خلافات متجددة داخل "الحشد الشعبي": حملة تنتقد فالح الفياض

08 مارس 2024
أكد الفياض توسيع المساحة للقاء شخصيات من خارج المكون والمذهب (إكس)
+ الخط -

تظهر الخلافات مجدداً داخل مؤسسة "الحشد الشعبي"، المظلة العراقية الجامعة لنحو 80 فصيلاً مسلحاً، على خلفية لقاء فالح الفياض بعلي حاتم السليمان، والتي تأتي امتداداً لخلافات سابقة استغرقت أكثر من 6 سنوات، كان عنوانها الأبرز الاتجاهات السياسية لقادة الفصائل المسلحة، ومواقفهم من ملفات مختلفة في البلاد.

وخلال الأسبوع الماضي، شهدت هذه المساحة توتراً في العلاقة بين جماعة "عصائب أهل الحق" التي يتزعمها قيس الخزعلي، ورئيس "الحشد الشعبي" فالح الفياض، على خلفية زيارة الأخير إلى أحد مضايف محافظة الأنبار غربي البلاد، ولقائه شخصيات تعتبرها بعض الجهات السياسية والمسلحة القريبة من إيران متهمة بـ"الإرهاب".

وواجه الفياض جملة من الاتهامات والانتقادات الشديدة بسبب تلبيته دعوة عشائرية، ولقائه بعلي حاتم السليمان، أمير قبيلة الدليم في الأنبار غربي البلاد، الذي تعتبره الفصائل المسلحة القريبة من إيران حالة سياسية أدت إلى توتر سياسي في البلاد بعد عام 2010، وانتهت باحتلال تنظيم "داعش" مناطق واسعة من البلاد، وفق رأيهم.

وأغضب اللقاء جمهور تحالف "الإطار التنسيقي"، وتحديداً القريب من الفصائل المسلحة، فيما تبنت حركة "عصائب أهل الحق" حملة تنتقد الفياض، وصلت إلى المطالبة بإقالته من منصبه رئيساً لـ"الحشد الشعبي".

وضمت الحملة ضد الفياض ناشطين وأعضاء مجلس نواب تابعين لحركة "العصائب"، إذ اتهم عضو البرلمان علي تركي الجمالي الفياض بأنه "يتصرّف بإمكانيات "الحشد الشعبي" البشرية والمادية لصالحه"، فيما دعا إلى "طرد الفياض من رئاسة الحشد بسبب تسخيره إمكانيات الهيئة من خلال التعيينات الأخيرة لكسب أصوات الجمهور".

وقال النائب عن كتلة "الصادقون" (الممثل النيابي لـ"عصائب أهل الحق")، حسن سالم، إنه "عندما يزور رئيس هيئة الحشد الشعبي علي حاتم سليمان، الذي وقف على منصات الفتنة لدعم الإرهاب، والمحرض لإسقاط العملية السياسية، فماذا يقدم الفياض من إجابة لعوائل الشهداء؟ وهل يستحق أن يكون رئيساً لحشدنا المقدس؟".

الفياض يرفض الاعتذار

ورفض الفياض تقديم أي اعتذار أو تبرير عن أي سلوك قام به، مبيناً، في حوار متلفز، أن "بعض النواب الذي ينتمون لجهة معينة تاجروا بمشاعر الشهداء بعد لقائي مع علي حاتم السليمان. ونحن نعمل على توسع المساحة للقاء ببعض الشخصيات من خارج المكون والمذهب".

وأضاف أن ""الحشد الشعبي" يعمل لخدمة الشعب العراقي بكل أطيافه، وأن الرد على نيات البعض من الذين هاجموني لا تليق بي".

وفي أحدث تطورات الأزمة، أشار زعيم الحركة (وهي مصنفة على لائحة الإرهاب منذ 2020) قيس الخزعلي، أن "الفياض يمتلك فكراً سياسياً عميقاً، ويستطيع أخذ دور كنائب رئيس جمهورية وغيرها من المناصب"، في دعوة ضمنية اعتبرت أنها لإقالة الفياض من منصب رئيس "الحشد الشعبي"، وتحويله إلى منصب سياسي.

