حسن إيرلو... رحيل مفاجئ لرجل إيران الأول في اليمن

21 ديسمبر 2021
لم يكن السفير الإيراني لدى حكومة الحوثيين (تويتر)
+ الخط -

برز اسم السفير الإيراني لدى حكومة الحوثيين غير معترف بها دوليا حسن إيرلو كلاعب رئيسي في النزاع اليمني منذ وصوله الغامض إلى صنعاء قبل أكثر من عام وحتى رحيله المفاجئ والغامض صباح اليوم الثلاثاء.

وبعد 3 أيام من عملية إجلائه من صنعاء، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية عن وفاة سفيرها لدى جماعة الحوثيين متأثرا بإصابته بفيروس كورونا، في رواية رسمية اعتبرت الأوساط اليمنية المناهضة للانقلاب الحوثي أنها مجرد غطاء لعملية تصفية غامضة. 

ووفقا لرواية الخارجية الإيرانية، فقد أصيب إيرلو، الذي ولد في شهرري، جنوبي طهران، بفيروس كورونا في صنعاء، وعاد إلى بلاده في حالة صحية ميؤوس منها فشلت معها جميع مراحل العلاج، والسبب في ذلك يعود إلى "التعاون المتأخر" من بعض الدول، في إشارة للموافقة السعودية على عملية الإجلاء التي توسطت بها بغداد، وفقا لما أعلنه الحوثيون خلال اليومين الماضيين.

وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده حسن إيرلو بـ"الشهيد"، وقال إنه كان قد أصيب بهجوم كيميائي أثناء الحرب التي شنها نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين على إيران، في إقرار ضمني بخلفية الرجل العسكرية.

تقارير عربية
التحديثات الحية

رجل إيران الأبرز

وكان إيرلو رجل إيران الأبرز في الملف اليمني، وقبل وصوله الغامض إلى صنعاء في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، عمل مسؤولا لطاولة اليمن في وزارة الخارجية الإيرانية عقب اندلاع الحرب، كما عمل منسقا للمساعدات الإنسانية الإيرانية إلى اليمن بعد تدخل التحالف الذي تقوده السعودية. 

ولم يشكل نبأ وفاة إيرلو حدثا صادما بالنسبة لجماعة الحوثيين، التي كان إيرلو السفير الوحيد لدى حكومتها غير المعترف بها دوليا منذ تقديم أوراق اعتماده في 28 أكتوبر 2020، حيث اكتفى المتحدث الرسمي باسم الجماعة وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام بكتابة برقية عزاء مقتضبة على حسابه الرسمي في موقع "تويتر"، فيما وصفه نائب وزير خارجية الحوثيين حسين العزي بـ"الصديق الرائع".

شكوك حول التخلص من إيرلو

وتحوم شكوك حول قيام جناح في جماعة الحوثيين بالتخلص من رجل إيران في صنعاء، وخصوصا بعد تحركاته المشبوهة وتصريحاته المثيرة للجدل، والتي كان من أبرزها وصف المبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية بأنها "مشروع حرب"، في موقف أثار امتعاض قيادات ونشطاء داخل صفوف الجماعة. 

وقلل ناشطون موالون للحوثيين حينها من تلك التصريحات، وقال الصحافي الموالي للجماعة الحسن الجلال، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات إيرلو لم تكن أكثر من مجرد رأي، وهي ليست ملزمة لجماعته، وخصوصا إذا كان الرأي مخالفا لتوجهات القيادة السياسية في صنعاء.

ودائما ما نُسب التفوق العسكري للحوثيين خلال العام الماضي لرجل إيران حسن إيرلو، الذي كان يوصف بأنه يعمل بمثابة الحاكم العسكري لصنعاء نظرا لخلفيته في هذا المجال منذ كان ضابطا في الحرس الثوري الإيراني. 

وتزايدت هذه الشكوك عقب تقارير نشرتها وسائل إعلام دولية، الجمعة الماضي، تحدثت عن خلاف كامن بين السلطات الحوثية ورجل إيران في اليمن، حيث نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين غربيين وآخرين من الشرق الأوسط، قولهم إن جماعة الحوثيين كانت تريد مغادرة السفير على الفور، كونه بات "مشكلة سياسية تزيد الأعباء بالنظر إلى نفوذه الكبير والذي يعزز التصور بأن الحوثيين يستجيبون لإيران". 

