على الرغم من تأكيد قوى سياسية مصرية عدة، بعضها محسوب على النظام والبعض الآخر على المعارضة، أن الأيام القليلة المقبلة ينتظر أن تشهد الإفراج عن دفعات جديدة من المعتقلين السياسيين، إلا أن حقوقيين ومراقبين أبدوا عدم تفاؤلهم بالإجراءات التي تتخذها الحكومة في هذا الصدد.
وقبل أيام، أعلن المحامي خالد علي أن رئيس الحزب "المصري الديمقراطي" فريد زهران، الذي يشارك في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في إبريل/نيسان 2022، "طلب منه المساعدة في إعداد كشوف بأسماء المسجونين والمحبوسين للعفو عنهم وإطلاق سراحهم". وأضاف علي أنه "أعد تلك الكشوف، وبعدها صدر قرار بإخلاء سبيل المحامي الحقوقي يوسف منصور، والباحث الاقتصادي عمر الشنيطي، وأحمد حسنين (دينو)".
وفي سياق ذلك، توقع النائب السابق رئيس حزب "الإصلاح والتنمية" محمد أنور السادات، في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، أن "يصاحب قرب انتهاء جلسات الحوار الوطني الإفراج عن بعض المعتقلين احتياطياً، أو صدور عفو رئاسي عن المحكوم عليهم". وقال إن "الإجراءات المتوقعة بالنسبة لإخلاء سبيل بعض المحبوسين قد تشكل بداية حملة الرئيس عبد الفتاح السيسي الانتخابية بعد انتهاء الحوار".
قرارات الإفراج والمعتقلين
حول أعداد المفرج عنهم بواسطة "الحوار الوطني" مقارنةً بأعداد المعتقلين، أفاد مدير مركز "الشهاب لحقوق الإنسان" خلف بيومي بأن "قرار الإفراج الأخير شمل 33 معتقلاً من المحبوسين احتياطياً، أشهرهم الاقتصادي عمرو الشنيطي، وقد سبقه بأيام قرار العفو الصادر من رئيس الجمهورية والذي شمل باتريك جورج والحقوقي محمد الباقر".
وقال بيومي في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إن "هذه القرارات جاءت بعد توقف دام عاماً، لم تصدر فيه قرارات بالعفو، بل شهد العام الأخير تجديد الحبس لكل المحبوسين في قضايا تنظر أمام دوائر الإرهاب والمناقشة في سجن بدر".
خلف بيومي: قرار الإفراج الأخير شمل 33 معتقلاً من المحبوسين احتياطياً
وأكد بيومي أن "أعداد المقبوض عليهم خلال العام تعدت الألف مواطن، نحو 60 منهم أُفرج عنهم في وقت إصدار قرار العفو، ولا نستطيع أن نعتبر العدد نسبة مقبولة أو مرضية أو تفتح باباً لحلحلة ملف المعتقلين بصفة عامة، والمحبوسين احتياطياً بصفة خاصة".
وأشار إلى أن "هناك علامات استفهام حول توقف عمل لجنة العفو وعلامات أكبر عن جدوى لجنة الحوار، وكلاهما تخطى العام". وأوضح بيومي أن "قرارات العفو لم تشمل سيدة واحدة رغم المطالبات المتكررة بضرورة وقف استهداف النساء، كذلك لم تشمل أحداً من كبار السن أو المرضى، لذلك نعتقد أنها لا تمثل نسبة جيدة أو حتى مقبولة".
من ناحيتها، اعتبرت الناشطة الحقوقية ماهينور المصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لو كانت هناك نية لدى النظام الحاكم لجعل الحوار الوطني حواراً حقيقياً، وبداية فصل جديد مع المواطن المصري أولاً والقوى السياسية ثانياً، فكان يجب أن يجرى الحوار في مناخ ديمقراطي حقيقي، فيه مساحات للرأي والرأي الآخر، ومجال عام مفتوح للأحزاب والنقابات والاتحادات، وفيه أيضاً حرية صحافية من دون مواقع محجوبة".
وأضافت: "لكن ذلك ليس حواراً وطنياً، بل إنه بالأساس محاولة لإنقاذ وجه النظام الذي فقد أغلب حلفائه الخارجيين، بسبب سياساته القمعية التي أثرت على الاقتصاد والحياة الاجتماعية، كما فقد أغلب مؤيديه من المواطنين الذين كانوا مستعدين لأن يغضوا الطرف عن الانتهاكات، أو حتى لأن يبرروها كإجراءات ضد (أعداء الوطن) أو الإرهابيين أو أي مسمى. لذلك فإن الحوار الوطني مجرد بروباغندا خارجية".
خيبة "الانفراجة"
وأشارت المصري إلى أنه "جرى وعد الحركة المدنية الديمقراطية بإخراج عدد من الأسماء، ولكن ما حصل هو خروج عدد قليل جداً من الذين تخطوا مدة الحبس الاحتياطي، وحتى العفو الذي صدر عن أحكام، كان أيضاً مخيباً للآمال".
وتابعت: "لا تزال الممارسات الخاصة بالقبض والإخفاء القسري، مثل حالة أحمد جيكا المختفي منذ 55 يوماً، وقبل ذلك معاذ الشرقاوي، وحتى القبض في لحظات على أهل أحمد طنطاوي ومؤيديه".
ماهينور المصري: الحوار ليس وطنياً بل إنه بالأساس محاولة لإنقاذ وجه النظام
بدوره، رأى عضو "حركة الاشتراكيين الثوريين" حسام الحملاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "البعض في المعارضة كان متحمساً للمشاركة في الحوار الوطني تحت نية الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإحداث انفراجة سياسية في الساحة المصرية، وبالفعل تجرى الإفراج عن عدد من المعتقلين، ومنهم أسماء مهمة، لكن العدد ليس كافياً مقارنة بالأعداد التي لا تزال في سجون النظام المصري حتى يومنا هذا".
أما المعتقل السياسي السابق رامي شعث، فاعتبر في حديث لـ"العربي الجديد": "تلاشت الشروط الموضوعية للحوار، والتي كانت تنص على إنهاء كامل لملف المعتقلين في سجون النظام والذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف، نصفهم تحت التحقيق بلا قضايا أو تهم حقيقية، والنصف الثاني حكم عليه في محاكم هزلية. أولاً كان يجب أن يتوقف الاعتقال على الأقل، وإنهاء حالات الاختطاف والإخفاء القسري، إلا أنه لم يتغير شيء على الأرض مع انطلاق الحوار".
وأضاف شعث أن "الحوار الوطني ليست له قيمة وغير مُتابع بشكل حقيقي داخل مصر، والناس ما زالت تئن من القمع والفقر والأزمة الاقتصادية، بل نحن مقبلون على الانتخابات الرئاسية التي لا تختلف كثيرا عن الحوار"، مشدداً على أن الحركة المدنية "في لحظة ضعف شديد، وتهديد حقيقي لوجودها، ولا تعبر عن المجتمع المقموع والمفقر ولا تدافع عن مصالحه".