جولة إعادة الانتخابات التشريعية التونسية الأحد: هل تتغير نسبة المشاركة كما يراهن سعيّد؟
تجرى، يوم الأحد المقبل، جولة الإعادة للانتخابات التشريعية التونسية، بهدف اختيار أعضاء البرلمان الجديد، مع مراهنة السلطة على رفع نسب الإقبال والمشاركة وسط تزايد دعوات المقاطعة.
ويتنافس 262 مترشحاً فقط على 131 مقعداً، ممن عبروا الدور الانتخابي الأول في 17 ديسمبر/ كانون الأول، ولم يحصلوا على 50% زائداً واحداً من الأصوات، وسط عزوف غير مسبوق عن التصويت، فيما بلغت نسب المشاركة العامة 11.2%، وصفها المراقبون بأضعف نسبة إقبال عرفتها تونس على الإطلاق.
واستوفت 23 دائرة الانتخابات منذ الدور الأول، فيما تدور المنافسة في 131 دائرة، بينما تبقى 7 دوائر بالخارج بلا انتخابات بسبب عدم ترشح أي شخص فيها.
وتقام الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية في 4222 مركز اقتراع تضم 10012 مكتب اقتراع، فيما أعلنت هيئة الانتخابات التونسية أنّ عدد المسجلين المعنيين في جولة الإعادة في الدوائر 131، يبلغ 7853447 ناخباً، من بينهم 5827949 مسجلاً إرادياً، و2025498 اختيارياً، بعدم احتساب الدوائر التي لن تجري فيها انتخابات (يبلغ العدد الجملي للناخبين أكثر من 9.2 ملايين ناخب).
وتعد هذه الجولة آخر حلقة في المسار الانتخابي لتشكيل برلمان جديد على مقاس الرئيس التونسي قيس سعيّد، في سياق جملة الإجراءات التي أطلقها منذ العام 2021 بعد حلّه البرلمان المنتخب في 2019 وإلغائه دستور 2014 في مقابل تمرير دستور جديد في استفتاء 25 يوليو/ تموز 2022.
وشهدت السلطة في تونس انتقادات من المعارضين والمجتمع المدني بسبب تدني نسب المشاركة وضعف الإقبال، في مقابل ذلك قلّل الرئيس التونسي من أهمية المقاطعة الكبيرة للدور الأول.
وبلغت نسبة المشاركة في الدور الأول للانتخابات التونسية 11.22% وهي النسبة الأدنى منذ ثورة 2011، واعتبرت أحزاب تونسية أنها تعكس رفضاً شعبياً لسياسات سعيّد، ودعت إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
لكن سعيّد قال إنّ الانتخابات و"لئن شابتها بعض التجاوزات، إلا أنّ مشاركة 9 أو 12% من المقترعين أفضل من نسبة مشاركة بـ99% كما كان يحدث في السابق، وكانت تتهاطل برقيات التهاني من الخارج وتعلم تلك العواصم أنّ الانتخابات مزورة".
وعلّق سعيد على انتقادات معارضيه حول الضعف غير المسبوق من نسبة المشاركة، مدعياً أنّ "التركيز على نسبة المشاركة في الدور الأول فقط شبيه بالإعلان عن نتيجة مقابلة رياضية في شوطها الأول"، داعياً إلى انتظار الدور الثاني لتبيّن حقيقة نسبة المشاركة.
ورجح نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ماهر الجديدي تسجيل نسبة مشاركة في الدور الثاني للانتخابات التشريعية التونسية بين 20 و30%.
وأوضح الجديدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذه التوقعات جاءت باعتبار المجهودات التي قامت بها الهيئة، والحملة التحسيسية مع الأطراف المتداخلة مع الهيئة في هذه الحملة"، مضيفاً "هذه المجهودات تجعلنا نطمح لنسب أفضل من هذه التوقعات".
وبيّن أنه "تم تخصيص لافتات إشهارية كبرى وكذلك الخطة الإعلامية المتعلقة بحق نفاذ المترشحين إلى وسائل الإعلام العمومية والخاصة، وكذلك البرامج الحوارية"، لافتاً إلى أنه "تم إعداد ومضات إشهارية موجهة خاصة بفئات عمرية وقطاعات محددة في مقاطع فيديو وكذلك باستهداف فئة الشباب".
وعدّد الجديدي العوامل التي أدت إلى ضعف نسب الإقبال في الدور الأول، ومنها النظام الانتخابي، معتبراً أنّ "تجربة الاقتراع على الأفراد كانت الأولى بعد تغيير نظام الاقتراع، ويمكن أنها أثرت على نسب المشاركة باعتبار اختلاف نظام القائمات بمشاركة الأحزاب عن نظام الاقتراع على الأفراد، حيث يعد دور الأحزاب مهماً جداً في إضفاء حركية الانتخابية".
ولخص الجديدي "هناك العديد من العوامل الموضوعية والظرفية التي ساهمت في تواضع نسب الإقبال"، مقرّاً بأنّ "مقاطعة الأحزاب أثّرت في العملية الانتخابية وهذه الأحزاب لديها منخرطون منضبطون لدعوات المقاطعة الحزبية"، واعتبر أنها "أثرت ولكن تأثيرها ليس حاسماً وكبيراً في نسب الإقبال".
من جهته، رجح مدير مرصد "شاهد" لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية الناصر الهرابي أن "تكون نسب المشاركة في الدور الانتخابي الثاني ضعيفة، وربما أقل من الدور الانتخابي الأول لعدة أسباب، من بينها النظام الانتخابي الذي تمت صياغته بطريقة أحادية دون تشريك أي طرف، والذي يقوم على الاقتراع على الأفراد".
وأضاف الهرابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الأسباب نفسها التي قادت إلى نتائج الدور الأول هي نفسها التي ستقود إلى نتائج الدور الثاني باعتماد المنظومة الانتخابية نفسها، وفي سياق تزايد الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية، وفي ظل مقاطعة غالبية الأحزاب الرافضة للمسار غير التشاركي".
وأشار الهرابي إلى أنّ "عزوف الناخبين في الدور الأول يعود إلى العديد من العوامل التي ما زالت متوفرة رغم مساعي الهيئة لتحسين الإقبال"، مسجلاً "غياب الرقابة من قبل أعوان الهيئة في عدة محافظات ودوائر انتخابية".
إلى ذلك، دعت مبادرة "لينتصر الشعب" الداعمة لسعيّد، جميع التونسيين إلى التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد 29 يناير/ كانون الثاني الجاري للإدلاء بأصواتهم خلال الدور الثاني.
ونقلت إذاعة "موزاييك" الخاصة عن عضو المبادرة زهير حمدي قوله "لينتصر الشعب ندعو إلى ضرورة الانتباه من مخاطر تسلل لوبيات شراء النواب وصناعة الكتل"، وفق قوله، داعياً وسائل الإعلام والإعلاميين إلى "كشف مثل هذه الاختراقات مستقبلاً".