حراك عراقي جديد لاستكمال قانون المحكمة الاتحادية وسط خلافات حادة بشأن "فقهاء الشريعة"

06 مارس 2021
تدفع أحزاب وكتل دينية إلى تمرير فقرة إضافة فقهاء الشرعية في قانون المحكمة الاتحادية(تويتر)
+ الخط -

عقدت رئاسة البرلمان العراقي، اليوم السبت، اجتماعاً جديداً هو الثاني من نوعه منذ مساء أمس الأول الخميس، مع رؤساء الكتل البرلمانية، واللجنة القانونية في مجلس النواب، بهدف استكمال قانون المحكمة الاتحادية الذي جرى تمرير عدد من بنوده نهاية الأسبوع الماضي وتأجيل أخرى بسبب خلافات حادة بين الكتل البرلمانية بشأن إضافة ما يعرف بفقهاء الشرعية كأعضاء في المحكمة التي تعد أعلى سلطة في البلاد

وقالت الدائرة الإعلامية للبرلمان في بيان إن الاجتماع ناقش سبل التصويت على 6 مواد متبقية من القانون، موضحة أن المواد التي لم يجر التصويت عليها هي الثانية والثالثة والثامنة والعاشرة، والثانية عشرة، والحادية والعشرون، دون أن يشير البيان إلى تحقيق تقدم في الاجتماع من عدمه.

وصوّت البرلمان العراقي، أول من أمس الخميس، على أغلب مواد قانون المحكمة الاتحادية الذي يعد آخر العقبات التي تقف بوجه إجراء الانتخابات المبكرة، المقرر أن تجرى بعد سبعة أشهر، وأجل التصويت على 6 مواد خلافية.

ومن أبرز المواد التي تم تأجيلها هي الثامنة المتعلقة بإضافة "فقهاء الشرعية الإسلامية"، من المذهبين السني والشيعي في المحكمة الاتحادية، وتتحفظ قوى برلمانية على الإضافة وتعتبر أنها تناقض الدستور الذي نص على مدنية الدولة والفصل بين السلطات وأهمية محافظة القضاء على كيانه المستقل، فضلاً عن كونها ترسيخاً جديداً للمحاصصة الطائفية في البلاد.

وتعدّ المحكمة الاتحادية في العراق أعلى سلطة قضائية في البلاد، وبحسب الدستور النافذ في البلاد تتولّى الفصل في النزاعات في القضايا الاتحادية، وتسلّم الاعتراضات والطعون في القرارات الصادرة من الرئاسات الثلاث (رئاسات البرلمان والجمهورية والحكومة)، فضلا عن المصادقة على نتائج الانتخابات التشريعية، وتسبب وفاة اثنين من أعضاء المحكمة وإحالة آخر إلى التقاعد، باختلال نصابها الدستوري منذ منتصف العام الماضي، ما يجعل إجراء الانتخابات غير ممكن إلا بعد عودة المحكمة لعملها مجددا، لكن القوى البرلمانية النافذة قدمت مشروع قانون جديد لتعديل قانون المحكمة الاتحادية تضمن إضافة فقهاء شريعة إسلامية وتوسيع صلاحيتها.

 

مخالفة للدستور

وتدفع أحزاب وكتل دينية إلى تمرير فقرة إضافة فقهاء الشرعية في قانون المحكمة الاتحادية، وهو ما يحذر منه سياسيون ومراقبون في كونها بمثابة تأسيس لطابع ديني داخل القضاء العراقي في بلد متعدد الديانات والطوائف.

واعتبر الخبير بالشأن العراقي باسل حسين إضافة فقرة فقهاء الشرعية مخالفة للدستور العراقي.

وأوضح في تغريدة على موقع "تويتر"، قائلا "هل تعلم أن المسودة الحالية للمحكمة الاتحادية هي شوفينية عنصرية إقصائية تتعارض مع نص المادة 14 من الدستور التي تنص (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس، أو العرق، أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي).

