دبلوماسي فلسطيني: جرائم إسرائيل ضد المدنيين في غزة أداة حرب متعمدة

30 ديسمبر 2023
نائب سفير فلسطين: أهداف إسرائيل هي تهجير الفلسطينيين قسراً (Getty)
+ الخط -

قال نائب سفير فلسطين للأمم المتحدة في نيويورك، ماجد بامية، إن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، بما في ذلك قتل المدنيين والكارثة الإنسانية في غزة، ليست نتيجة جانبية للحروب في المنطقة، وإنما تشكل أسلوباً وأداة حرب متعمدة. وأشار بامية إلى أن هذه الجرائم تستخدم وسيلة لإذلال الفلسطينيين وتحقيق أهداف عديدة، بما في ذلك هدف تهجيرهم من جديد ونفيهم من أراضيهم.

وتأتي تصريحات الدبلوماسي الفلسطيني في سياق اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، الذي دعت إليه الإمارات، العضو في المجلس، لمناقشة تفاقم الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة وتداعيات العنف الإسرائيلي وعنف المستوطنين، وذلك في إطار جهود للتحدث عن حل الدولتين. ويأتي هذا الطلب في ظل زيادة التقارير التي تشير إلى تصاعد العنف من قبل الاحتلال والمستوطنين في الضفة والقدس، وتصل إلى مستويات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة.

وتوقف نائب سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، ماجد بامية، عند الحرب على قطاع غزة، حيث وصف الهجوم الإسرائيلي بأنه "هجوم شامل على 2.3 مليون فلسطيني محاصر ومهجر يقصفون ويصارعون من الغسق حتى الفجر للبقاء على قيد الحياة لمدة 80 يوماً". وأكد أن أحد أهداف إسرائيل هو تهجير الفلسطينيين قسراً، وإخراجهم من أراضيهم.

وسأل بامية بصراحة "ما الذي يمكن أن نقوله نيابة عن شعب يواجه إبادة جماعية؟. شعب يتم لومه على أنه يُقتل. يُلام على القمع الذي يتعرض له من قبل أولئك الذين يحتلونه، يواجه تهديداً وجودياً، بينما يصرّ المسؤولون عن هذا التهديد على أن بقاءهم هم على قيد الحياة هو الذي على المحك".

اليوم التالي للحرب

وفي سياق متصل، ألقى مروان المعشر، الذي يشغل حالياً منصب نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي، ومقرها الرئيسي واشنطن، وسبق أن شغل عدداً من المناصب رفيعة المستوى في الأردن؛ الضوء على "اليوم التالي للحرب وآفاق التسوية السياسية" خلال جلسة مجلس الأمن الدولي. وشدد على أهمية إنهاء الحرب في غزة فوراً. وركز على أن السؤال الذي يطرحه المجتمع الدولي حول من سيحكم غزة بعد حماس هو سؤال خاطئ، مشيراً إلى أن أي سياسة تستند إلى هذا السؤال ستؤدي إلى نتائج كارثية. وألقى الضوء على مخاطر التهجير القسري وغيرها من التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني.

وانتقد المعشر التصعيد الدائر في القضية الفلسطينية، وتعامل المجتمع الدولي معها، مشيراً إلى أهمية تقديم حلول جذرية ضمن إطار شامل يتخطى الوضع في غزة ليتناول السبب الجذري للمشكلة، وهو الاحتلال الإسرائيلي. وفي تقييمه للوضع الحالي، أوضح المعشر أنه "لا تتوفر العناصر اللازمة حالياً لبدء عملية سياسية جادة"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تتجه نحو سنة انتخابية، مما يقلل من فرص بدء عملية سياسية فعّالة.

وفي سياق آخر، ألقى المعشر الضوء على تصريحات الساسة الإسرائيليين التي تعبر عن عدم رغبتهم في إنهاء الاحتلال، وعدم استعدادهم لدعم إقامة دولة فلسطينية. وأكد عدم انقسام الشارع الإسرائيلي حول مسألة عملية السلام، موضحاً أن الانقسام يتركز بين مؤيدي ومعارضي بنيامين نتنياهو، في حين يتفق الجميع أو الأغلبية على عدم دعم فكرة إقامة دولة فلسطينية.

وفي تقديره للأوضاع الداخلية الفلسطينية، أشار المعشر إلى عدم إجراء السلطة الفلسطينية لانتخابات منذ عام 2006 وتراجع شعبيتها، مشيراً إلى أهمية معالجة هذه القضايا في إطار أي حل جاد للصراع.

