- النتائج الأولية أظهرت تقدم سالم العيساوي وتلاه محمود المشهداني، مما أثار غضب أعضاء حزب "تقدم" وأدى إلى اندلاع شجار وتعطيل الجلسة.
- الأحداث تعكس الانقسام السياسي العميق في البرلمان العراقي وتشير إلى بداية جولة جديدة من الحوارات السياسية لحسم المنصب الشاغر وتشكيل الحكومة.
انتهت جلسة التصويت على المرشحين لمنصب رئيس البرلمان العراقي، ليلة أمس السبت، بعراك بالأيدي، وأصيب أحد النواب بجرح في رأسه جراء مشاجرة بين نائبين ينتمي كل واحد منهما إلى حزبٍ يُنافس الآخر للظفر بمنصب رئيس البرلمان، الأمر الذي أفضى إلى تدخل قوات الأمن لفض الشجار ومغادرة معظم النواب ورؤساء الكتل السياسية قاعة البرلمان ورفعت الجلسة إلى إشعار آخر.
ولم يحصل أحد من المرشحين للمنصب، وهم أربعة: محمود المشهداني وعامر عبد الجبار وسالم العيساوي وطلال الزوبعي، على السقف الانتخابي المطلوب، وقد أعلن الأخير انسحابه أثناء الجلسة، ودعا إلى انتخاب المشهداني، في حين أن أحدا منهم لم يحصل على الأغلبية المطلقة (نصف الأصوات زائد واحد من عدد نواب البرلمان العراقي)، وقد حضر جلسة الأمس 311 نائباً (من أصل 329).
ووفقاً لبيان الدائرة الإعلامية في البرلمان العراقي، حصل النائب سالم العيساوي على 158 صوتاً، والنائب محمود المشهداني على 137 صوتاً، والنائب عامر عبد الجبار على 3 أصوات، بينما بلغت الأصوات الباطلة 13 صوتاً. وأدت هذه النتيجة إلى غضب أعضاء حزب "تقدم"، الذي يقوده رئيس البرلمان العراقي السابق محمد الحلبوسي ويدعم المرشح محمود المشهداني، وأقدم بعضهم على الإخلال بنصاب الجلسة عبر الشجار وصناعة الفوضى، وفقاً لنواب أكدوا ذلك لـ"العربي الجديد".
ويدعم كل من "تقدم" و"الصدارة" محمود المشهداني، فيما يقف كل من "العزم" و"الحسم" و"السيادة" خلف سالم العيساوي، مع انقسام واضح داخل قوى تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، فيما لم تعلن القوى السياسية الكردية موقفها من المرشحين، لأجل النظر في مطالبها الخاصة بالمناصب المحلية في محافظة كركوك من جهة، وتمرير قانون الانتخابات في إقليم كردستان من جهة ثانية.
"تقارب النتائج سيؤخر حسم منصب رئيس البرلمان العراقي"
ولم تعلن الدائرة الإعلامية في البرلمان العراقي عن موعد جديد لجلسة اختيار رئيس البرلمان، لكن أعضاء من حزب "تقدم" قالوا لـ"العربي الجديد" إن "تقارب نتائج التصويت بين العيساوي والمشهداني ستؤخر حسم المنصب الشاغر، وسيفتح باب الحوارات السياسية بين الأحزاب من جديد، فضلا عن التفاهمات بل التنازلات أيضاً"، مبينا أحدهم أن "الحلبوسي اتفق مع الأطراف الشيعية، وكان من المتوقع أنهم سيصوتون لصالح محمود المشهداني، لكنهم تخلوا عن تعهدات سابقة كانوا قد قطعوها للحلبوسي ورئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي أيضاً".
الأعضاء أكدوا أن "الانقسام السياسي الشيعي بشأن الاتفاق على مرشح واحد يهدف إلى إطالة أمد أزمة اختيار رئيس البرلمان العراقي، في حين أن النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي يدفع باتجاه التأزيم، وقد كان جزءاً من المشكلة التي حدثت في الجلسة الأخيرة، لأنه يريد أن يبقى في كرسي الرئيس حتى نهاية عمر الدورة البرلمانية الحالية، وهذا ما يدفع الحلبوسي إلى الجنون. وبكل الأحوال، فإن جولة زيارات وتفاهمات سياسية جديدة ستبدأ خلال الأيام المقبلة لحسم المنصب".
