حل تونسي قبل فوات الأوان

07 مارس 2022
التعويل مستمر على دور الاتحاد التونسي للشغل (ياسين قائدي/الأناضول)
+ الخط -

يراوح الوضع السياسي التونسي في نفس المكان تقريباً، لا جديد يذكر ولا تبدل جوهريا في المشهد.

يندد المعارضون ويحتجون في ناحية، ويمضي الرئيس قيس سعيّد في برامجه غير مكترث، في الظاهر، في الناحية الأخرى.

وأمام هذا الجمود، يتساءل مراقبون: ماذا بعد؟ ينتظرون حلحلة الأزمة، وصول ذلك المكون الكيميائي الذي يقلب أي معادلة راكدة، ولكن ذلك لا يبدو قريباً في الظاهر.

فالاتحاد التونسي للشغل، الذي ينتظره الجميع، يلتزم الهدوء إلى حد الآن بعد مؤتمره الأخير. وبيان مكتبه التنفيذي الجديد لم يتعرض إلّا إلى مسائل اقتصادية، على أهميتها الكبرى.

ومع ذلك يبقى اتحاد الشغل الحامل الموضوعي والواقعي لآمال إنقاذ هذا الوضع المتردي، على طريقة تونسية تونسية.

في موازاة ذلك لم يعد خافياً على أحد تصاعد الانخراط الدولي في الأزمة التونسية، سياسياً واقتصادياً.

في هذه الأثناء، يحاول الرئيس سعيّد أن يحد من هذا العامل الخارجي حتى يستفرد بالداخل. يظهر أنه لا يكترث به حيناً ويهاجمه أحياناً، ويدفع بكل خصومه الذين يطرحون الملف التونسي على الصعيد الدولي إلى مربع التخوين والعمالة.

ومساء السبت، وهي عطلة للتونسيين يخصصونها للعائلة، دعا الرئيس سعيّد رئيسة حكومته، نجلاء بودن، على عجل، ليؤكد مرة أخرى على "الحرص الراسخ، على احترام القانون والحريات والحقوق، على خلاف ما يتم الترويج له في الخارج". وشدد سعيّد على أنه "لا مجال للتطاول على الدولة أو إرباك عملها".

ويقول حرفياً "فليستمع الغرب إلى وسائل الإعلام التونسي وليقرأ الصحف التونسية، ليقف على مدى الحرية التي يتمتّع بها الصحافيون في تونس".

لكن هذا الغرب يستمع بالفعل، ويرى أن عميد المحامين الأسبق عبد الرزاق الكيلاني في السجن بقرار من المحكمة العسكرية، ليس بسبب سرقة أو عنف، وإنما بسبب كلام قاله في نهاية الأمر.

والغرب يسمع للدكتور عبد الرحمن لدغم، وهو يقول عشية السبت نفسه، إن الوضع الصحي للقيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري خطير، وإنه فقد ما بين 25 و30 كيلوغراماً من وزنه، وهو عاجز عن الوقوف بمفرده أو حتى شرب كأس ماء، وفق تعبيره.

يعرف الغرب كل هذا وأكثر. وتزيد الدول الغربية من الضغط على الوضع في تونس، ولا يبدو أن الانشغال بالحرب في أوكرانيا يقلل منه، بل على العكس من ذلك.

تربط الكثير من الدول بوضوح بين الدعم الاقتصادي الحيوي لتونس وبين تقدم الملف السياسي.

في المقابل يسعى الرئيس وحكومته للفصل بينهما. يريد أن يربح كل شيء. ويراهن في الحقيقة على أن يخسر كل شيء. وهذا لا يستقيم سياسياً، وليس أمامه بالفعل، وأمام معارضيه أيضاً، إلا الرضوخ لحل تونسي قبل فوات الأوان.

المساهمون