ثم ألقى المعشر الضوء على مجموعة من النقاط التي يجب مراعاتها في حال جرى تجاوز العقبات المعروفة، مشدداً على أهمية حل المشاكل الجذرية، مثل الاحتلال، وتجنب الوقوع في مفاوضات لا نهائية بدون تحديد أهداف وجدول زمني. واقترح تقديم الولايات المتحدة خطة سياسية تحدد هدفاً رئيسياً هو إنهاء الاحتلال خلال مدة محددة، بين سنتين إلى ثلاث سنوات، مع موافقة الطرفين مسبقاً على هذا الهدف. بالإضافة إلى دعم قرار من الجمعية العامة يعترف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وتبني خطة واضحة للمفاوضات والخطوات، مع تجميد المستوطنات كاملة. وشدد على أن المفاوضات يجب أن تركز على الخطوات اللازمة لإنهاء الاحتلال، مع إجراء انتخابات يشارك فيها الفلسطينيون والإسرائيليون لدعم تلك الخطة.

وأكد أيضاً ضرورة تشكيل صندوق دولي لدعم الفلسطينيين في البقاء على أرضهم ومنع تهجيرهم. وأشار إلى وجود العديد من المسائل العالقة والمهمة التي لم يجر التطرق إليها، بما في ذلك مسألة المستوطنات. وأوضح أنه في حال لم يرَ المجتمع الدولي تنفيذ هذه الخطوات في الوقت الحالي، فإن السيناريوهات المحتملة ستكون استمرار الحالة الراهنة مع الانتظار حتى يكون الطرفان على استعداد للتفاوض والمساومة.

في هذا السياق، أشار المعشر إلى أن الإشكالية في سيناريو استمرار الوضع الحالي تكمن في افتراض أن الوضع على الأرض لن يتغير، بينما يظهر واقع الأمور استمرار إسرائيل في اتخاذ خطوات مختلفة، بما في ذلك استمرار الاستيطان ومصادرة الأراضي. وأشار إلى سيناريوهات أخرى محتملة، مثل تهجير فلسطينيين بشكل قسري إضافي وواسع تحاول إسرائيل فرضه، خاصةً مع ازدياد عددهم بشكل أكبر من أعداد اليهود الإسرائيليين. ولفت الانتباه إلى محاولة إسرائيل فرض هذا السيناريو في غزة حالياً، ولكن واجهت بعناد ورفض فلسطيني، حيث تعلموا من تجارب تهجيرهم خلال النكبة، بالإضافة إلى رفض مصر والأردن مثل هذه الخطوات.

وأشار إلى سيناريو ثالث يتضمن استمرار الاحتلال، حيث تصبح أعداد الفلسطينيين أكبر بكثير من الإسرائيليين، مما يعوق قدرة الإسرائيليين على الاستمرار في فرض سيطرتهم بموجب نظام فصل عنصري. وأكد أن المجتمع الدولي يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، بسبب تجاهله الوضع وعدم اتخاذ الخطوات الضرورية لإنهاء الاحتلال، مما يعني أنه سيكون عليه التعامل مع التحدي الأكبر، وهو إنهاء نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد).

قوة محتلة

قدم المستشار إيناي إبشتاين، المختص في القانون الإنساني الدولي ومستشار المجلس النرويجي للاجئين، إحاطته أمام المجلس، حيث أكد أهمية إطلاق سراح الرهائن، ووقف الأعمال العدائية الإسرائيلية ضد سكان غزة. كما أكد ضرورة إدانة الهجمات الإسرائيلية العشوائية التي تستهدف السكان المدنيين والأعيان المدنية، مما يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح والإصابات والأضرار. وشدد على أن مستويات الخسائر والدمار تتطلب جهوداً جماعية لتلبية الاحتياجات الأساسية، ومعالجة المجاعة التي يعاني منها السكان المدنيون في غزة.

وطالب بإلغاء القيود التعسّفية وغير القانونية التي تفرضها إسرائيل كقوة محتلة على الإغاثة الإنسانية، مشدداً على أن هذه القيود تشكل تحدياً معيارياً وعملياً يجب التصدي له. كما حذّر من احتمالية تهجير واسع النطاق للفلسطينيين، ودعا إلى التصدي لهذا السيناريو، والعمل المشترك للمساهمة في تلبية احتياجات السكان المدنيين في غزة، والتعامل مع التحديات الإنسانية التي تواجههم.