يسعى تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش)، عبر الهجوم العنيف الذي يشنّه على مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، الى ضرب المركز لتتهاوى المناطق الأخرى تباعاً.
وأعاد هجوم "داعش" على الرمادي ثقة أنصاره بقدرته القتالية، عقب هجمات على مواقعه في بيجي وبعض مناطق الأنبار، أحرزت فيها القوات الأمنية العراقية والعشائر تقدماً عليه. وبعد هدوء نسبي من التنظيم وفقدانه زمام المبادرة، استطاع أن يلملم قواه ليبدأ مرحلة جديدة قد تسلب الطرف المقابل أي محاولة لإمساك زمام المبادرة.
وخلال الأيام الأخيرة، حقّق التنظيم تقدماً في منطقة الشجارية شرقي الرمادي، وحصل على مواطئ قدم بمسافة تزيد على الكيلومتر ونصف الكيلومتر، ونشر فيها قناصته وبدأ بوضع السواتر الترابية فيها، وقطع طريق الإمدادات العسكرية بين مدينة الرمادي وناحية الحبانية.
وأقدم التنظيم أمس الأول على إعدام 25 شخصاً في الشجارية التي تُعدّ من أهم المناطق الرابطة بين الرمادي والحبانية.
كما استطاع التنظيم إيجاد ثغرة في منطقة الصوفية، حاول من خلالها التقدّم باتجاه المجمع الحكومي، ما أدى الى وقوع اشتباكات عنيفة مع أبناء عشائر البوعلون على مسافة 300 متر فقط من المجمع.
ويقول النائب عن محافظة الأنبار محمد الكربولي لـ"العربي الجديد"، إنّ "داعش يمتلك المناورة والدراية الكاملة والدراسة الاستراتيجية لأرض المعركة، لأنّ أكثر قياداته من ضباط وقياديي الجيش السابق".
ويوضح أنّ "داعش يحاول الضغط على مركز الأنبار (الرمادي) لشغل القوات المقاتلة ضده في المناطق الأخرى"، مبيناً أنّه "في حال سقوط الرمادي فإنّ مناطق المحافظة الأخرى ستتهاوى بيده تلقائياً".
ويؤكد الكربولي أن "غارات التحالف الدولي لم يكن لها تأثير واضح على قوة داعش، ومن المعروف أنّ الطيران لا يحسم معركة، فضلاً عن أنّ الحكومة غير جادة في الاستجابة لتسليح العشائر القادرة على دحر داعش".
كذلك يكشف مصدر محلي في المحافظة أنّ معارك طاحنة جرت بين أبناء العشائر و"داعش" في مناطق عدة من الرمادي، وأنّ العشائر استنجدت مطالبة بتعزيزها بالسلاح، مشيراً الى أنها "قادرة على دحر التنظيم في حال امتلكت السلاح".
ويرى المصدر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إهمال الحكومة تسليح العشائر على الرغم من التقدّم الذي أحرزته في هيت وناحية الدولاب وبعض القرى، أوجد حاضنة جديدة لداعش، بعدما شعر أبناء المحافظة بظلم وتهميش جديد من قِبل الحكومة، وأنّها تركتهم يواجهون مصيرهم بلا سلاح ليكونوا فريسة سهلة لداعش".
ويوضح أنّ الكثير من أبناء المحافظة خشوا من أن يعيد رئيس الحكومة حيدر العبادي، التجربة السابقة التي واجهوها مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي ترك الصحوات لقمة سائغة لـ"القاعدة"، الأمر الذي ولّد تعاطفاً لديهم مع "داعش"، والذي، بدوره، استغل هذه الفرصة التي أتاحتها له الحكومة.
ويؤكد المصدر أنّ "داعش يسعى لكسر الأنبار واقتحام أسوار بغداد من خلالها".
وكان عضو مجلس محافظة الأنبار مزهر الملا قد اتهم في حديث لـ"العربي الجديد"، حكومة العبادي بـ"التآمر على إدخال داعش الى الأنبار لإسقاط الرمادي، لكي تستسلم ونطالب بتحريرها بالحشد الشعبي"، مضيفاً "لدينا الكثير من الأدلة على تورط الحكومة بمؤامرة إدخال داعش الى الأنبار، كما أنّ الحكومة هي التي سهّلت إسقاط مدن الأنبار الواحدة تلو الأخرى بيد داعش".
وأكّد أنّ "سبب المؤامرة هو رفضنا دخول الحشد الشعبي"، مجدداً رفضه "دخول الحشد الشعبي قطعاً الى المدينة".
ودعا الملا حكومة العبادي الى "الاستقالة في حال عجزها عن إيجاد حل لأزمة الأنبار والعراق".
يُذكر أن تنظيم "داعش" بدأ فجر الجمعة هجومه على مدينة الرمادي، وسيطر على قرى عدّة محيطة بالمدينة، التي تضمّ مقرات المحافظة والحكومة المحليّة وقيادات الجيش والشرطة، بعد اقتحام المدينة من أربعة محاور.
وتقدّم التنظيم من أبواب معسكر الحبانية، الذي يضم عشرات المستشارين الأميركيين، وأعلن عناصر "داعش" عبر مكبرات الصوت، أنّهم سيدخلون الرمادي خلال الساعات المقبلة.
وأدّت الاشتباكات المسلّحة مع التنظيم الى مقتل قائد شرطة مدينة الحبانية العقيد مجيد الفهداوي.