يواصل نتنياهو تعنته رافضاً صفقة توقف الحرب ومصرّاً على استمرارها
الوفد الإسرائيلي وصل إلى باريس للمشاركة في المحادثات
التوصّل إلى صفقة بالمستقبل القريب يشكل أحد الخيارات أمام نتنياهو
ليس واضحاً مدى مرونة التفويض الذي منحه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للوفد الإسرائيلي الذي توجه إلى باريس خلال الساعات الماضية برئاسة رئيس جهاز "الموساد" ديفيد برنيع، لمحادثات مع الوسطاء القطريين والمصريين والأميركيين اليوم الجمعة، في إطار الجهود للتوصل إلى صفقة بين اسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس".
ويواصل نتنياهو تعنته رافضاً صفقة توقف الحرب ومصرّاً على استمرارها حتى تحقيق "النصر المطلق" على حد تعبيره، وهو ما يعارضه شركاؤه في الحكومة. كما يكرر رفضه إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، مطالباً حماس بخفض مطالبها وإبداء مرونة أكبر.
وتأتي موافقة نتنياهو على إرسال وفد، بضغط من الولايات المتحدة وأهالي المحتجزين الإسرائيليين، لكن مواصلته التصلّب في مواقفه، تشي بعدم جديته، وربما يكون ما صرّح به وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، قبل أيام أقرب للموقف الراجح في الحكومة، بأن إعادة المحتجزين ليست الأمر الأهم، قبل أن يحاول تبرير موقفه، الذي ربط بين زيادة الضغط العسكري وإعادة المحتجزين.
مع هذا، أبدى بعض الصحافيين والمعلقين الإسرائيليين تفاؤلاً في الأيام الأخيرة بشأن إمكانية التوصل إلى صفقة قبل شهر رمضان، الذي تخشى حكومة الاحتلال تصعيداً فلسطينياً فيه، خاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
وأفاد موقع "واينت" العبري، اليوم الجمعة، بأن الوفد الإسرائيلي وصل إلى باريس للمشاركة في المحادثات التي تنطلق اليوم.
ونقل الموقع عن مصادر لم يسمّها، قولها، إنه بخلاف تقارير سابقة فإن الاتصالات مع رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، لم تعد مقطوعة، وأن الوسطاء يتواصلون مع قيادة حماس في غزة والخارج.
وتأتي محادثات اليوم، بعد تفاؤل الوسطاء من المحادثات السابقة في القاهرة، والتي عمل نتنياهو على إجهاضها، برفضه إرسال الوفد الإسرائيلي لاستكمالها، رغم المؤشرات الإيجابية التي أبلغه بها الوفد في حينه، ورغم إصرار واشنطن على التوصّل إلى صفقة قبل رمضان.
خيارات نتنياهو الثلاثة
في غضون ذلك، يرى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، أن التوصّل إلى صفقة في المستقبل القريب يشكل أحد الخيارات الثلاثة المتاحة أمام نتنياهو، على أمل أن توافق حماس على "إبداء مرونة أكبر" في مطالبها، كما أن اتفاقية من هذا النوع، سيرافقها تنازلات "غير سهلة بتاتاً بالنسبة لإسرائيل، من بينها إطلاق سراح المئات من كبار الأسرى الفلسطينيين، على ما يبدو في المرحلة الأولى". وسيلقى هذا الخيار معارضة من داخل الحكومة.
ويتحدث سيناريو آخر، وفق الكاتب، عن إمكانية استمرار القتال خلال شهر رمضان. وقد يشمل ذلك غزو جيش الاحتلال الإسرائيلي رفح على نحو واسع "وبعد ذلك تعود إسرائيل إلى طاولة المفاوضات وربما تناقش أيضاً مبدأ بايدن، بشأن التحرك الأميركي الشامل فيما يتعلق بتسوية إقليمية جديدة".
واعتبر هارئيل أن اجتياح رفح، "مقامرة يجب أن تأخذ في الاعتبار التدهور الخطير في الوضع الإقليمي بسبب احتلال رفح، والذي سيؤثر بشكل رئيسي على السكان المدنيين في القطاع".
أما السيناريو الثالث الذي تحدّث عنه، فهو "مواصلة نتنياهو استفزاز إدارة بايدن لضمان تحقيق النصر الكامل، وسيتجنب التقدّم في صفقة تعيد المحتجزين الإسرائيليين"، وربما التخلّص من كتلة "هماحانه همملختي" (المعسكر الرسمي) برئاسة الوزير في مجلس الحرب بني غانتس، والتي قد تنسحب من الائتلاف وتترك نتنياهو مع شركائه من المتدينين "الحريديم" وأحزاب اليمين المتطرف.
مع هذا، تشير مصادر في حكومة الاحتلال، إلى عدم استبعاد "احتمال أن يقرر نتنياهو أخيراً المفاجأة"، وتليين مواقفه.
"اغتيال السنوار"
ونقل الكاتب أن "ما يتعامل معه نتنياهو دون توقف الآن، كما يقول شخص يعرفه عن كثب منذ عقود، هو اغتيال السنوار. يحتاج رئيس الوزراء إلى إنجاز واضح، إلى صورة نصر يستطيع تقديمها إلى الجمهور في إسرائيل، حتى لو كان من المرجّح استمرار عناصر حماس في القتال بعد قتل زعيمهم. نتنياهو يبحث عن إنجاز رمزي من المفترض أن يعطي جواباً مناسباً للإخفاق الذي تعرّضت له إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وبعد ذلك، يمكنه التقدّم نحو صفقة لإعادة المحتجزين والسعي إلى وقف إطلاق النار".
ونقلت القناة 12 العبرية أمس، قول مسؤولين إسرائيليين لم تسمهم، إن إسرائيل ستشارك في محادثات باريس، "لأن الوقت يُعتبر عاملاً مهماً جداً في الفترة الحالية". وأوضحت أنه مع مرور الوقت يتشكّل خطر أكبر على حياة المحتجزين الإسرائيليين في غزة، كما أن "جميع الجهات تدرك أهمية الجدول الزمني وبداية شهر رمضان بعد نحو أسبوعين ونصف".
من جانبه، نقل الكاتب والمحلل السياسي ناحوم برنيع في "يديعوت أحرونوت" أمس، أن "المسؤولين يتحدثون عن فرصة تصل إلى 50% للتوصل إلى صفقة".
واعتبر "الانتقال من القاهرة إلى باريس هو أكثر من مجرد تغيير للمكان"، وأن "الفكرة العامة هي العودة إلى التفاهمات التي تم الاتفاق عليها في باريس في بداية فبراير/شباط الجاري، والتقدّم فيها من هناك".