وأيد مراقبون هذه النظرية، وقال الخبير العسكري اليمني علي الذهب، في تغريدة على "تويتر"، اليوم الثلاثاء، إن موت إيرلو "يفتح أسئلة أخرى عن الموت المفاجئ الذي تعرض له القيادي الحوثي البارز يحيى الشامي ونجله الذي كان يشغل منصب وزير النقل في حكومة الحوثيين غير المعترف بها زكريا الشامي". 

وتساءل الذهب عن السبب والثمن والطريقة التي تخلّص بها الحوثيون من إيرلو، لافتا إلى أن الدبلوماسي الإيراني كان في صنعاء وتحركاته بحماية مخابرات صنعاء، وليس في الرياض، في إشارة للتكهنات التي رجحت وجود يد للتحالف. 

وعقب وصول الدبلوماسي الإيراني إلى صنعاء، تحدثت تقارير دولية عن أنه كان أحد المقربين من قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، وقُتل اثنان من أشقائه خلال الحرب الإيرانية العراقية، كما كان مقربا من عبد الرضا شهلاي، الذي شارك في دعم وتدريب الحوثيين داخل اليمن. 

وبرزت بالفعل بصمات رجل إيران في المشهد العسكري اليمني بشكل لافت، حيث شهدت الفترة التي أعقبت وصوله إلى صنعاء تحولا نوعيا في الهجمات الحوثية، سواء باتجاه مأرب، أو داخل العمق السعودي. 

وخلافاً لاتهامات حكومية بوقوفه وراء الهجوم الدامي الذي طاول مطار عدن في 30 ديسمبر/كانون الأول 2020، لحظة وصول طائرة حكومة المحاصصة إليه، وأسفر عن مقتل 28 شخصاً، شهدت الهجمات الجوية والصاروخية الحوثية على الأراضي السعودية أيضاً تحولاً جذرياً بعد ظهور السفير الإيراني، ما يشير إلى أنه لم يكن المتسلل الوحيد إلى الأراضي اليمنية، بل جاء وبرفقته عدد من خبراء الصواريخ والطائرات المسيرة.

ووفقاً لمصادر عسكرية، فإنّ "التحول العسكري الحوثي بعد وصول إيرلو لم يقتصر على كثافة الهجمات، بل ظهر جيل جديد من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة والألغام البحرية، والتي يعتقد أن الخبراء الذين تسللوا مع السفير الإيراني هم من قاموا بصناعتها أو تركيبها".

واستدعى النشاط المشبوه للسفير الإيراني في صنعاء أن تتعامل معه الإدارة الأميركية كواحد من قيادات الصف الأول في جماعة الحوثيين، إذ تم إدراجه في القائمة السوداء للخزانة الأميركية في مطلع ديسمبر/كانون الأول 2020، باعتباره مسؤولاً في فيلق القدس.

لم يصدر أي تعليق فوري عن الحكومة اليمنية الشرعية إزاء الإعلان عن وفاة الدبلوماسي الإيراني

ولم يصدر أي تعليق فوري عن الحكومة اليمنية الشرعية إزاء الإعلان عن وفاة الدبلوماسي الإيراني، الذي حُكم عليه بالإعدام من محكمة عسكرية، وذلك بتهمة "الدخول متنكرا إلى أراضي الجمهورية اليمنية والتجسس، والاشتراك في الجرائم مع العدو الحوثي، وارتكاب جرائم عسكرية وجرائم حرب"، وفقاً لدعوى قدمتها النيابة العسكرية في مأرب.

ولا يُعرف ما إذا كانت وفاة إيرلو ستؤدي إلى انتكاسة عسكرية لجماعة الحوثيين التي تستميت في سبيل السيطرة على مدينة مأرب النفطية أم لا، لكن مصادر سياسية رجحت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن يؤدي غيابه عن المشهد اليمني إلى انفراجة في طريق الحل السياسي، كون الرجل كان يمثل الجناح الإيراني المتطرف الرافض لأي خريطة سلام مع السعودية.

المساهمون