من جانبه، أشار عضو البرلمان العراقي عن تحالف "الإطار التنسيقي" محمد كريم إلى أن "القوى السياسية كانت قد اجتمعت أكثر من مرة، حتى قبل عملية التصويت للمرشحين بساعات، من أجل المضي نحو إعلان مرشح فائز، لكن الأمور تعقدت بسبب المشاجرات، ما أوصل إلى تأجيل الجلسة ورفعها"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "أعضاء تحالف السيادة رفضوا تأجيل جلسة أمس، لكن حزب تقدم وافق على التأجيل".
في الأثناء، طالب عدد من أعضاء البرلمان، عبر مجموعة فيديوهات وتدوينات، بإحالة المتسببين في تعطيل الجلسة إلى لجنة متخصصة بالسلوك النيابي، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، معتبرين أن النائب هيبت الحلبوسي الذي اعتدى على النائب مثنى السامرائي كان هدفه تعطيل الجلسة وإجبار الرئاسة على رفعها، لمنع تمرير الفائز بالتصويت سالم العيساوي.
وقال زعيم تحالف "السيادة" خميس الخنجر، في تدوينة عبر منصة "إكس": "قدم السيدات والسادة النواب في جلسة التصويت على منصب رئيس البرلمان أنموذجا مثاليا للممارسة الديمقراطية والاحتكام إلى صندوق الاقتراع لمنح الثقة لأحد المرشحين، إلا أن لجوء البعض إلى افتعال الشِجار أثناء انعقاد الجلسة، والاعتداء على أحد قادة الكتل وردة الفعل من قبل أحد النواب أساءت إلى السلطة التشريعية والنظام، وقدموا أنموذجا فوضويا لا يليق بالعراق وشعبه".
قدم السيدات والسادة النواب في جلسة التصويت على منصب رئيس البرلمان أنموذجا مثاليا للممارسة الديمقراطية والاحتكام إلى صندوق الاقتراع لمنح الثقة لأحد المرشحين، إلا أن لجوء البعض إلى افتعال الشِجار أثناء انعقاد الجلسة والاعتداء على أحد قادة الكتل وردة الفعل من قبل أحد النواب أساء إلى…
— خميس الخنجر (@khameskhanjar) May 19, 2024
من جانبه، أكد رئيس حزب المواطنة غيث التميمي أن "ما حدث في مجلس النواب من اعتداءات وتجاوزات وفوضى هو شكل من أشكال الديمقراطية، ويحدث ذلك في كل برلمانات العالم، وأن التنافس السياسي يصنع المهازل"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "حزب تقدم برئاسة الحلبوسي أحق من غيره بمنصب رئيس مجلس النواب، وهو يمثل الصوت السني الأقوى والأبرز، مع العلم أن الحلبوسي لم يكن ناجحاً في إدارة البرلمان، لكن حزب تقدم هو أفضل صناعة سياسية سنية بعد عام 2003، وأن الحلبوسي سيمضي باتجاه تفاهمات جديدة مع القوى السياسية"، وفقا لقوله.
من جهته، أشار الناشط السياسي من محافظة الأنبار عبد الله الذبان إلى أن "حزب تقدم تجاوز حدوده في منع سالم العيساوي من الفوز والظفر بكرسي رئيس البرلمان، وقد أقدم أعضاء حزب الحلبوسي على افتعال المشاكل والفوضى في سبيل تعطيل الجلسة ونجحوا في ذلك، لكنهم حرموا الفائز من تسلم منصبه"، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد" بأن "الدخول السياسي الشيعي على خط التفاهم السني حول منصب رئيس البرلمان عقّد المشهد وتسبب في أزمة كبيرة داخل الوضع السياسي".