شهد عدد من المدن الكردية الإيرانية غربي البلاد، اليوم السبت، إضرابات على وقع الاستعدادات الأمنية الإيرانية المكثفة لمنع اندلاع احتجاجات في الذكرى الأولى لرحيل مهسا أميني.
وباتت أجواء أمنية مشددة تخيّم على المدن الإيرانية، وخاصة في غرب البلاد، إلا أن الإيرانيين بدأوا بإطلاق هتافات ليلية عشية الليلة الماضية، فيما بدأ آخرون في خارج البلاد يتظاهرون، منذ أمس الجمعة، إحياء لهذه المناسبة.
كذلك أفاد موقع "إيران إينترنشنال" بإطلاق أهالي طهران الليلة الماضية هتافات سياسية من سطوح بيوتهم وشرفاتها.
حملات اعتقال وقبضة أمنية مشددة
وأعلنت الأجهزة الأمينية الإيرانية، اليوم السبت، في بيانات عدة، عن اعتقال عشرات الإيرانيين في عدد من المدن الإيرانية.
وقالت شرطة أصفهان في بيان إنها وصلت حتى الآن إلى 97 شخصاً من "المشوشين على الرأي العام" في الفضاء الافتراضي، مشيرة إلى أنها عاقبت 48 من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي بتهمة نشر كتابات وصور وأفلام "بهدف تضليل الرأي العام والتحريض على البلوى والتجمع".
كذلك أعلنت السلطات المحلية في محافظة كردستان الإيرانية، اليوم السبت، تنفيذ اعتقالات بحق من قالت إنهم "أرادوا إثارة البلوى وإنتاج المواد الإعلامية للانفصاليين"، وفق وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وذكرت أن المعتقلين قاموا بتصوير المحال التجارية والصناعية، متهمة إياهم بـ"السعي لزعزعة الأمن في محافظة كردستان".
منظمة استخبارات الشرطة في محافظة أصفهان أعلنت عن إغلاق 15 صفحة على منصة "إنستغرام، أما استخبارات الحرس الثوري الإيراني فقالت إنها اعتقلت 15 شخصاً في محافظة كهغيلويه وبوير أحمد بتهمة "السعي للتخريب وبث الفوضى في المنشآت العسكرية ونقاط في المحافظة".
في الأثناء، ذكر الحرس الثوري عن تفكيك "خلايا" في مدن كردية غربي إيران، واعتقال آخرين في محافظة فارس جنوبي البلاد، بتهمة "تحريض المواطنين على التظاهر".
وفيما ذكرت مواقع ومنشورات على شبكات التواصل مقتل مواطن في مدينة سقز الكردية، إلا أن وسائل إعلام إيرانية رسمية نفت ذلك، مع القول إن هذا المواطن أصيب بطلقات بعد تجاهله أوامر الشرطة وتم نقله إلى المستشفى وهو يتلقى العلاج.
وانتشرت أيضاً أنباء عن حريق في سجن غرجك للنساء جنوبي العاصمة طهران، مساء اليوم. وعلق المركز الإعلامي القضائي على هذه الأنباء بالقول إن الأوضاع في السجن "عادية"، مؤكداً أنه جرت السيطرة على الحريق بعد عشر دقائق من اندلاعه، وأن الحريق لم يخلف أي إصابات.
وتداولت مواقع إيرانية معارضة وحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة عن وجود مكثّف لقوات الأمن في شوارع طهران ومدن إيرانية أخرى، مشيرة إلى مواجهات جزئية بين بعض المواطنين وقوات الشرطة والأمن في نقاط في طهران، ومدينة مشهد شرقي إيران.
وفي السياق، ذكرت وسائل إعلام إيرانية معارضة أن القوات الأمنية وقوات الشرطة الخاصة لمكافحة الشغب باتت تنتشر بكثافة في ساحات رئيسية في طهران والمدن الإيرانية وخاصة في المدن الكردية غربي إيران لمنع المواطنين من التظاهر في ذكرى الاحتجاجات.
