دعوات للإضراب العام احتجاجاً على ارتفاع الأسعار بمناطق النظام السوري

16 اغسطس 2023
شهدت مناطق سيطرة النظام موجة غلاء غير مسبوقة بسبب ارتفاع سعر الوقود (Getty)
+ الخط -

تسود مناطق سيطرة النظام السوري حالة من السخط، اليوم الأربعاء، بعد الزيادة الكبيرة في أسعار مجمل المواد والخدمات، وسط دعوات للإضراب العام والعصيان المدني في أنحاء البلاد.

وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد قد أصدر مرسوماً برفع الأجور والرواتب بنسبة 100 بالمئة، أمس الثلاثاء، لكن لم تمض ساعات حتى صدرت قرارات أخرى برفع أسعار الوقود "المدعوم" و"الحر" بنسب وصلت إلى 300 بالمئة، وهو ما تسبب في موجة غلاء غير مسبوقة في الأسعار، شملت جميع السلع والمنتجات والخدمات، وهو ما فسره البعض بأنه لعبة من النظام لرفع الدعم عن السلع الأساسية.

وتعطلت حركة المواصلات، اليوم الأربعاء، في العديد من المحافظات السورية نتيجة إضراب السائقين وامتناعهم عن نقل الركاب، احتجاجاً على رفع أسعار الوقود، مطالبين بإصدار تسعيرة جديدة لأجور النقل تناسب الزيادة في أسعار الوقود.

وقد دعت "حركة 10 آب"، التي أعلن عن قيامها قبل أيام في الساحل السوري، جميع السوريين إلى إضراب عام في البلاد، غداً الخميس، يشمل الموظفين والتجار وشباب "الجيش السوري".

وقالت الحركة في بيان لها: "ندعوكم إلى البقاء في منازلكم لأننا نؤمن بضرورة استخدام كل وسيلة سلمية للتعبير عن رفض الشعب السوري لتجاهل أحوال الناس، والإصرار على إذلال وتجويع الشعب".

وأضاف البيان: "كل موظف يبقى في داره، وكل تاجر يغلق متجره، وكل شاب في الجيش يبقى مع أهله، إنّ لاموكم أو اتهموكم بالخروج على الدولة، قولوا لهم لا نملك من المال ما يسمح لنا بدفع أجور المواصلات". 

وأكدت الحركة أن "العديد من الجهات الوطنية في الداخل انضمت إلى هذه الدعوة، ونعلن أن هذا الحراك سلمي وهو حق من حقوقنا".

 كما صدرت دعوات إلى إضراب عام في محافظة السويداء جنوبي سورية، غداً الخميس، بعد قرار رفع أسعار المحروقات (الوقود)، والذي انعكس خلال ساعات معدودة على الأوضاع المعيشية المتردية أصلاً قبل القرار. 

وذكرت صفحة "السويداء24"، أن الأهالي من "القريّا جنوب السويداء، إلى شقا والمتونة شمال وشرق المحافظة، وصولاً إلى مجادل في الريف الغربي، يعتزمون تنفيذ احتجاجات من خلال قطع الطرقات، ووقفات تندّد بالقرارات التعسفية بحق الشعب".

ونقلت عن أحد أهالي قرية المتونة على طريق دمشق السويداء، قوله إنّ "شباب القرية يتحضرون لإغلاق الاوتستراد، يوم غدٍ الخميس، بعد ما وصل إليه الحال من جوع وفقر وعدم السؤال عن أحوال الناس، ولكي نحافظ على ما تبقى من كرامتنا".

وأضاف: "يعتزم الأهالي في بلدة شقا إغلاق الطرقات ومنع الموظفين من التوجه لأعمالهم، باستثناء حالات الإسعاف". 

وفي قرية مجادل، أعلن الأهالي نيتهم إغلاق الطريق العام في القرية، وكذلك في بلدة القريّا التي دعا شبابها لوقفة احتجاجية في ضريح سلطان باشا الأطرش، صباح غداً الخميس، في الساعة الحادية عشرة.

وأوضحت الشبكة أنه "لا برنامج واضحاً لدى الراغبين بالاحتجاج حتى الآن، ولا مطالب محددة، فالغضب يجتاح الصدور، والناس لم تعد تحتمل هذا التضييق على معيشتهم، نتيجة سياسات النظام، وهي دعوات لرفض الإذلال الممنهج".

كما حثّ الصحافي كنان وقاف، الذي غادر حديثاً مناطق سيطرة النظام، مجمل السوريين على المشاركة في العصيان المدني.

وأضاف وقاف في بث عبر صفحته على "فيسبوك"، أن على جميع المواطنين عدم التوجه إلى أعمالهم، غداً الخميس، بمن فيهم عناصر الجيش والأمن، بهدف إجبار النظام على تغيير سياسة الإذلال التي يتبعها تجاه المواطنين، قائلاً إنهم يرمون المساعدات التي تصلهم بدل توزيعها على الناس في إطار "سياسة التجويع الممنهج التي يتبعها النظام تجاه السوريين".

وصباح اليوم، قفزت الأسعار في مجمل الأسواق في مناطق سيطرة النظام بشكل حاد جداً، بما يجعل الزيادة المفترضة في الرواتب غير مجدية، وهي زيادة لن يحصل عليها إلا الموظفون، بينما لن ينال بقية الفئات من غير الموظفين سوى ارتفاع الأسعار.

وخلال التواصل مع أحد السكان في مدينة دمشق، ذكر في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الأوضاع تزداد سوءاً، قائلاً إنّ "المواطن أصبح بحاجة ضعفي الراتب الشهري لكي يحصل على الاحتياجات الأساسية". 

وفي حديثه لموقع "سيريا ستيبس" الموالي للنظام، قال الدكتور إلياس نجمة، أستاذ السياسات النقدية والمالية في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، إنّ "اللجوء لإرضاء الناس برفع الرواتب للتغطية على قضية رفع الدعم هو أسلوب بدائي، فالقضية ليست نقدية فقط، بل اقتصادية واجتماعية"، محذراً حكومة النظام من أن "آثار رفع الدعم متنوعة وخطيرة، وفقاً للفئات الاجتماعية المتنوعة، وخصوصاً الدعم المتصل بوظائف الدولة الأساسية التي استقر عليها النظام العام والفقه المالي الحكومي منذ عشرات السنين، والمتصلة بالتعليم والصحة والأمن والعدل". 

المساهمون