وأضاف الخزعلي، في حوار ضمن فعاليات "ملتقى الرافدين" في بغداد، أن "تصريحات بعض النواب (بشأن الاعتراض على لقاء فالح الفياض بعلي حاتم) لم تكن بتوجيه منا، أحد النواب صرح وتبعه اثنان من الإخوان، فأوقفناهم، وأعتقد أنه ليس من المصلحة توسيع هذه الدائرة".

صراع على المناصب

في السياق، قال مصدر قريب من رئاسة هيئة "الحشد الشعبي" إن "الخلاف بين حركة "عصائب أهل الحق" وفالح الفياض يعود إلى نحو عام ونصف العام، بسبب خلافات إدارية تطورت إلى إيقاف تعيينات جديدة ممنوحة لمجموعة من المنتمين إلى الحركة أريد لهم أن ينتسبوا إلى الهيئة، ناهيك عن قضايا تضييق مالي من قبل الفياض تجاه "العصائب""، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "الصراع يتجه تدريجياً نحو الحصول على منصب رئاسة "الحشد الشعبي"، الذي تعتقد حركة "العصائب" أنه من حصتها مستقبلاً".

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "لقاء الفياض بعلي حاتم السليمان فجّر الخلاف، ودخل في مرحلة المواجهة بعد أن بقي مستتراً لفترة، وبدأت حركة "العصائب" التحرك جدياً نحو إقالة الفياض لعدة أسباب، أبرزها تخطيه السن القانوني للبقاء في الوظيفة، إذ يبلغ 67 عاماً"، موضحاً أن ""عصائب أهل الحق" تسعى لنيل منصب رئيس "الحشد" بالاتفاق مع فصائل أخرى، وليس بالضرورة أن يكون الرئيس من الحركة تحديداً".

من جهته، أشار النائب المستقل في البرلمان العراقي محمد عنوز إلى أنه "من الضروري إبعاد الصراعات السياسية عن المناصب الأمنية، ومن واجب الحكومة الحالية منع أي جدال حول أي منصب أمني أو عسكري، لدفع أي حالة إرباك قد يؤثر على سير تأمين المناطق والواجبات الأمنية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "القانون العراقي منح رئيس الحكومة صفة القائد العام للقوات المسلحة، وضمن صلاحياته البت بالقرارات الأمنية وتعيين رئاسة الهيئات والمديريات والأجهزة الأمنية".

"خارج السرب"

وذكر السياسي والنائب السابق، مشعان الجبوري، في تدوينة على "إكس"، أن "الغاضبين من لقاء فالح الفياض، وهو أحد أركان الدولة وقادتها المعنيين بالأمن، بعلي الحاتم، وهو أحد أركان المجتمع العشائري في الأنبار، يعبرون عن موقف متطرف لا يتوافق مع حاجة العراق للاستقرار، الذي لا أشك أنه كان دافع الفياض لهذا اللقاء وبه، أكد أنه يغرد خارج سرب الطائفيين".

بدوره، رأى المحلل السياسي العراقي عبدالله الركابي أن "الخلافات داخل "الحشد الشعبي" لم تهدأ منذ عام 2018، حين بدأت بين الفياض ورئيس هيئة الأركان في "الحشد" أبو مهدي المهندس (قتل بغارة أميركية في بغداد 2020)، وتطورت بعد مقتل المهندس إلى خلافات بين الفياض وبقية الفصائل، وتحديداً "كتائب حزب الله"، وأخيراً بين الفياض و"العصائب""، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد"، أن "الخلافات لها علاقة بالامتيازات والمناصب والمال المتدفق باتجاه "الحشد"، وأحياناً الاستثمارات والمكاتب الاقتصادية في المحافظات، ويحدث ذلك دون أدنى تدخل حكومي".

وبالرغم من أن القانون العراقي يمنع انخراط الأجهزة الأمنية والتشكيلات العسكرية بالعمل السياسي، إلا أن أغلبية الألوية والفصائل تمارس العمل السياسي، بل أنها تجتهد وتناور للحصول على مزيدٍ من المكاسب، وبالرغم من أن رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي كان قد سعى إلى إنهاء هذا التداخل من خلال إقالة فالح الفياض عام 2018، إلا أن الفياض عاد إلى منصبه، وأسس كتلة "عطاء" التي شاركت في الانتخابات، وحصلت على عدد من المقاعد في مجلس النواب.

المساهمون