تشير مسارعة الرئيس الأميركي جو بايدن لتهنئة رئيس حكومة الاحتلال الجديدة نفتالي بينت بتشكيل الحكومة والتطلع إلى التعاون معها، من جهة، ومسارعة وزراء، بينهم وزير الخارجية المصري سامح شكري، ودول عربية مثل البحرين والإمارات، إلى إجراء اتصالات سريعة مع مسؤولي الحكومة الاحتلالية الجديدة، إلى أن شيئاً لن يتغير في معادلة دعم دولة الاحتلال، حتى عندما تقودها حكومة أشد تطرفاً من حكومة نتنياهو، لا ترى سبباً للخوض في إطلاق مسار تسوية جديد، وتستعيض عن ذلك بالاكتفاء بالحديث عن التطلع للسلام.
والواقع أن الحكومة الجديدة لن تقدم على أكثر من مواصلة إدارة النزاع، من جهة، وتثبيت أقدام الاستيطان والتطهير العرقي من جهة ثانية، مستغلة رغبة مصر في زيادة دورها في ملف التهدئة مقابل حركة حماس، من ناحية، ومحاولات السلطة الفلسطينية الخروج من حالة التهميش التي تعيشها في المعادلات الإقليمية والدولية من ناحية أخرى.
وبالرغم من أن الإعلام الإسرائيلي، وبدرجة أكبر، اليمين المعارض للحكومة الحالية، يروّج لهشاشة الحكومة الحالية ويشكك بإمكانية صمودها، إلا أنه يبدو أن الحكومة الجديدة قد تصمد أكثر مما يتوقع لها، بالرغم من الأزمات الداخلية التي تهدد للوهلة الأولى بقاءها. وهو بقاء سيتحقق ولو بفعل المصالح الفئوية للأحزاب المكونة لها، التي تدرك أن سقوط الحكومة يعني أيضاً ضربة كبيرة لهذه الأحزاب في حال جرت انتخابات جديدة، ما يهدد بارتحالها إلى المعارضة من جديد ويعيد إسرائيل لحالة عدم الاستقرار السياسي الداخلي.
الدعم الأميركي الواضح ومعه دعم دول عربية أخرى، لا يطلب من حكومة الاحتلال الجديدة أكثر من تخفيف لهجة خطابها السياسي والابتعاد عن "مواقف مفاجئة"، وترحيل خطوات أحادية الجانب حالياً والامتناع عنها، والتركيز على سياسة تعاون وثيقة مع البيت الأبيض، حتى في الملف الإيراني مثلاً، بالرغم من رفض الحكومة الجديدة لأي اتفاق نووي جديد مع إيران، والاتجاه لإعادة الدفء للعلاقات مع الأردن، وهي مطالب يبدو أن الحكومة الجديدة في إسرائيل تميل بدورها لقبولها والاستجابة لها.
ووفقا لما يرشح في إسرائيل، فإن الحكومة الجديدة ستترك مهمة تجميل صورتها أمام العالم لوزير الخارجية يئير لبيد، فيما سيكون الجنرال بني غانتس والمنظومة العسكرية صمام الأمان الذي سيحول دون أي توتر في العلاقات مع واشنطن، وهي مسألة مهمة جداً لإدارة بايدن للتخلص من "سلة الأزمات" التي كان يفتعلها بنيامين نتنياهو باستمرار تبعاً لاحتياجاته السياسية والحزبية.