رفع محامون يمثلون عدداً من الناجين من هجمات بأسلحة كيميائية في سورية عام 2013 دعوى جنائية أمام القضاء الفرنسي على مسؤولين سوريين، يتهمونهم بالتسبب في وفاة مئات المدنيين في مناطق كانت تسيطر عليها المعارضة.
وتؤوي فرنسا آلافاً من اللاجئين السوريين، ولدى قضاة التحقيق هناك تفويض بالبتّ في ما إذا كانت جرائم ضدّ الإنسانية قد ارتُكبت في أي مكان في العالم.
وتأتي الدعوى القضائية، التي انضمّ إليها نحو 12 شخصاً، في أعقاب دعوى قضائية مماثلة رفعت العام الماضي في ألمانيا، وهي توفر مساراً قانونياً نادراً من نوعه للعمل ضد حكومة رئيس النظام بشار الأسد.
وعطّلت روسيا والصين مساعي قوى غربية لدى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتشكيل محكمة دولية لسورية.
وقال مازن درويش الذي يرأس "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير"، ومقره باريس، لـ"رويترز"، إنّ "هذا أمر مهم حتى يتمكن الضحايا من رؤية المسؤولين يمثلون أمام العدالة ويحاسبون".
ورفع المركز الدعوى مع منظمتين أخريين من المنظمات غير الحكومية، هما "مبادرة العدالة" التي أطلقتها مؤسسة "المجتمع المفتوح"، و"الأرشيف السوري".
وخلصت أجهزة المخابرات الفرنسية في 2013 إلى أن قوات حكومة النظام هي من نفذت هجوماً بغاز السارين على الغوطة الشرقية بريف دمشق، ما أسفر عن مقتل 1400 شخص. وتنفي حكومة النظام استخدام أسلحة كيميائية ضد شعبها.
واستندت الدعوى إلى ما يقول المحامون إنها أكثر الأدلة شمولاً في إثبات استخدام مادة مثل غاز السارين في سورية.
ويشمل ذلك شهادات ناجين وفارين منشقين، وتحليلاً لتسلسل القيادة في جيش النظام السوري ومئات العناصر من الأدلة الموثقة، منها صور وتسجيلات فيديو.
وقال مؤسس ومدير "الأرشيف السوري" هادي الخطيب: "جمعنا أدلة كثيرة تحدّد من المسؤول تحديداً عن هذه الهجمات في دوما والغوطة الشرقية، والتي ما زال الناجون يعانون من آثارها المرعبة".
وتوصّل تحقيق فتحته الأمم المتحدة لتحديد المسؤول عن الهجمات بأسلحة كيميائية في سورية إلى نتائج في 2016، مفادها بأن القوات الحكومية استخدمت غاز الكلور وغاز السارين. وقال درويش إنه يتوقع رفع دعوى قضائية أخرى في السويد خلال الأشهر المقبلة.
والأربعاء الماضي، دانت المحكمة الإقليمية العليا لولاية راينلاند بفالز في مدينة كوبلنتز الألمانية، المتهم إياد الغريب، الذي كان ضابط صف في صفوف النظام السوري قبل انشقاقه ولجوئه إلى أوروبا، بعد خدمته في أحد الأجهزة الأمنية التابعة للنظام (فرع الخطيب - فرع أمن الدولة 251) ومقره العاصمة دمشق.
وجاء قرار المحكمة بسجن الغريب لأربعة أعوام ونصف، بعد أن تم توقيفه قبل عامين، وبدأت محاكمته في إبريل/ نيسان من العام الماضي، ووُجهت إليه تهمة التواطؤ وتسهيل ارتكاب جرائم تعذيب لأكثر من ثلاثين معتقلاً. ويتشارك المحاكمة مع الغريب الضابط الذي كان يخدم في الفرع نفسه، أنور رسلان، وبعد 58 جلسة استماع لشهود وخبراء وضحايا، قرّرت المحكمة فصل قضية المتهمين وإصدار الحكم في قضية الغريب مع الاستمرار بالاستماع لشهود ومدعين بقضية أنور رسلان.