يبدو أن الخلافات التنظيمية بدأت تتسلل إلى "الجبهة الوطنية الديمقراطية" (جود)، والتي يُنظر إليها باعتبارها ممثلة للمعارضة السورية في الداخل، وذلك بعد مرور أقل من عام على تأسيس هذه الجبهة التي تضم العديد من الأحزاب والتيارات، وشخصيات مستقلة.
وأفادت مصادر مطلعة من داخل الجبهة، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "الخلاف تفجر قبل أسابيع بعد أن انتهت ولاية الرئيس التنفيذي السابق، سليمان الكفيري، والتي استمرت لمدة 6 أشهر"، مشيرةً إلى أنه "برز تيار مع التمديد للكفيري وآخر ضد التمديد له".
الخلاف داخل "جود" تفجر بعد انتهاء ولاية الرئيس التنفيذي سليمان الكفيري
مشاكل تنظيمية منذ تأسيس "الجبهة الوطنية الديمقراطية"
ولفتت المصادر، التي فضّلت عدم ذكر اسمها، إلى أنه "منذ تأسيس الجبهة، كانت المشكلات التنظيمية حاضرة وبقوة في جميع هيئاتها؛ من الهيئة المركزية إلى الهيئة التنفيذية وما يتبع لها من مكاتب".
وأضافت أن "لدى بعض القوى المشاركة في الجبهة توجها واضحا للسيطرة عليها، وأخذت تعتمد سياسة التكتلات والضغط لتمرير توجهاتها، الأمر الذي خلق نوعا من النزاعات بين المكونات".
وأوضحت المصادر أن بنية "جود" الإدارية "تقوم على أساس المحاصصة"، مشيرة إلى أنه "يوجد ممثلون للمكونات في كل من الهيئة المركزية والمكتب التنفيذي، إضافة إلى كتلة المستقلين، الذين يتم العمل على جذبهم من جانب المكونات السياسية لما يشكلونه من فارق خلال عمليات الانتخابات".
ولفتت المصادر إلى أن "كتلة المستقلين تحولت إلى ساحة للتدخل أو لزج أفرادها لدعم المكونات السياسية، وهو ما أدى إلى وجود صراعات ربما تؤدي في النهاية إلى انفراط عقد هذه الجبهة".
مكونات "الجبهة الوطنية الديمقراطية"
وأُعلن عن تأسيس "الجبهة الوطنية الديمقراطية" (جود) في مايو/أيار من العام الماضي، من خلال مؤتمر افتراضي، بعد رفض النظام السوري إعطاء ترخيص لإقامة مؤتمر تأسيسي في العاصمة السورية دمشق.
وتضم الجبهة أحزابا وقوى معارضة من الداخل والخارج، وهي: هيئة التنسيق الوطنية المعارضة بمكوناتها، المبادرة الوطنية، كوادر الشيوعيين، حزب التضامن العربي، تيار "بدنا الوطن"، الحزب التقدمي الكردي، حزب الوحدة الكردية، الحركة التركمانية، ومجموعة الشباب الوطني.
وتعد هيئة التنسيق الوطنية، والتي تأسست أواخر عام 2011، من ائتلاف عدة أحزاب وهيئات، أبرز مكونات "جود" التي انضمت إلى سلسلة من الهيئات والمجالس التي ظهرت خلال سنوات الثورة السورية، وبدأت بالمجلس الوطني السوري الذي تشكل أواخر عام 2011.
تعد هيئة التنسيق الوطنية المعارضة أبرز مكونات "جود"
ويُنظر إلى هيئة التنسيق الوطنية على أنها تمثل معارضة الداخل، على الرغم من أن النظام السوري لا يسمح بأي نشاط معارض ضده في مناطق سيطرته، حيث خلق أحزاباً "معارضة" تتبنى رؤيته في الحل، والقائمة على بقاء بشار الأسد في السلطة.
تجاوزات داخل "جود" ومحاولات للإصلاح
من جهتها، ذكرت مصادر أخرى من داخل الجبهة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هناك محاولات للإصلاح تقوم بها شخصيات عدة في الجبهة"، مضيفةً: "حاولنا أن تكون الجبهة مرجعية لمكوناتها، ولكن يبدو أن جود بحاجة الى إعادة هيكلة تنظيمية".
وتابعت المصادر: "اليوم، الكثير من الأطراف تدعو إلى التعقل وعدم جر جود إلى صراعات شخصية قائمة على النزعة بالتفرد في القرار والتحكم بالجبهة".
وأشارت إلى أنه "كانت هناك آمال كبيرة في أن تكون الجبهة مرجعية حقيقية للمعارضة السورية في الداخل، ولكن الخلافات تسللت إلى داخل هذه الجبهة بسبب إصرار بعض القيادات على البقاء في واجهة المشهد، على الرغم من مرور سنوات على وجودها من دون أن يكون لها وزن حقيقي في الشارع السوري".
وتؤكد الجبهة في أديباتها السياسية أنها تهدف لـ"إحداث تغيير ديمقراطي جذري وتحقيق انتقال سياسي حقيقي في سورية، وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254".
مصادر: الخلافات تسللت إلى داخل الجبهة بسبب إصرار بعض القيادات على البقاء في واجهة المشهد
خلافات داخل مختلف تيارات المعارضة السورية
ويبدو أن الخلافات الداخلية تعصف بمختلف تيارات وكتل ومنصات المعارضة السورية في داخل البلاد وخارجها، إذ يحتدم خلاف في الائتلاف الوطني السوري، أبرز تكتل للمعارضة السورية في الخارج، على خلفية إنهاء عضوية عدد من أعضائه "غير الفاعلين".
وفي السياق، أبدى المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع "العربي الجديد"، أسفه "لأن المعارضة السورية وعلى الرغم من مرور 11 عاماً على اندلاع الثورة، تعاني من القضايا الخلافية ذاتها، وخاصة ما يتعلق بالتمثيل والتمويل".
وأضاف: "الخلافات الداخلية تعصف بهياكل المعارضة السورية التي ليس لديها قدرة على تأسيس شرعية حقيقية لمؤسساتها أمام الجمهور السوري، وخاصة المعارض منه".
ورأى زيادة أنه "على المعارضة اليوم إجراء حوار عميق مع الفصائل العسكرية، من أجل توحيد قياداتها. وفي الخارج، عليها تحديد مراكز التجمعات الرئيسية للاجئين السوريين والقيام بانتخابات تمثيلية لمؤسسات المعارضة".