جهود جزائرية لتثبيت اتفاق السلام في مالي بعد التوترات الأخيرة

26 ابريل 2023
وزير الخارجية الجزائري خلال محادثات مع نظيره المالي (Getty)
+ الخط -

أوفد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، وزير الخارجية أحمد عطاف إلى العاصمة المالية باماكو، للقاء رئيس السلطة الانتقالية العقيد أسيمي غويتا وعدد من المسؤولين الماليين، لتثبيت وتنفيذ اتفاق السلام الموقع في مايو/أيار 2015 في الجزائر بين الحكومة المركزية في باماكو وحركات الأزواد التي تمثل السكان الطوارق في شمال مالي، قرب الحدود الجزائرية.

وأجرى الوزير عطاف محادثات ثنائية مع نظيره المالي عبد الله ديوب، ووزير الدفاع الوطني وقدماء المحاربين ساديو كمارا، ووزير المصالحة الوطنية المكلف باتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر إسماعيل واغي، حول "سبل تعزيز علاقات التعاون لتجاوز العقبات التي تعترض حاليا جهود استكمال مسار السلم والمصالحة في مالي".

وقال عطاف، في تصريح صحافي، إن "الجزائر تجدد دعمها الدائم المتواصل لجمهورية مالي في سبيل تحقيق أولويات المرحلة الانتقالية، وتجسيد الاستحقاقات الوطنية التي من شأنها أن تفضي إلى عودة البلاد إلى الوضع الدستوري في الآجال التي حددتها مالي الشقيقة بصفة سيادية"، منوها بجهودها الرامية "لمواجهة التحديات الأمنية التي تفرضها التهديدات الإرهابية".

وأكد عطاف: "من منطلق حرص الجزائر على أمن واستقرار جمهورية مالي الشقيقة، وبحكم توليها قيادة الوساطة الدولية ورئاسة لجنة متابعة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي، فإن الجزائر على استعداد لتكثيف مساعيها الرامية لاستعادة وتعزيز الثقة بين الأطراف المالية الموقعة على الاتفاق، ومرافقتها نحو بلورة التوافقات الضرورية للمضي قدما في تجسيد مضامين الاتفاق على أرض الواقع بما يحفظ وحدة البلاد وشعبها.

ويأتي ذلك تزامنا مع تنفيذ سلسلة مشاريع تنموية وخدمية مساعدة للسكان المحليين في مناطق كيدال وشمال مالي القريبة من الحدود الجزائرية، تتكفل بها الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، ضمن مشروع مساعدات قررها الرئيس عبد المجيد تبون لصالح مالي وعدد من الدول الأفريقية، بقيمة إجمالية بلغت مليار دولار أميركي.

أخبار
التحديثات الحية

وجرى الاتفاق على تنشط آليات تنفيذ اتفاق الجزائر للسلام، ومنع أي انزلاق يعيد المنطقة إلى مرحلة التوترات المسلحة، خاصة في الفترة الأخيرة التي كانت شهدت بعض التوترات بين الجيش المالي والحركات المسلحة للأزواد التي تتهم الحكومة المالية بعدم الالتزام بتنفيذ بنود اتفاق الجزائر، إذ كانت تنسيقية الحركات الأزوادية (سيما) قد دانت، في الخامس من إبريل/نيسان الجاري، تحرك طائرات حربية محسوبة على الجيش المالي فوق مواقعها في مدن مختلفة في الشمال، واعتبرت أن ذلك "يعد انتهاكًا واضحًا لوقف إطلاق النار الموقع في 23 مايو/أيار 2014، واستفزازًا خطيرًا تحت أنظار المجتمع الدولي الذي يضمن الترتيبات الأمنية واتفاقية السلام، وتتحمل السلطات المالية جميع المسؤوليات والعواقب المترتبة على مثل هذه الأعمال".

لكن الجيش المالي رد سريعا على هذه المخاوف، إذ نفى مدير هيئة الإعلام والعلاقات العامة بالجيش المالي سليمان ديمبيلي أن تكون للجيش أية نوايا لمحاولة إعادة السيطرة على كيدال، وقال: "لن يتم اتخاذ أي إجراء ضار ضد كيدال، والجيش ملتزم باتفاق السلام والمصالحة الناتج عن عملية الجزائر".

وثمّن وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب ما وصفها بـ"الجهود الحثيثة التي تبذلها الجزائر لمساندة جمهورية مالي على مختلف الأصعدة، لا سيما في هذه المرحلة المصيرية"، في إشارة أيضا إلى مشاريع تعاون ثنائي تخص الاتصالات والألياف البصرية والمحروقات والتعليم العالي، ورفع عدد الرحلات الجوية نحو باماكو.

وعلى الصعيد الأمني، وفي ضوء الترابط بين مسائل التنمية وتحقيق الاستقرار الأمني، أكد المسؤول المالي بشكل خاص على أهمية زيادة تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، والجريمة العابرة للحدود، ودعم الجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة مالي لتأمين الأراضي الوطنية من خلال تعزيز القدرات العملياتية لقوات الدفاع والأمن في مالي.

وناقش وزير الخارجية الجزائري، الذي كان مرفوقا بقائد جهاز الاستخبارات الخارجية اللواء جبار مهنا، مع رئيس المجلس الانتقالي المالي، العقيد مالك دياو، "آليات تسيير المرحلة الانتقالية في مالي، وآليات تطوير عمل لجنة الأركان العملياتية المشتركة (تضم الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا)، لمواجهة التهديدات التي يشكلها انتشار آفتي الإرهاب والجريمة الدولية المنظمة في المنطقة".

ويقصد بلجنة العمليات المشتركة، هيئة تعاون عسكري وأمني في مجال مكافحة الإرهاب، تمت المصادقة على خطتها للتعاون، خلال اجتماع قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة، وقائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية الفريق المختار بله شعبان، ورئيس أركان الجيوش المالية اللواء عومار ديارا، ورئيس الأركان العامة للجيوش النيجرية اللواء ساليفو مودي، والذي عقد في الجزائر في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ويوجد مقر اللجنة في مدينة تمنراست جنوبي الجزائر، وتستهدف تنشيط وتقديم مساهمة فعلية في مكافحة الإرهاب والجريمة الـمنظمة، وتنشيط هيئة التنسيق الاستخباراتي عبر تشكيل خلية استعلامات مشتركة تتكفل بمهمة جمع المعلومات والمعطيات الاستخباراتية حول تحركات التنظيمات الارهابية في الساحل، وتنشيط هيئة الأركان، بهدف اجتثاث ظاهرة الإرهاب نهائيا من المنطقة.