"ذا ماسنجر": واشنطن تعدّ خطط إجلاء للمواطنين الأميركيين في تايوان

12 يونيو 2023
+ الخط -

 

كشفت مصادر استخباراتية لموقع "ذا ماسنجر نيوز" الأميركي، اليوم الاثنين، أن الحكومة الأميركية تعدّ خططاً لإجلاء المواطنين الأميركيين الذين يعيشون في تايوان، في ظل التهديد المحيط بها من الصين.

وقال مسؤول استخباراتي أميركي كبير للموقع، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مصرح له بكشف خطط الإجلاء، إن "التخطيط جارٍ منذ ستة أشهر على الأقل وجرى تصعيده خلال الشهرين الماضيين".

وقال المسؤول إن "مستوى التوتر المتزايد" دفع إلى رفع الاستعدادات، مضيفاً "إنه شيء لن تقرأه في الأخبار"، مشيراً إلى تحالف الصين مع روسيا بشأن أوكرانيا.

وفي هذا السياق، أشار مصدر مطلع إلى غزو روسيا أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022 باعتباره دافعاً للتخطيط.

وتعتبر الصين تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، لم تنجح في ضمه منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية في عام 1949. لكنها تؤكد أنها ستعيدها إلى السيادة الصينية يوماً ما، وبالقوة إن لزم الأمر.

ولم تناقش الحكومة الأميركية الاستعدادات علناً، حسب "ذا ماسنجر نيوز"، فيما رفضت وزارة الخارجية الأميركية طلب التعليق. كما رفض المتحدث باسم البنتاغون اللفتنانت كولونيل مارتن ماينرز التعليق مباشرة على خطط الإجلاء قائلاً: "لا نرى الصراع في مضيق تايوان على أنه وشيك أو لا مفرّ منه".

في المقابل، قال أحد المصادر للموقع الأميركي إن عملية التخطيط ظلت هادئة، لأنها موضوع حساس بالنسبة للحكومة التايوانية. بدوره، قال مسؤول سابق في وزارة الخارجية: "حتى الحديث عن (خطة إخلاء) يجعل الناس يعتقدون أن شيئاً ما قد يحدث، حتى لو كان مجرد تخطيط حكيم".

ويعيش قرابة 80 ألف مواطن أميركي في تايوان، والتي واجهت تهديدات متزايدة من الجيش الصيني والقيادة الصينية في السنوات الأخيرة.

وقال بعض المسؤولين الأميركيين إن الغزو قد يحدث في السنوات المقبلة، بينما يشك مسؤولون وخبراء آخرون في أن الحكومة الصينية ستلجأ إلى القوة في تعهدها الطويل الأمد بإعادة تايوان إلى سيادتها.

في غضون ذلك، قال مارك كانسيان، كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذي شارك في مناورات حربية في تايوان، وشارك في عام 1975 في إجلاء مواطنين أميركيين من سايغون (العاصمة السابقة لفيتنام)، إن التخطيط للإخلاء من تايوان "أمر حكيم للغاية".

لكنه أضاف أن هذه "ليست سوى خطط طوارئ. حقيقة أن الولايات المتحدة تفعل ذلك لا تعني أنهم يتوقعون اندلاع حرب. إنه مجرد تصريح بإمكانية اندلاع حرب ".

التحدي في إخراج الناس

وقالت مصادر لـ"ذا مسانجر"، إن تفاصيل الخطط الأميركية لا تزال قيد الإعداد، بما في ذلك الأماكن التي قد يجري إجلاء المواطنين الأميركيين منها إذا اعتبر ذلك ضرورياً.

واتفق الجميع على أن أي إخلاء من تايوان سيشكل تحديات متعددة.

وتحث التوجيهات العامة لوزارة الخارجية المواطنين في الخارج على استخدام وسائل النقل التجارية للمغادرة قبل وقوع أزمة، لكن هذا ليس ممكناً دائماً، وبالتأكيد ليس في حالة حدوث هجوم مفاجئ.

وقال كانسيان: "بمجرد أن يبدأ إطلاق النار يكون الأمر صعباً للغاية"، وأشار إلى التحدي المتمثل في الحفاظ على ممرات آمنة لعمليات الإجلاء والمساعدات الإنسانية في أوكرانيا كمثال.

التخطيط للأسوأ

بموجب السياسة الأميركية، يجري تكليف السفارات في جميع أنحاء العالم بصياغة خطط طوارئ لموظفي السفارات والمواطنين الأميركيين، بينما يجري إجراء تخطيط عملياتي أكثر تفصيلاً لعمليات الإجلاء، بالتعاون مع وزارة الدفاع.

وقال جون ماكلولين، القائم بأعمال المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية والباحث في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية، إن الخطوة الأساسية، ولكن الحاسمة لتخطيط الإخلاء في تايوان هي تحديد المواطنين الأميركيين، وتحديد مواقعهم على الجزيرة.

وأضاف للموقع الأميركي: "وفقاً لخطط الطوارئ، يجب معرفة عدد الطائرات التي ستحتاج إليها، والمسار الذي يجب أن يكونوا مستعدين للدخول والخروج منه، ومن المسؤول عن ذلك. ثم هناك النقل الداخلي، وكيفية نقل الأشخاص إلى المطارات والطيران بهم".

مخططو وزارة الخارجية ووزارة الدفاع مسؤولون أيضاً عن تحديد نقاط الالتقاء المحتملة، وطرق الإخلاء، وطرق العبور لمجموعة من حالات الطوارئ.

وحسب "ذا ماسنجر"، فإن حكومات أخرى وضعت بالفعل خطط إجلاء لتايوان، أو هي بصدد القيام بذلك، بما في ذلك إندونيسيا، التي لها حوالي 300 ألف مواطن في تايوان، وهو أكبر عدد من الأجانب في الجزيرة، وهم في الغالب من العمال المهاجرين. كما قال مسؤولون من الفلبين، التي لديها حوالي 150 ألف مواطن في تايوان، إن لديها خطط طوارئ قائمة. وفي العام الماضي، بدأت اليابان وتايوان محادثات حول خطة إجلاء للمواطنين اليابانيين.

إجلاء الأميركيين: تاريخ مشحون

وتنص سياسة الولايات المتحدة على أن الحكومة قد تساعد في إجلاء المواطنين الأميركيين، لكنها لا تضمن مثل هذا الدعم. وتعرضت إدارة بايدن لانتقادات شديدة لعدم تقديمها مساعدة كافية للأميركيين، كان آخرها في السودان، حيث اندلع قتال عنيف في إبريل.

وقالت الولايات المتحدة في البداية إنها لن تجري عملية إخلاء، لأن قلة من الناس طلبت ذلك؛ في وقت لاحق، غيرت الحكومة موقفها ورتبت قوافل عدة للخروج من الخرطوم.

وفي حالة أفغانستان، تُرك مئات الأميركيين وعشرات الآلاف من الأفغان الذين عملوا لصالح الولايات المتحدة وراءهم في الأيام الأخيرة المحمومة والخطيرة للإجلاء من كابول. وقال كانسيان إن هذه التجربة من المحتمل أن تلقي بثقلها على أذهان المسؤولين الأميركيين الذين يعملون على خطط لتايوان.

ولفت إلى أن الحكومة الأميركية "لن ترغب في سحب الأفراد في وقت قريب جداً، لأن ذلك من شأنه أن يشير إلى انعدام الثقة". "لكنهم لا يريدون الانتظار لوقت متأخر جداً، لأنهم حينها لن يكونوا قادرين على إخراج الجميع".