دير الزور... اهتمام مفاجئ من النظام السوري بمحافظة "مهملة"

13 ديسمبر 2021
سيطرة النظام أقرب للإدارية والخدمية في دير الزور (فرانس برس)
+ الخط -

بدأ رئيس مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري حسين عرنوس، أمس الأحد، زيارة إلى محافظة دير الزور في أقصى شرقي البلاد، والغنية بالثروات التي يتقاسم السيطرة عليها العديد من القوى، ما يجعل المشهد في هذه المحافظة مترامية الأطراف شديد التعقيد.

وذكرت وكالة "سانا" الرسمية التابعة للنظام أن "رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس بدأ على رأس وفد حكومي زيارة إلى محافظة دير الزور للاطلاع على عدد من المشروعات الخدمية والتنموية ونسب التنفيذ فيها".

وأوضحت الوكالة أن الزيارة "تشمل عدداً من حقول القمح التي يجري التحضير لزراعتها خلال الموسم المقبل، والاطلاع على واقع العمل في القطاع الثالث للري الحكومي بريف المحافظة الشرقي".

وأشارت الوكالة إلى أن "الوفد الحكومي يضم وزراء الإدارة المحلية والبيئة والتعليم العالي والبحث العلمي والزراعة والنفط ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي".

وهذه المرة الأولى التي يزور فيها دير الزور هذا العدد من الوزراء في حكومة النظام السوري، على الرغم من الأهمية الاقتصادية الكبيرة لهذه المحافظة التي تبلغ مساحتها أكثر من 33 ألف كيلومتر مربع.

هذه المرة الأولى التي يزور فيها دير الزور هذا العدد من الوزراء في حكومة النظام السوري


تقاسم النظام و"قسد" لدير الزور

وتتقاسم "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) التي تشكّل الوحدات الكردية قوامها الرئيسي، من جهة، وقوات النظام السوري من جهة أخرى، السيطرة على محافظة دير الزور.

وتفرض "قسد" سيطرة على ريف دير الزور شمالي نهر الفرات، وصولاً إلى الحدود الجغرافية مع العراق، فيما يفرض النظام ومليشيات إيرانية سيطرتهم على مدينة دير الزور وريفها الواقع جنوب النهر.

وظل الجزء الأكبر من المحافظة تحت سيطرة تنظيم "داعش" لسنوات عدة، حتى استطاعت قوات النظام والمليشيات الإيرانية السيطرة على منطقة جنوب نهر الفرات أو ما يعرف بـ"الشامية" أواخر عام 2017، بينما أتمت "قسد" السيطرة على المنطقة شمال النهر والتي تسمى محلياً "الجزيرة"، أوائل عام 2019.

ولكن سيطرة النظام أقرب للإدارية والخدمية فقط، فالكلمة العليا للمليشيات الإيرانية التي تسيطر بشكل مطلق على جزء من ريف دير الزور الشرقي جنوب نهر الفرات، يمتد من مدينة الميادين غرباً إلى مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية شرقاً، بطول أكثر من 50 كيلومتراً.

وينتشر العديد من المليشيات الإيرانية في ريف دير الزور الشرقي ما بين مدينتي البوكمال والميادين، منها "لواء فاطميون" و"لواء زينبيون" و"لواء الباقر" و"لواء 47" و"لواء ذو الفقار" و"فيلق أسود عشائر سورية" و"كتائب الإمام علي" و"كتائب عصائب أهل الحق" وحركة "النجباء"، بالإضافة إلى "حزب الله" اللبناني.

مراكز "تسويات" في دير الزور

وافتتح النظام أخيراً مراكز "تسويات" في مدن دير الزور والبوكمال والميادين لتصدير صورة مغايرة تماماً للواقع، وفق مصادر محلية، أكدت في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لا يوجد مطلوبون للنظام في أماكن سيطرته "وغايته إعلامية لا أكثر لترويج أن المحافظة باتت آمنة، وأن هناك إقبالاً على المصالحات مع النظام".

من جهته، اعتبر الباحث السياسي في مركز "عمران"، نوار شعبان، في حديث مع "العربي الجديد"، زيارة عرنوس إلى دير الزور "جزءاً من الحملة الإعلامية للنظام لتسويق التسويات"، مضيفاً أن "النظام يحاول الإيحاء للرأي العام بأن هناك تغييراً يجري داخل سورية".

من جانبه، رأى مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الشرق السوري "ربما مقبل على تغييرات من قبيل انسحاب الأميركيين، وهذا الاحتمال ربما دفع حكومة النظام لإبداء اهتمام بالمنطقة".

شعبان: النظام يحاول الإيحاء للرأي العام بأن هناك تغييراً يجري داخل سورية


أهمية محافظة دير الزور

وتتميّز دير الزور التي عانت لعقود من إهمال خدمي من قبل النظام، بكونها سلة مهمة من السلال الغذائية في سورية، حيث تزدهر بها العديد من المحاصيل الاستراتيجية مثل القطن والقمح على ضفتي نهر الفرات الذي يعبر دير الزور من وسطها.

كما تضم محافظة دير الزور كبريات حقول النفط والغاز، وخاصة في الجزء الذي تسيطر عليه "قسد" التي تتلقى دعماً كبيراً من الولايات المتحدة الأميركية. وكانت هذه الحقول من أكبر مصادر التمويل لتنظيم "داعش" وهي اليوم كذلك بالنسبة لـ"قسد".

ويعد حقل "العمر" في ريف دير الزور الشرقي من أكبر حقول النفط في سورية؛ مساحةً وانتاجاً، وهو اليوم يضم قاعدة أميركية. ووفق أرقام غير رسمية، ينتج هذا الحقل حالياً نحو 45 ألف برميل يومياً، بينما كان ينتج سابقاً ضعف هذا الرقم. ويليه حقل التنك، ثاني أكبر حقول النفط في سورية، والذي قُدّر إنتاجه قبل 2013 بنحو 40 ألف برميل يومياً، بينما يُقدّر إنتاجه حالياً بين 10 و15 ألف برميل.

كما يحوي ريف محافظة دير الزور على العديد من الحقول والآبار الأخرى، منها حقل "كونيكو" الذي يعد من أكبر حقول الغاز في سورية.

ويحاول النظام التوصل لصفقة مع "قسد" عن طريق الجانب الروسي، لاقتسام الإنتاج النفطي من حقول دير الزور، إذ يترنح اقتصاد هذا النظام بسبب خروج منطقة شرقي نهر الفرات التي يُنظر إليها باعتبارها "سورية المفيدة" عن سيطرته.

وتعاني مناطق سيطرة النظام ندرة في المحروقات والخبز، على الرغم من عمليات التهريب الكبيرة من شرقي نهر الفرات عن طريق وسطاء بين النظام و"قسد".

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون