جدد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، اليوم الأحد، في كلمة متلفزة سنوية بمناسبة حلول عيد "النيروز" في إيران، التأكيد على الموقف الإيراني بشأن أزمة الاتفاق النووي، قائلاً إنه "لا مصداقية أبدا للوعود الأميركية ولا نثق بأميركا"، ورابطا عودة إيران إلى تنفيذ تعهداتها النووية برفع العقوبات "على أرض الواقع وليس على الورق".
وأضاف خامنئي أن "سياستنا في هذا المجال واضحة، وهي أن يتم رفع العقوبات عمليا، ومن ثم سنتحقق من رفعها، وبعد ذلك نعود إلى الاتفاق النووي"، مؤكدا أن "هذه السياسة حاسمة لن تتغير". وأضاف أنه "لا يمكن تجاوز هذه السياسة، وهي محل إجماع"، موضحا أن إيران "ليست في عجلة من أمرها لرفع العقوبات، وصبرُنا كبير ولسنا مستعجلين".
وعرج على حديث البعض في إيران عن ضرورة عدم إهدار الفرصة الراهنة بعد مجيء الرئيس الأميركي جو بايدن بالقول: "نحن أيضا نعتقد أنه يجب اغتنام الفرص في وقتها وعدم هدرها، لكن لا يصح أن نستعجل، والعجلة أحيانا خطرها أكبر من إهدار الفرص، وفي مسألة الاتفاق النووي نحن تعجلنا ونفذنا تعهداتنا، ولكن تعهدات الطرف الآخر بقيت على الورق".
وهاجم الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، واصفا إياه بـ"الأحمق"، وقال إن ضغوطه القصوى "فشلت" ضد إيران، "هو غادر السلطة بهذه الطريقة المذلة وإيران بقيت قوية"، مع الحديث عن أن هذه الضغوط كانت ترمي إلى إضعاف إيران وجرها إلى طاولة التفاوض "وهي ضعيفة لفرض المطالب الاستكبارية عليها".
وفي السياق، دعا خامنئي الإدارة الأميركية الجديدة إلى عدم مواصلة سياسة الإدارة السابقة، وقال إنه "إذا ما واصلت الضغوط القصوى، فإن مصيرها سيكون الفشل".
وفي معرض الرد على مطالب أميركية بتغيير الاتفاق النووي، لأن الظروف تغيرت ولم تعد الأوضاع كما كانت عام 2015، قال المرشد الإيراني: "نعم الظروف تغيرت لصالح إيران، وهي أصبحت أقوى".
دعا خامنئي الإدارة الأميركية الجديدة إلى عدم مواصلة سياسة الإدارة السابقة، وقال إنه "إذا ما واصلت الضغوط القصوى، فإن مصيرها سيكون الفشل"
العقوبات
وأشار المرشد الإيراني إلى العقوبات الأميركية الشاملة المفروضة على بلاده، واصفا إياها بأنها "جريمة كبرى ترتكبها أميركا"، مضيفا أن إيران نجحت في تدبير أمورها في ظل هذا الحصار الاقتصادي، قائلا إن العقوبات "رغم أنها جريمة، لكنها حققت منافع لنا".
وعن هذه المنافع، قال المرشد الإيراني الأعلى إن العقوبات أنهت اعتماد إيران على الخارج في قطاعات اقتصادية، موضحا أن "هناك طريقين لمواجهة العقوبات، الأول أن نراجع من يفرضها ونطلب منهم إلغاءها، وهم سيطرحون علينا مطالب استكبارية، وهذا طريق الهوان والمذلة والتخلف".
وعن الطريق الثاني، قال إنه يتمثل في "تفعيل القدرات الداخلية بحيث يربك ذلك الطرف الآخر ويؤدي إلى إحباط العقوبات ورفعها تلقائيا".
وفي السياق، دعا خامنئي السلطات الإيرانية إلى بناء السياسات الاقتصادية على أساس عدم رفع العقوبات و"عدم الرهان على الخارج".
انتخابات الرئاسة
وفي جانب آخر من كلمته، أكد المرشد الإيراني الأعلى على أهمية الاستحقاق الانتخابي الرئاسي المقبل في إيران خلال يونيو/حزيران، داعيا الإيرانيين إلى المشاركة الواسعة في هذه الانتخابات، متهما أجهزة الاستخبارات لبعض الدول بالسعي لإضعاف هذه المشاركة وإجراء انتخابات باهتة.
وحدد خامنئي مواصفات للرئيس الإيراني المقبل، داعيا الشعب الإيراني إلى اختيار رئيس "له خلفية ثورية وجهادية، وأن يكون مناهضا للفساد، ومؤمنا بالقدرات الداخلية"، فضلا عن مواصفات أخرى ذكرها.
وانتقد المرشد الإيراني التصريحات التي تقول إن رئيس الجمهورية "شرفي" ولا يحظى بصلاحيات، قائلا إن الرئيس الإيراني له صلاحيات واسعة، و"سلطة بقية الأجهزة والسلطات الأخرى ليست شيئا يذكر بالمقارنة مع السلطات التي يمتلكها رئيس الجمهورية".
وأضاف أن موازنة البلاد وإدارة جميع أجهزة الدولة الإدارية بيد رئيس الجمهورية، مصرحا بأن "الرئاسة أهم جهاز في إدارة البلاد، وأكثرها تأثيرا، والحديث عن أن رئيس الجمهورية ليس له صلاحيات أو أنه خدماتي يتعارض مع الواقع".
مهاجمة الدول المطبعة
وعلى صعيد آخر، هاجم خامنئي الدول التي طبعت علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، واصفا إياها بـ"الحقيرة"، وقال إن "الأمة الإسلامية لن تنسى القضية الفلسطينية".
وانتقد المرشد الإيراني الدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة لاعتمادها عليها، وقال: "ألم يكن يعلم الأميركيون أن السعودية ستغرق في مستنقع الحرب على اليمن"؟
وأضاف أن واشنطن "ترتكب أخطاء" بوجودها في سورية شرق الفرات، وتعاونها مع الحكومة السعودية في اليمن، وسياساتها تجاه فلسطين.