حراك السويداء الذي يزداد زخماً

25 فبراير 2024
من تظاهرات السويداء، سبتمبر الماضي (سام حريري/فرانس برس)
+ الخط -

تخطى حراك السويداء الستة أشهر من دون أن يتراجع عن مطالبه، ومن دون أن ينزلق إلى المطبّات التي حاول النظام السوري جرّه إليها، من زرع الفتن بين مكونات المجتمع، وجرّ الفصائل إلى استخدام السلاح، وغيرها من المطبّات التي تجاوزها ذلك الحراك المستمر بزخم متصاعد يوماً بعد يوم. ويستمر الحراك على الرغم من تجاهل كل القوى الإقليمية والدولية صيحات المتظاهرين التي تنادي بالحرية، وإسقاط نظام الاستبداد الذي يتحكم في سورية، وعلى الرغم من انشغال معظم وسائل الإعلام العربية والمحلية عن تغطية هذا الحراك وتطوراته لصالح تغطية أحداث محلية وإقليمية أخرى.

ومنذ بداية الحراك الذي عززه دعم المشايخ الروحيين لطائفة الموحدين الدروز (كون معظم سكان محافظة السويداء من الموحدين الدروز)، التزم المتظاهرون مبدأ السلمية في التظاهر وحافظوا عليه، كما حافظوا على مؤسسات الدولة الخدمية ومنعوا أي اعتداء عليها. كما شكّلوا لجاناً رقابية على عمل تلك المؤسسات، بهدف الحصول على استفادة قصوى من عمل تلك المؤسسات لصالح المواطنين، الأمر الذي ساهم في امتداد التظاهرات إلى كل أرجاء محافظة السويداء، وعدم اقتصارها على ساحة الكرامة، التي انطلقت منها الاحتجاجات.

وما أربك النظام في التعامل مع احتجاجات السويداء أن مكوّنها السكاني هو من الأقليات التي يدّعي النظام حمايتها، وبالتالي لم يستطع أن يتهم المحتجين بأنهم سلفيون متشددون، فعمد إلى مبدأ التجاهل في بداية الحراك، علّه يتراجع مع الوقت، وأن يملّ المتظاهرون من عدم تحقيق أي جدوى من التظاهر، وفي الوقت نفسه كان النظام ينتظر أن يتلقى حراك السويداء أي دعم خارجي لينقضّ عليه بتهمة التعامل مع الخارج، وهو ما لم يحصل.

في المقابل، زاد من صعوبة تحقيق احتجاجات السويداء أهدافها، عدد من العوامل الداخلية والخارجية، لعل أبرزها عدم خروج تظاهرات في محافظات أخرى من مناطق سيطرة النظام لدعم حراك السويداء وتخفيف الضغط عنه وتشكيل ضغط أكبر على النظام. كما تزامن حراك السويداء مع تحرك عربي وإقليمي لتطبيع العلاقات مع النظام، سواء التحرك الذي تقوده السعودية والأردن، أو مسار التطبيع التركي الذي يسير بخطى بطيئة بوساطة روسية، الأمر الذي غيّب تفاعل معظم الدول التي دعمت الثورة السورية مع هذا الحراك، ليأتي العدوان الإسرائيلي على غزة ويصرف انتباه الإعلام عن أي حدث سواه.

لكن، على الرغم من كلّ الظروف التي جاءت بعكس مصلحة الحراك، فإنّ محافظته على زخمه تعبّر عن المطالب المحقة للمتظاهرين، وعن وصولهم إلى نقطة اللاعودة عن تلك المطالب التي يجب أن تستثمرها المعارضة السورية في تقوية موقفها في طريق الحل السياسي الذي لا يزال مسدوداً إلى الآن.