- السوداني وأردوغان شددا على أهمية التنسيق في مكافحة الإرهاب وعدم السماح باستخدام الأراضي للاعتداء على الدول المجاورة، مع الترحيب بتصنيف حزب العمال كمنظمة محظورة.
- تم الإعلان عن اتفاق أمني مشترك يعكس الالتزام بمواجهة التحديات الأمنية والإرهابية، مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة مثل الحاجة للمياه.
أكّدت مصادر عراقية مطّلعة أنّ الملف الأبرز في زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد، أول أمس الاثنين، هو مسلحو حزب العمال الكردستاني شمالي العراق وخطوات إنهاء وجودهم، كاشفة أنّ بغداد منحت أنقرة الضوء الأخضر لشنّ عملية عسكرية برّية واسعة ضدّ التنظيم، الذي وصفته حكومة بغداد لأول مرة بـ"المحظور".
وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قد أكّد، أثناء زيارة أردوغان، أنّه أجرى مباحثات مع الأخير حول التنسيق الأمني الثنائي الذي يلبي حاجة البلدين، وما يشكّله تهديد الجماعات المسلّحة التي قد تتعاون مع "الإرهاب" وتخرق أمن البلدين، مشدّداً على أن حكومته لن تسمح لأي قوّة بأن تستخدم الأراضي العراقية للاعتداء على دول الجوار.
وبدوره أكد أردوغان أنّ الاجتماعات ناقشت العلاقات المشتركة، وكان "التعاون في ملفّي الأمن والإرهاب هو الأكثر أهمية، وتشاورنا في الخطوات المشتركة التي يمكن أن نتخذها بشأن مسلّحي حزب العمّال الكردستاني وامتداداته، التي تستهدف تركيا من الأراضي العراقية، ورحبنا بإعلان الحزب منظّمة محظورة في العراق"، متوعداً بأنّ وجود مسلحي "الكردستاني" في الأراضي العراقية "سينتهي في أقرب وقت ممكن".
مسؤول رفيع في الحكومة العراقية، قال إنّ "بغداد وأنقرة عملتا عدة أشهر على صياغة اتفاق أمني مشترك بشأن ملف حزب العمال الكردستاني"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "المصالح المشتركة بين البلدين هي الأساس في توقيع أيّ اتفاقية، سواء كانت اقتصادية أم أمنية، وأنّ العراق يسعى للحصول على المياه، لحاجته الماسّة لتجاوز أزمة المياه الخانقة، التي يعاني منها منذ عدة سنوات". وأكّد أنّ "الاتفاق الأمني تمّ وفقاً لتلك المصالح، وأنّ ملف المياه يقابله ملف الأمن (وجود حزب العمال الكردستاني) وقد أعطى العراق تركيا الضوء الأخضر لشنّ عملية عسكرية تستهدف مناطق تمركز الحزب في شمالي العراق، ضمن تنسيق مسبق بين البلدين".
مسؤول رفيع في الحكومة العراقية لـ"العربي الجديد": ملف المياه بين العراق وتركيا يقابله ملف الأمن
وكشف عن تفاهم سياسي حيال القرار العراقي تجاه التنسيق مع تركيا في ضرب حزب العمّال الكردستاني، وأشار إلى أنّه "في كلّ الأحوال، التوجه نحو عملية عسكرية ضدّ مسلّحي الحزب بات محسوما".
ما موقف الفصائل العراقية حيال حزب العمال الكردستاني؟
ولم تبد معظم الفصائل العراقية، وأجنحتها السياسية، موقفاً واضحاً إزاء الاتفاق، إلا أنّ عضو تحالف الفتح المندرج ضمن "الإطار التنسيقي"، علي الفتلاوي، أكّد أنّ "الحشد الشعبي" سيكون بعيداً عن أيّ معركة ضد "العمال الكردستاني"، مضيفاً، في تصريح صحافي، أمس الثلاثاء، أنّ "أرواح أولادنا عزيزة علينا ولا نقاتل نيابة عن الأتراك أو الأكراد"، معتبراً أنّ "الملف الأمني بين العراق وتركيا من الصعب السيطرة عليه، لأنّ الحزب يمتلك مساحات واسعة في الإقليم، وأعلم بالمنطقة وخطورتها ووعورتها".
الباحث في الشأن السياسي العراقي، مهند الجنابي، حمّل الحكومة العراقية مسؤولية أيّ اتفاق أمني مع تركيا، وقال في تدوينة له على "إكس"، أول أمس الاثنين، إنّ "الحكومة العراقية مسؤولة عن شكل وحدود أيّ اتفاق أمني ... غياب الشفافية في الملف الأمني للزيارة سيمنح تركيا فرص التجاوز على السيادة بحجة اتفاق مبهم مع حكومة السوداني، وستتحمّل نتائجه الحكومات اللاحقة لعقود".
الحكومة العراقية مسؤولة عن شكل وحدود أي اتفاق أمني سيتم إبرامه اليوم.
— د. مهند الجنابي (@moaljanabi10) April 22, 2024
اعلان الإطار العام للإتفاق الأمني المرتقب عنصر مهم في دعم السيادة الوطنية وإلزام تركيا مستقبلاً في حال تجاوزه.
لا ينبغي تكرار نموذج اتفاق عام ٢٠٠٧ وعام ١٩٨٣.
غياب الشفافية في الملف الأمني للزيارة سيمنح تركيا… pic.twitter.com/DKbPOR1cBF
وفي منتصف مارس/ آذار الماضي، اتفق وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في بغداد مع نظيره العراقي، فؤاد حسين، ومسؤولين وقادة أمنيين آخرين، على تشكيل لجان دائمة مشتركة تعمل في مجالات مكافحة الإرهاب وتطوير العلاقات الاقتصادية، تمهيداً لتبني مذكّرة تفاهم في مختلف أوجه العلاقات، وأكدا أنّ حزب العمّال الكردستاني يمثّل "تهديداً أمنياً" للبلدين، وأنّ وجوده على الأراضي العراقية هو "خرق للدستور".
صعوبات ميدانية
وتكمن صعوبة إجراء تفاهمات كاملة بين الحكومتين، التركية والعراقية، بشأن إنهاء وجود مسلّحي حزب العمال الكردستاني في العراق، في عوامل ميدانية عسكرية عدّة، أبرزها وجود الحزب في مناطق يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي الإيراني التركي الواقع تحت إدارة إقليم كردستان، إلى جانب الدعم الذي يتلقاه مسلّحو الحزب من فصائل مسلّحة توصف عادة أنّها حليفة إيران، خصوصاً في مناطق سنجار غربي نينوى.
وقد سبّب وجود عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه أنقرة "منظمة إرهابية"، في الأراضي العراقية أزمات سياسية عديدة بين البلدين، كان آخرها في العام 2022، حين اتهمت بغداد القوات التركية بقصف منتجع سياحي في دهوك، والتسبب بقتل عدد من المواطنين، وهو ما نفته أنقرة.