دافع رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، عن قبوله التسوية مع العسكر، الذين قادوا الانقلاب الأخير في البلاد وعزلوه عن السلطة وأبقوه قيد الإقامة الجبرية، قبل أن يعيدوه إلى المنصب تحت الضغوط الغربية.
وبرّر حمدوك، في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" الأميركية، نشرت اليوم الأحد، قراره بأنه كان ضروريًّا "لتجنب حمام دم في البلاد، وللحيلولة دون انهيار اقتصاد البلاد".
ومضى قائلًا: "الاتفاق الذي توصلنا إليه، في هذه الظروف، هو اتفاق عملي؛ هذا الأمر جنبنا الذهاب إلى منحدر زلق".
واستطرد قائلًا إن "مثل هذه الحالات، إن لم تتم إدارتها جيدّا، قد تتحوّل بسهولة إلى فوضى، وحروب أهلية".
وأضاف أن توجّه البنك الدولي والحكومة الأميركية نحو تجميد التمويل عقب الانقلاب شكّل ضغطًا إضافيًّا من أجل إنجاز الاتفاق، بعد نحو عام من رفع اسم السودان عن لائحة الإرهاب، ما أفضى في النهاية إلى إعفاء من نحو 56 مليار دولار من الديون الخارجية.
وأردف أن أحد الأسباب الأخرى للتسوية هو "الحفاظ على الإنجازات المتحققة في السنوات الماضية، وأهمها على مستوى الاقتصاد"، حيث اضطر لاتخاذ "قرارات صعبة لم تحظَ بشعبيّة كبيرة"، من ضمنها رفع الدعم عن الوقود والقمح اللذين يمثّلان نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويأمل حمدوك في أن تقنع الصفقة المانحين بالتراجع عن قرارهم، قائلًا إن تلك المؤسسات "عادة ما تذهب مباشرة إلى العقوبات أو إلى إلغاء برامج المساعدات، لكنها لم تفعل ذلك هذه المرة، واكتفت بتجميدها، وهو أمر أسهل بكثير". وتقدر وزيرة المالية السابقة في حكومة حمدوك، هبة محمد علي، أن السودان يحتاج إلى حوالي 10 مليارات دولار بين القروض والمساعدات والاستثمارات في الفترة التي تسبق الانتخابات.
وينصّ الاتفاق على أن تكون الحكومة المقبلة مؤلفة من "تكنوقراط مستقلين وليس سياسيين". ويبرّر نائب رئيس حزب الأمة، صديق إسماعيل، الذي أيد حزبه التسوية، ذلك بالقول: "في هذه اللحظة ينبغي علينا دعم الاتفاق حتى نضمن انتقالًا سلميًّا وديمقراطية حقيقية"، مستدركًا أن حكم التكنوقراط الذي يصر عليه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان "ليس واقعيًّا؛ السياسيون يجب أن يكونوا جزءًا من الحكومة".