل البارحة في ميدان الشهداء، على ضرورة الاستمرار في إحياء ذكرى الثورة وتمسك حكومته بمبادئها وسعيها من أجل تحقيقها.
واستضاف الدبيبة على مسرح الاحتفال عدداً من أهالي مدينة درنة، بمصاحبة عرض مشاهد تصويرية لأحداث الفيضانات التي شهدتها المدينة في سبتمبر، وأخرى تظهر الجهود الخدمية التي قدمتها حكومته للمدينة وأهلها أيام الفيضانات، في رد واضح على قرار حكومة مجلس النواب إلغاء الاحتفال تضامنا مع أهالي المدن المنكوبة بالسيول والفيضانات.
ذكرى ثورة 17 فبراير: اتهامات وانتقادات
وأثناء استعراض الدبيبة عدداً من المشاريع التي أنجزتها حكومته، وجه اتهامه لمجلس النواب بعرقلة تسييل رواتب المواطنين لشهر يناير/كانون الثاني الماضي، وقال: "لن نسكت على قوت الليبيين ومعاشهم، ومن أوقف ميزانية الحكومة هو البرلمان ونحن نعمل على تغييره وتغيير كل الأجسام التي امتد عمرها لأكثر من عشر سنوات"، من دون مزيد من تفاصيل.
ولقي تنظيم حكومة الدبيبة الاحتفال في ميدان الشهداء نقداً واسعاً من قبل القوى المدنية، واتهامات بإهدارها مبالغ مالية كبيرة لبناء المنصة الخاصة بالاحتفال، في الوقت الذي تعاني في بنوك البلاد شحا في السيولة النقدية الى حد عدم قدرة المواطنين على الحصول على رواتبهم للشهرين الماضيين، وفقا لبيان شباب المجلس الاجتماعي لحي سوق الجمعة بطرابلس.
وفي مدينة الزنتان، أقصى الغرب الليبي، استعرض عدد من كتائب المدينة آلياته العسكرية، ولافتات في أيدي عدد من المحتفلين بذكرى الثورة تظهر مطالبتهم بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية.
حماد: باتيلي يعرقل العملية السياسية في ليبيا
وعقب الانتقادات، نشر المكتب الإعلامي لحكومة مجلس النواب، في وقت متأخر من ليل البارحة، كلمة لرئيسها أسامة حماد، يؤكد فيها دعمه لما سماه بـ"الحراك الشعبي في غالبية المدن والمناطق الليبية رفضا للفساد المالي والإهدار الذي يمارسه من قفزوا على السلطة بالقوة وخلافًا للشرعية، ولم يراعوا أحوال الشعب الليبي الذي يعاني الفقر وقلة الإمكانات في شتى المجالات"، في إشارة إلى حكومة الدبيبة.
وكرر حماد أسباب إلغائه الاحتفال بذكرى ثورة فبراير لهذا العام بالقول إنه رأى "الابتعاد عن الاحتفالات بذكرى ثورة 17 فبراير خلال العام الجاري للحفاظ على الأموال العامة"، وتضامنا مع أهالي درنة.
ومساء أمس، وفي أثناء استعداد حكومة الدبيبة لتدشين الاحتفال بذكرى الثورة في العاصمة طرابلس، نشر المكتب الإعلامي لحكومة حماد صوراً يظهر فيها برفقة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، للاطلاع على أعمال صيانة وتطوير في مدينة درنة.
وضمن كلمته التي نشرها مكتبه الإعلامي ليل البارحة، اتهم حماد المبعوث الأممي الى ليبيا عبد الله باتيلي بعرقلة العملية السياسية في ليبيا، معلنا أنه "شخص غير مُرحَّب به في كل المدن والمناطق الخاضعة للسيطرة الإدارية للحكومة الليبية".
وبرر حماد موقفه من باتيلي بعجزه عن "دعم أيَّ مشروع يضمن حل المشكلة وينهي الانقسام"، وأن فشله يعود لـ"سياساته الخاطئة".
وكان باتيلي قد دعا إلى ضرورة تشكيل حكومة موحدة "تلم شمل كل المناطق غرباً وشرقاً وجنوباً"، مشدداً على أهمية "إعادة اللحمة للنسيج الاجتماعي، وإنعاش الاقتصاد، واستعادة سيادة البلاد".
وفي معرض كلمة نشرتها الصفحة الرسمية للبعثة الأممية على "فيسبوك" بمناسبة ذكرى ثورة فبراير، قال باتيلي: "الشعب الليبي انتظر ما فيه الكفاية، ولا يمكنه قبول المزيد من التأخير في تشكيل حكومة موحدة تلم شمل كل المناطق، شرقاً وغرباً وجنوباً".
وحذر من أن استمرار الوضع القائم "يشكل تهديداً كبيراً لوحدة ليبيا" في ظل "هشاشة المؤسسات الوطنية والانقسامات العميقة داخل الدولة".