يتوجه حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" لانتخاب زعيم جديد له من القاعدة الحزبية خلفاً لأرمين لاشيت، الذي أقر بالمسؤولية عن خسارة حزبه في الانتخابات البرلمانية الألمانية 2021، ما فوت عليه فرصة قيادة المستشارية خلفاً لميركل بعد أربع ولايات متتالية لها في المنصب.
وناقش مؤتمر لرؤساء المناطق بالحزب السبت الماضي عواقب الانتكاسة الانتخابية، وكان هناك شبه إجماع على أن تحدد قواعد الحزب الزعيم الجديد، وهو ما لم تتجاهله اللجنة التنفيذية للحزب في اجتماعها الذي عقد أمس الثلاثاء، ووافقت بالإجماع عليه.
ومن المتوقع أن تحفز المنافسة المفتوحة ثلاث شخصيات على الأقل للتنافس على زعامة الحزب العريق. وذكر تقرير لشبكة "ان تي في" الإخبارية أن عضو البرلمان "البوندستاغ" فريدريش ميرز الذي خسر أمام لاشيت في انتخابات زعامة الحزب عام 2021، وقبلها أمام الزعيمة السابقة انغريت كرامب كارنبور عام 2018، كان واضحاً في خطاب أخير له أن لديه خطة عمل لتحرير حزبه من سمات النزعة المحافظة.
ويحاول ميرز في الوقت الراهن تشكيل فريق تحت قيادته لتحقيق ذلك، يضم بالإضافة لبعض الوجوه النسوية رئيس الجناح الاقتصادي في الحزب كارستن لينيمان، وزعيم الكتلة البرلمانية في البوندستاغ رالف برينكهاوس.
ويبرز كذلك اسم خبير الشؤون الخارجية نوربرت روتغن المعارض لميرز، الذي ينظر إليه بأنه "مقاتل وحيد يفتقر إلى الدعم"، ويعد الأخير دائماً بجعل الحزب يتماشى مع روح العصر وتبني اختيارات وسطية، وفق تقارير إعلامية. كما أن وزير الصحة الحالي ينس شبان من بين المرشحين لقيادة الحزب. وذكرت صحيفة "زود دويتشه" أن ميرز يتقدم في استطلاعات الرأي بنسبة 36%، فيما روتغن 25%، أما شبان فلم يحقق سوى 14% .
ويعود اتخاذ الحزب لقرار انتخاب قيادة جديدة بعد استياء قواعده وشعور العديد من أعضائه أنه قد تم تجاوزهم عندما تم انتخاب لاشيت زعيما للحزب، بل وأكثر من ذلك حينما تم اختياره مرشحاً لمنصب المستشار.
وفي هذا الإطار، اعتبر روتغن في حديث مع "زود دويشته" أخيراً أن الانتخابات الألمانية 2021 كانت "نقطة تحول"، وأن الأمر يتعلق الآن ببداية جديدة للحزب، بعد مطالبة جزء كبير من أعضائه أن يعودوا جزءاً نشطاً في هذه البداية الجديدة، مشدداً على أن "هذا أمر إيجابي لا ينبغي أن ترفضه القيادة".
في الأثناء، قالت شبكة "ايه ار دي" الإخبارية إن على "الاتحاد المسيحي الديمقراطي ترتيب بيته الداخلي وتحليل الأخطاء، لأنه سيجد نفسه قريباً في المعارضة".
وجاء في تقرير الشبكة الإخبارية "هناك قناعة أن على الحزب التجديد وتقديم جيل الشباب، لا سيما أن الحزب التقليدي يرى نفسه حزباً حاكماً وسط مخاوف من أن يكون الانزلاق نحو المعارضة دائماً"، مضيفاً أن "المطلوب أن يكون الحزب العريق مرة أخرى جذاباً للناخبين الشباب، وأن تكون الكلمة السحرية في الاتحاد المسيحي "العمل المعارض البناء"، أي الانتقاد عند ارتكاب الحكومة المستقبلية الأخطاء، وعدم إدانة كل شيء منذ البداية".
وكان "الاشتراكي الديمقراطي" قد فاز في الانتخابات البرلمانيّة الألمانية، التي جرت في 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، بحصوله على 25.7% من الأصوات، متقدّماً بفارق ضئيل على المحافظين. وحصل المعسكر المحافظ على 24.1% من الأصوات، وهي النتيجة الأسوأ في تاريخه، بينما حلّ حزب "الخضر" ثالثاً مع 14.8%، يليه "الديمقراطي الحر" بنسبة 11.5%.
ويخوض "الاشتراكي الديمقراطي" مفاوضات في الوقت الراهن مع "الخضر" والديمقراطي الحر" لتشكيل ائتلاف "إشارات المرور" نسبة لألوان الأحزاب الثلاثة؛ الأحمر والأخضر والأصفر.
إلى ذلك، أبرزت "ايه ار دي"، نقلاً عن نائب كتلة "الاتحاد المسيحي" في البوندستاغ تورستن فراي، أنه لا يمكن رفض مقترحات البرلمان لمجرد أنها تأتي من الحكومة، محذراً زملاءه أن هذا الطريق أكثر صعوبة، وقائلاً إنه "في النهاية سيظهر من لديه الأفكار الأفضل"، علماً أن طلبات المعارضة عادة ما يتم رفضها من قبل الأغلبية الحكومية.
ولفتت الشبكة الإخبارية إلى أن "الاتحاد المسيحي محكوم عليه بجذب الانتباه مجدداً"، مرجحة ألا تكون مهمته سهلة بين حزبين معارضين هما اليمين المتطرف "البديل من أجل ألمانيا وحزب "اليسار".
وسيضطر حزب ميركل إلى التميز بالأسلوب وكشف تناقضات ائتلاف "إشارات المرور"، بينها مقارنة البيانات الانتخابية لأحزاب الائتلاف المستقبلي وما قد تحققه، والعودة للتركيز أيضاً على القضايا الاجتماعية والإسكان وتكلفة النقل العام وارتفاع أسعار الوقود، وغيرها. وشدد تقرير الشبكة على أن كل ذلك "من منطلق أن المعارضة مهمة ومسؤولة في الديمقراطيات، والأمر مرتبط بإدراك أخطاء الحكومة وتسميتها وإظهار البدائل".
وستكون هناك ثلاث مراحل، تبدأ مع مرحلة ترشح القادة المحتملين اعتباراً من يوم 6 نوفمبر/ تشرين الثاني والتي ستستمر حتى 17 منه. أما المرحلة الثانية فهي تمهيدية وتمتد من 18 نوفمبر/ تشرين الثاني حتى 2 ديسمبر/ كانون الأول، وستتاح فيها للمرشحين فرصة تقديم أنفسهم وخططهم أمام قواعد الحزب، وأخيراً مرحلة التصويت اعتباراً من 3 ديسمبر/ كانون الأول، على أن تعلن النتيجة يوم 17 ديسمبر.
ويومي 21 و22 يناير 2022 سيؤكد المؤتمر الحزبي الذي سيعقد في مدينة هانوفر على النتيجة، وهو ما شدد عليه لاشيت بأن تكون العملية قانونية ومنظمة، والأهم دخول مرحلة التصويت بأقل عدد ممكن من الترشيحات لتجنب الانقسامات داخل الحزب.