الجمعية العامة للأمم المتحدة توصي مجلس الأمن بإعادة النظر في عضوية فلسطين "بشكل إيجابي"

10 مايو 2024
اجتماع الجمعية العامة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، 15 سبتمبر 2022 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارًا يؤكد أهلية فلسطين للعضوية ويطالب مجلس الأمن بإعادة النظر في طلبها، مع تأييد 143 دولة ومعارضة 9 دول بما فيها الولايات المتحدة وإسرائيل.
- القرار يعزز من حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ويدعم حل الدولتين، مانحًا فلسطين حقوقًا وامتيازات إضافية دون منحها عضوية كاملة.
- ردود فعل متباينة على القرار، حيث رحبت السلطة الفلسطينية وحماس به، بينما قام سفير إسرائيل بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة كرد فعل، معبرًا عن التوترات المستمرة حول قضية فلسطين.

حصل القرار على تأييد 143 دولة ومعارضة تسع أبرزها أميركا

القرار لا يمنح فلسطين عضوية كاملة ويبقيها دولة مراقبة

غالبية دول العالم تؤيد منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة

تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يؤكد أن فلسطين مؤهلة لعضويتها، وينبغي بالتالي قبولها عضواً في الأمم المتحدة، كما يطلب القرار من مجلس الأمن الدولي إعادة النظر في طلب عضوية فلسطين الكاملة ويوصيه بأن يعيد النظر "بشكل إيجابي". وحصل القرار على تأييد 143 دولة ومعارضة تسع، أبرزها الولايات المتحدة وإسرائيل، وامتناع 25 دولة عن التصويت. وعلى عكس مجلس الأمن، فإن كل دولة عضو في الأمم المتحدة، أي 193 دولة كاملة العضوية، يحق لها التصويت، ولا تملك أي منها حق النقض (فيتو) كما هو الحال في مجلس الأمن.

يُشار إلى أن القرار لا يمنح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، ويبقي على وضعها الحالي دولة مراقبة، لكنه يمنحها ميزات إضافية، في أغلبها إجرائية، وبعضها رمزي. ولا يمنح القرار فلسطين حق التصويت في الجمعية العامة أو الترشح لعضوية مجلس الأمن أو المجلس الاجتماعي والاقتصادي، لأن تلك الحقوق متروكة للدول كاملة العضوية، لكنه يشكل ضغطاً على الولايات المتحدة التي تعارض حصول فلسطين على عضوية كاملة بحجة أن ذلك يجب أن يترك للمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.

ويظهر تبني القرار بتأييد 143 دولة أن غالبية دول العالم تؤيد منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وأن من يقف في وجه ذلك هو الفيتو الأميركي في مجلس الأمن، حيث تحتاج أي دولة ترغب في الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة إلى موافقة مجلس الأمن الدولي. ويظهر القرار أن الولايات المتحدة منعزلة دولياً في موقفها تجاه فلسطين. ويشار في هذا السياق إلى أنه لا يوجد أي تحديد لعدد المرات التي يمكن أن تعود فيها الدولة بتقديم الطلب وعرضه على مجلس الأمن مجدداً.

أهم ما جاء في نص قرار عضوية فلسطين الذي تبنته الجمعية العامة

وفي قرارها، أكدت الجمعية العامة على "اقتناعها بأن دولة فلسطين مؤهلة تماماً لعضوية الأمم المتحدة وفقاً للمادة الرابعة من الميثاق (الأمم المتحدة)، وإذ تلاحظ الجمعية تأكيدات التأييد واسعة النطاق من جانب أعضاء الأمم المتحدة لقبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، تعرب عن بالغ أسفها وقلقها لأن تصويتاً سلبياً واحداً لأحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، في 18 من إبريل/ نيسان من عام 2024، حال دون اعتماد مشروع القرار الذي أيده 12 عضواً في المجلس، والذي يوصي بقبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة". كما يؤكد "من جديد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بما في ذلك الحق في إقامة دولة فلسطين المستقلة".

وينص القرار كذلك على أن الجمعية العامة تقرر أن "دولة فلسطين مؤهلة لعضوية الأمم المتحدة وفقاً للمادة الرابعة من الميثاق، ومن ثم ينبغي قبولها في عضوية الأمم المتحدة، وبناءً على ذلك، يوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في هذه المسألة بشكل إيجابي، في ضوء هذا القرار، وفي ضوء فتوى محكمة العدل الدولية الصادرة في 28 مايو/ أيار 1948، وبما يتفق تماماً مع المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة".