 

وتضغط قوى تحالف "الفتح"، و"دولة القانون"، بزعامة هادي العامري، ونوري المالكي وهي من الكتل النافذة في البرلمان باتجاه إضافة مادة فقهاء الشريعة في قانون المحكمة ليكون هناك أعضاء داخل المحكمة يحق لهم التصويت والنقض والتدخل بالقرارات وفقا لنصوص شرعية وليس وفقا للقانون والدستور العراقي، وبواقع ثلاثة فقهاء يضافون إلى أعضاء المحكمة البالغ عددهم 8 أعضاء.

ورفض عضو البرلمان العراقي، كاظم الشمري، ما وصفه بـ"محاولات إقحام أطراف وقوى سياسية وحزبية بنودا إضافية في قانون المحكمة الاتحادية، موضحا لـ "العربي الجديد" أن ذلك "لا يصب في مصلحة البلاد".

ووفقا للشمري فإن البرلمان سيستأنف التصويت على ما تبقى من مواد خلافية يوم الاثنين المقبل وهناك إمكانية للعودة إلى قانون المحكمة السابق وتعديله بغية عودة إعادة تفعيل المحكمة الاتحادية مجددا، في حال فشل تمرير القانون الحالي.

ولفت إلى أن قانون المحكمة الاتحادية "لا يمكن أن يكون نافذا إلا بعد التصويت عليه كاملا ونشره في الجريدة الرسمية".

وتابع أن "قانون المحكمة الاتحادية مهم جدا، ومن القوانين المعنية بالإشراف على المؤسسات وتفعيل الدستور وحل الخلافات بين مؤسسات الدولة، والاستعجال في تشريعه ستكون له نتائج وخيمة، ولا بد من الخروج بقانون رصين قادر على ترصين دولة المؤسسات".

 

عرقلة الانتخابات

بدوره، اعتبر عضو القيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" ماجد شنكالي أن الشروع في التصويت على قانون المحكمة الاتحادية دون الاتفاق على أهم المواد الخلافية المتعلقة بالفقهاء الإسلاميين سيعرقل تمرير القانون في البرلمان حتى وإن عقدت جلسات كثيرة، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أن كتلاً سياسية ومتنفذين طرحوا هذا القانون الخلافي بهدف تأجيل الانتخابات المبكرة المقرر أن تجرى في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

شنكالي: كتل سياسية ومتنفذون طرحوا هذا القانون الخلافي بهدف تأجيل الانتخابات المبكرة

 

وأشار إلى أن هذا الإرباك حدث بسبب وجود قوى سياسية لا تريد إجراء الانتخابات، مضيفاً "كان الأجدر بها الاتفاق على تعديل قانون المحكمة الاتحادية السابق".

ولفت إلى وجود خلافات كبيرة، ولن يتم تمرير القانون قريبا، موضحا أن الحل لإكمال المحكمة الاتحادية يكمن في العودة لقانونها السابق وتعديله.

وفي وقت سابق قال عضو تحالف "عراقيون"، بزعامة عمار الحكيم النائب علي البديري، لـ "العربي الجديد"، إن قانون المحكمة الاتحادية "يمثل العقبة الرئيسية الآن بوجه إجراء الانتخابات المبكرة"، مبينا أن تسارع الأحداث لحل الخلافات بشأنه يمثل دليلاً قوياً على وجود نية لإجراء الانتخابات، لأن أغلب الجهات اقتنعت بأن الحل الأمثل للوضع الحالي يكمن في إجراء انتخابات مبكرة".

وأوضح أن "تعديل قانون المحكمة الاتحادية السابق أسهل من سن قانون جديد، لأن التصويت على قانون جديد قد يحتاج إلى صفقة لتمريره، بسبب وجود صعوبة في إقراره"، مؤكدا أن بعض القوى السياسية تريد أن تحصل على حق ترشيح أعضاء المحكمة الاتحادية، بينما تريد أطراف أخرى زجّ مرشحين غير متخصصين بالقانون في المحكمة بعيدا عن الضوابط التي تنطبق على القضاة.

المساهمون