أمجد أميني
وفي السياق نفسه، زعمت السلطات المحلية في محافظة كردستان بأنها أحبطت محاولة اغتيال والد مهسا أميني من قبل "مجموعات كردية" في مدينة سقز، متحدثة عن اعتقال أفراد على خلفية ذلك.
وذكرت مواقع إيرانية أن قوات الأمن الإيرانية أعادت أمجد أميني، والد مهسا، إلى بيته بعد خروجه من المنزل، وهو حالياً قيد الإقامة الجبرية، فيما نفت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية صحة أنباء اعتقال والد مهسا أميني، قائلة إنه "حالياً في بيته في مدينة سقز".
واتهمت الوكالة الإيرانية القنوات والجماعات المعارضة للثورة الإسلامية في إيران بـ"نشر خبر كاذب عن اعتقال أمجد أميني والد مهسا أميني بهدف تحريض المواطنين والتشويش على الرأي العام"، حسب قول "إرنا".
وتشير تقارير إلى تشديد الإجراءات الأمنية في مدينة سقز الكردية حيث مسقط رأس الشابة مهسا أميني. وقالت مواقع إيرانية إن الأمن الإيراني يمارس منذ فترة ضغوطاً على عائلة مهسا أميني مع استدعاءات لوالدها أمجد لمنع العائلة من إحياء ذكرى رحيل مهسا الأولى، مشيرة إلى أن قوات الأمن تنتشر بكثافة في الشارع المؤدي إلى بيت مهسا الذي بات بالفعل محاصرا من قبل هذه القوات.
وفي منشور قصير على صفحة العائلة بمنصة "إنستغرام"، قال أمجد أميني ومجغان افتخاري؛ والد ووالدة مهسا (جينا) أميني، في التاسع من الشهر الجاري: "إننا أسرة جينا كأي عائلة ثكلى سنلتقي في الذكرى السنوية لاستشهاد فلذة كبدنا جينا أميني على قبرها، وسنقيم المراسم التقليدية والمذهبية".
وشكر والد مهسا أميني أهالي المدينة، داعياً إلى "تجنب أي عنف وتجنب الرد عليه". وجاء هذا النداء بعد أيام من اعتقال السلطات الأمنية صفا عائل، خال مهسا أميني، الأسبوع الماضي.
احتجاجات خارجية
وفي محاولة لمنع عودة التظاهرات، أعلنت السلطات الإيرانية، خلال الأيام الأخيرة، عن اعتقالات في العديد من المدن الإيرانية، مع اتهامات بالسعي لـ"إثارة الشغب" عبر الدعوة إلى التظاهر. كذلك نظمت الأجهزة الأمنية الإيرانية في الفترة الأخيرة اعتقالات بين أسر قتلى الاحتجاجات لمنعهم من إحياء ذكرى مقتل أبنائهم وتنظيم تجمعات على مقابرهم.
في غضون ذلك، ذكرت قناة "بي بي سي" البريطانية أن الإيرانيين في مدن أوروبية بدأوا بإحياء ذكرى الاحتجاجات في إيران من خلال تنظيم تجمعات احتجاجية ضد السلطة الإيرانية.
وقال المصدر إن الإيرانيين تجمعوا، أمس الجمعة، في مدينة استوكهولم السويدية وكرايست تشرش النيوزيليندية، معلنين دعمهم المحتجين داخل إيران.
في الأثناء، أعلنت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، ومقرها النرويج، اليوم السبت، أنها وثقت مقتل 551 شخصاً في الاحتجاجات العام الماضي، من بينهم 68 طفلاً.
وذكرت المنظمة أن عدد القتلى أكثر من ذلك، مع الإشارة إلى أنّها وثّقت أيضاً وفاة 22 محتجاً على الأقل في انتحار وفي ظروف غامضة. وأضافت أن العدد الأكبر للقتلى يعود على التوالي إلى محافظات سيستان وبلوشستان وطهران وكردستان وأذربيجان الغربية ومازندران.