"داعش" يخنق أهالي الموصل: رقابة مشددة وترهيب وإعدامات

14 أكتوبر 2016
تقارير عن ارتفاع نسبة الرفض الشعبي للتنظيم (ميمن بابان/الأناضول)
+ الخط -
تتوالى المؤشرات حول اقتراب معركة تحرير مدينة  الموصل شمال العراق من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مما دفع التنظيم إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات يتقدمها تشديد رقابته على الاتصالات داخل المدينة، في محاولة لمنع تسريب معلومات إلى القوات العراقية أو قوات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، وبما يؤدي إلى الكشف عن تحركات التنظيم.
ويسيطر التنظيم على الاتصالات في المدينة عبر أجهزة تنصت ومراقبة كانت تابعة إلى القوات العراقية وشركات الاتصالات، واستحوذ عليها عقب سيطرته على المدينة.
ووفقاً لمصادر من داخل الموصل تحدثت إلى "العربي الجديد"، فإن التنظيم ينفذ بشكل مستمر عمليات إعدام لأشخاص بتهمة التخابر، كان آخرها يوم الثلاثاء الماضي، إذ أعدم 6 أشخاص، بينهم إمرأة. 
وينقل المواطن العراقي خالد حسين عن سكان من داخل الموصل، يتواصل معهم بشكل مستمر، قولهم إن "عمليات الإعدام مستمرة بتهمة التخابر. في كل أسبوع يعدم أشخاصاً بسبب ذلك".
حسين، وهو من سكان الموصل الذين نزحوا بعد سيطرة "داعش" عليها في يونيو/حزيران 2014 إلى إقليم كردستان شمالي العراق، يؤكد أنه على اتصال مستمر بأصدقائه في الموصل، وهم يتبعون أسلوباً خاصاً في الاتصال لمنع "داعش" من كشفهم، مشيراً إلى أنه يزود هواتفهم بأرصدة تمكنهم من الاتصال. وأضاف "لا يمكن أن أبوح بتفاصيل عن طريقة اتصالهم. بذلك سأكشف سرهم، لكنهم يحددون أمكنة معينة وأوقاتاً معينة أيضاً للاتصال، لا سيما أن شبكة الاتصالات متردية جداً بسبب تعطيلها من قبل داعش". 

ويكشف حسين عن أن "داعش أعدم الثلاثاء 6 مواطنين، بينهم امرأة بتهمة التخابر"، موضحاً أن "الإعدامات تتم بقطع الرؤوس". ويلفت إلى أنه "منذ شهرين ارتفعت حالات الإعدام. هناك متابعة شديدة للاتصالات"، مشيراً إلى أن "بعضهم أعدموا لأنهم تحدثوا عما يدور خارج الموصل، وذكروا ذلك في أماكن عامة، وألقي القبض عليهم ثم اعترفوا بعد التعذيب باتصالاتهم". ويؤكد حسين أن من يعدمون ليس بسبب اتصالهم بالقوات العراقية أو غيرها، بل هم "يتصلون بأقاربهم وأصدقائهم ليطمئنوهم على أحوالهم. جميع الناس خارج الموصل يحاولون معرفة أحوال أقاربهم داخلها، ويزودون من في الموصل بأرصدة هواتفهم من أجل هذا الأمر".
وفي إطار محاولات "داعش" التأثير على السكان وتوجيههم، فقد أقام مراكز إعلامية في الساحات والمناطق العامة، لبث برامجه ونقل تصورات محددة لأهالي الموصل عما يدور خارج مدينتهم، وذلك بعدما عزلهم عن العالم الخارجي عبر قطع جميع وسائل الاتصال ومنع أجهزة الاستقبال الفضائي "الستلايت"، واعتماده على محطات خاصة من داخل الموصل يبث عبرها برامجه وأخباره ومعلوماته وأفكاره، التي يريد من خلالها التأثير على السكان.


وتصل بشكل مستمر لمراسل "العربي الجديد" من صحافيين وناشطين مدنيين سابقين، رسائل نصية، يؤكدون فيها أن "داعش" شدد من عمليات المراقبة. ويذكر هؤلاء أن من بقي من الصحافيين والكتاب والمثقفين والناشطين المدنيين، داخل المدينة، مراقبون بشكل مستمر، إذ يعلم عناصر "داعش" أن هذه الطبقة تعارضهم وتعمل ضدهم بطريقة أو بأخرى، وهو ما أدى إلى إعدام العشرات منهم، بالإضافة إلى إيداع بعضهم السجون، فيما اضطر البعض إلى مسايرتهم والعمل معهم في مجال الإعلام.

من جهته، يقول محمد الشمري، وهو شيخ قبلي من الموصل تمكن من الهرب من المدينة قبل أكثر من عام، إن التنظيم "يستخدم الترهيب لتطويع أهالي الموصل". ويضيف في حديث مع "العربي الجديد"، أن "عناصر داعش يعلمون جيداً أن جميع السكان ليسوا معهم، فقط من هم يعملون معهم من المنتمين لداعش والمعتقدين به، وهؤلاء أعدادهم قليلة". ويلفت إلى أن "الإعدامات باتت أمراً طبيعياً لدى أهالي الموصل. إن كره عناصر داعش لسكان الموصل يزداد، إذ ارتفعت بشكل كبير نسبة الرفض الشعبي لوجودهم، بل إن أوامرهم بدأت تلقى الرفض العلني هناك".  ويشير إلى أن "حتى مكالمة هاتفية لرجل يحاول أن يطمئن على صحة أمه المريضة المسنة أو والده الكهل ترعب داعش، كل ما يعتبر مخالفة يؤدي إلى الإعدام وهو ما يشير إلى وجود خوف يعتمل في صدورهم"، لافتاً إلى أن عناصر التنظيم "يخافون من سكان الموصل أكثر مما يخافون من القوات العسكرية، التي تحتشد لقتالهم. هم يعلمون جيداً مقدار الظلم الذي فرضوه على الموصليين ويخشون يوم الانتقام الذي يرونه قريباً".

ميدانياً، تحتشد قوات مختلفة لمعركة حاسمة تسعى الحكومة العراقية من خلالها إلى استعادة السيطرة على مدينة الموصل، ثاني أكبر محافظات العراق، والتي سيطر "داعش" عليها في يونيو/حزيران 2014. وتتمركز قوات الجيش العراقي في مناطق بجنوب وشرق المدينة، فيما تتخذ قوات البشمركة الكردية مواقع لها في شرق وشمال وشمال غربي المدينة. كذلك تستعد مليشيات طائفية، مدانة بارتكاب جرائم بحق مدنيين، منضوية تحت راية مليشيا "الحشد الشعبي" للمشاركة في المعركة، على الرغم من رفض أهالي الموصل مشاركتهم. 
كما يقوم الطيران الحربي للتحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، بتوفير غطاء جوي، إذ يواصل منذ أشهر توجيه ضربات ضد مواقع "داعش" في الموصل. وتؤكد تقارير مختلفة ومصادر "العربي الجديد" أن هذه الضربات كبدت التنظيم خسائر كبيرة في المعدات والآليات والسلاح، بالإضافة إلى إيقاع أعداد كبيرة من الضحايا، بينهم قادة كبار في التنظيم.


المساهمون