تواصلت التحذيرات الدولية اليوم الجمعة مع توسع أعمال الشغب في جمهورية كازاخستان السوفييتية السابقة، وذلك بعدما أمر الرئيس قاسم جومارت توكاييف بإطلاق النار من دون إنذار على من وصفهم بـ"المجرمين".
وحضّت ألمانيا على خفض التصعيد في كازاخستان، وقالت الناطقة باسم الحكومة الألمانية كريستان هوفمان إنّ "العنف لم يكن يوماً الرد المناسب"، مضيفة أنّ برلين "تدعو جميع الأطراف إلى خفض التصعيد والتوصل إلى حل سلمي للوضع".
كذلك دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى وقف العنف الذي يجتاح كازاخستان.
وقالت فون دير لايين من باريس إنّ "حقوق المواطنين والأمن أمران أساسيان يجب ضمانهما. أدعو إلى وضع حد للعنف وضبط النفس. الاتحاد الأوروبي على استعداد للمساعدة حيث أمكن". وأعرب ماكرون الذي كان إلى جانبها في المؤتمر عن موافقته الكاملة على تصريحاتها.
Nous avons de grands chantiers devant nous.
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) January 7, 2022
Le premier est celui du climat.
Nous comptons sur @Europe2022FR pour avancer sur nos objectifs 2030, #Fitfor55 et une transition juste pour tous. https://t.co/AnqaqDE9JY
الصين وروسيا تؤيدان إجراءات السلطات في كازاخستان
وعلى المقلب الآخر، أشاد الرئيس الصيني شي جين بينغ بالحملة الأمنية الدامية للحكومة الكازاخستانية ضد المتظاهرين، معتبراً أنها تنمّ عن الحس "العالي بالمسؤولية" الذي يتمتّع به توكاييف، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.
وقال شي في رسالة إلى توكاييف، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية، "اتّخذتم بشكل حاسم إجراءات قوية في لحظات حاسمة وسارعتم إلى تهدئة الوضع، ما عكس موقعكم كجهة مسؤولة والشعور بالواجب كسياسي، والحس العالي بالمسؤولية الذي تتحلون به حيال بلدكم وشعبكم".
وقال الكرملين إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع قاسم جومارت توكاييف الوضع هناك خلال عدة مكالمات هاتفية.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله إنّ بوتين تحدث أيضاً إلى زعماء دول أخرى في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، يومي الخميس والجمعة.
واستعادت قوات الأمن فيما يبدو السيطرة على شوارع مدينة رئيسية في كازاخستان، اليوم الجمعة، بعد أعمال العنف التي استمرت عدة أيام.
وكانت أمانة منظمة معاهدة الأمن الجماعي قد قالت، أمس الخميس، إنّ قوات روسية انتشرت في كازاخستان، الدولة الواقعة في آسيا الوسطى، ضمن قوة لـ"حفظ السلام" تضم جنوداً من أربع جمهوريات سوفييتية سابقة أخرى.
بدوره، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر غروشكو، إنّ موسكو واثقة من قدرة كازاخستان على التعامل مع مشكلاتها.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن غروشكو قوله إنّ روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق الأخرى الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي أرسلت قوات حفظ سلام لمساعدة كازاخستان في مواجهة الاضطرابات الحالية، كانت "تدافع عن كازاخستان وتقوم بما ينبغي أن يفعله الحلفاء".
وحذّرت الولايات المتحدة، أمس الخميس، القوات الروسية التي تم نشرها في كازاخستان من السيطرة على مؤسسات الجمهورية السوفييتية السابقة، مشيرة إلى أنّ العالم سيراقب أي انتهاك لحقوق الإنسان.
وأفاد الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس الصحافيين بأنّ "الولايات المتحدة وبصراحة العالم سيراقب للكشف عن أي انتهاك لحقوق الإنسان"، مضيفاً: "سنراقب أيضاً للكشف عن أي خطوات قد تمهّد للسيطرة على مؤسسات كازاخستان".
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الخميس، جميع الأطراف في كازاخستان إلى ضبط النفس والامتناع عن العنف.
وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحافي عقده بالمقر الدائم في نيويورك، إنّ "الأمم المتحدة أجرت العديد من الاتصالات مع السلطات في كازاخستان، والأمين العام أنطونيو غوتيريس دعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس والامتناع عن العنف وتعزيز الحوار".
The United Nations urged protesters and troops to refrain from violence after fresh clashes in Kazakhstan's main city https://t.co/RBCaP0DL0G pic.twitter.com/rIdAIMH6sT
— Reuters (@Reuters) January 7, 2022
كازاخستان في معترك لعبة سياسية
في الأثناء، قال وزير كازاخستاني سابق لوكالة "رويترز" إنّ كازاخستان دخلت الآن معترك لعبة سياسية، محذراً من أنه ما لم يتدخل الغرب فإنّ روسيا ستُخضعها كما كان الحال أيام الاتحاد السوفييتي السابق.
ودعا مختار أبليازوف، وهو وزير ومصرفي سابق يعيش الآن في باريس، الغرب إلى التدخل.
وقال لـ"رويترز" "إذا لم يحدث ذلك فسوف تتحول كازاخستان إلى روسيا البيضاء وسيطبق (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين برنامجه وهو إعادة إنشاء كيان على غرار الاتحاد السوفييتي".
ويصور أبليازوف نفسه على أنه زعيم احتجاجات المعارضة، وقال إنه يُستشار يومياً بشأن الخطوات على الأرض في العاصمة السابقة ألما آتا.
وقال "أرى نفسي زعيم المعارضة". وتابع "يطلبني المحتجون كل يوم ويسألون: ما الذي يجب أن نفعله؟ نقف هنا.. ماذا ينبغي أن نفعل".
اجتماع طارئ لمنظمة الدول التركية لبحث التطورات
من جانب آخر، يعقد وزراء خارجية منظمة الدول التركية في 11 يناير/ كانون الثاني الجاري، اجتماعاً طارئاً، لبحث التطورات في كازاخستان.
وأكدت مصادر دبلوماسية، لوكالة "الأناضول"، أنّ الاجتماع سيكون عبر دائرة تلفزيونية مغلقة (تلكونفرنس) وتم إقراره عقب اتصال هاتفي الجمعة بين وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، ونظيره الكازاخستاني مختار تيليوبردي.
وبحث الوزيران في اتصالهما التطورات الأخيرة في كازاخستان، في حين جدد جاووش أوغلو دعم بلاده لكازاخستان.
وكانت منظمة التعاون الإسلامي قد أعربت، أمس الخميس، عن قلقها البالغ إزاء "العنف" في كازاخستان، داعية إلى نبذه.
وقالت المنظمة في بيان للأمانة العامة للمنظمة عبر موقعها الإلكتروني؛ تعليقاً على الاحتجاجات: "نتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع في جمهورية كازاخستان ونعرب عن الأسف لأحداث العنف التي أدت الى سقوط العديد من الضحايا وتدمير ممتلكات عامة".
ودعت إلى "التحلي بأقصى درجات ضبط النفس والتهدئة ونبذ العنف وصون المصلحة الوطنية ووضعها فوق كل الاعتبارات لتجاوز الأزمة الراهنة".
وأكدت المنظمة "تضامنها التام مع حكومة جمهورية كازاخستان في الحفاظ على سيادتها وأمنها واستقراراها وسلامة أراضيها وعلى الوحدة الوطنية للبلاد".
وأسفرت الاحتجاجات وأعمال الشغب المستمرة في كازاخستان منذ بداية العام الجديد، على خلفية زيادة أسعار الغاز للسائقين، عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى، ونهب المتاجر والمصارف ومكاتب البريد، واقتحام مؤسسات الدولة ومديريات الشرطة.
وعلى الصعيد السياسي، أدت الأزمة الراهنة إلى إقالة الحكومة وإبعاد الرئيس السابق نورسلطان نزارباييف، الملقب بـ"زعيم الأمة"، عن السلطة بشكل نهائي، بعد تولي توكاييف رئاسة مجلس الأمن خلفاً له.
(فرانس برس، رويترز، الأناضول، العربي الجديد)