ويدعو القرار "المجتمع الدولي إلى بذل جهود متجددة ومنسقة تهدف إلى التوصل من دون تأخير إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في العام 1967، وإلى تسوية عادلة ودائمة وسلمية لقضية فلسطين والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وفقاً للقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2334 (2016)، ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية". ويشير القرار إلى التأكيد على "دعمه الثابت لحل الدولتين، والعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن ضمن حدود معترف بها، على أساس حدود ما قبل عام 1967".

وفي ما يخص الحقوق والامتيازات الإضافية التي ستحصل عليها فلسطين في الأمم المتحدة من خلال هذا القرار، والتي سيتم تفعيلها اعتباراً من الدورة الـ79 للجمعية العامة، سيكون لدولة فلسطين "حق التسجيل في قائمة المتكلمين بشأن بنود جدول الأعمال، غير القضايا الفلسطينية وقضايا الشرق الأوسط، حسب ترتيب إبدائها رغبتها في تناول الكلمة، والحق في الإدلاء ببيانات نيابة عن مجموعة، بما في ذلك إلى جانب ممثلي المجموعات الرئيسية، والحق في تقديم مقترحات وتعديلات، بما فيها باسم مجموعة ما، وكذا الحق في تقديم تعليلات للتصويت باسم الدول الأعضاء في مجموعة، بالإضافة إلى حق الرد في ما يتعلق بمواقف مجموعة ما، والحق في تقديم التماسات إجرائية، بما في ذلك نقاط نظام وطلبات لطرح مقترحات للتصويت، بما في ذلك الحق في الطعن في قرار رئيس الجلسة، بما يشمل القيام بذلك باسم مجموعة ما". 

ويضاف إلى الحقوق السابقة "الحق في أن ينتخب أعضاء وفد دولة فلسطين لعضوية مكتب الجمعية العامة ومكاتب اللجان الرئيسية التابعة لها". ويؤكد القرار أنه يحق لفلسطين "المشاركة الكاملة والفعالة في مؤتمرات الأمم المتحدة والاجتماعات الدولية التي تعقد تحت رعاية الجمعية العامة، أو حسب الاقتضاء تحت رعاية أجهزة الأمم المتحدة الأخرى، تماشياً مع مشاركتها في المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة". ويشير القرار في الوقت ذاته أنه "لا يحق لدولة فلسطين، بصفتها دولة مراقبة، أن تصوت في الجمعية العامة أو تقدم ترشيحها لأجهزة الأمم المتحدة".

خلفيات طلب عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة

وكانت فلسطين قد تقدمت بالطلب لأول مرة رسمياً في عام 2011 عن طريق رسالة بعثها الرئيس الفلسطيني محمود عباس آنذاك للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والذي حوّله بدوره لمجلس الأمن، إلا أن الأخير، وبسبب اعتراضات أميركية، لم يتحرك في اتجاه رفع توصية للجمعية العامة.

وبقي ملف عضوية فلسطين في الأمم المتحدة عالقاً في مجلس الأمن من دون أي خطوات فعلية، وتقدمت فلسطين في العام الذي تلاه (2012) بطلب الحصول على عضوية بالأمم المتحدة بوصفها دولة مراقبة، وحصلت على تأييد ثلثي الدول في الجمعية العامة، إذ صوتت أغلبية الدول الأعضاء فيها لمصلحة الطلب بتأييد 138 دولة. وعلى عكس مجلس الأمن، فإن كل دولة عضو في الأمم المتحدة، أي 193 دولة كاملة العضوية، يحق لها التصويت، ولا تملك أي منها حق النقض (فيتو).

ويُشار كذلك إلى أن هناك أكثر من 140 دولة تعترف بدولة فلسطين، على الرغم من أنها ليست عضواً كاملاً في الأمم المتحدة.

والتصويت في الأمم المتحدة ليس حول "الاعتراف" بفلسطين كدولة أم لا، المتروك للعلاقات الثنائية بين الدول، بل هو على عضوية فلسطين الكاملة أو عدمها في الأمم المتحدة. ومنذ حصول فلسطين على صفة دولة مراقبة في الأمم المتحدة في العام 2012، تمكّنت من الانضمام إلى قرابة مائة اتفاقية ومعاهدة دولية.

وفي ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، قررت فلسطين الضغط وتفعيل قضية العضوية الكاملة مجدداً. وتقدمت الجزائر، الدولة العربية العضوة في مجلس الأمن في دورته الحالية، بمشروع قرار يوصي الجمعية العامة بمنح فلسطين عضوية كاملة. وفي 18 إبريل/ نيسان الماضي، صوّت مجلس الأمن على المشروع الجزائري، وحصل على تأييد 12 دولة، فيما امتنعت المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت، واستخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضده. ويحتاج أي مشروع قرار لتسعة أصوات لتبنيه في مجلس الأمن، شرط ألا تستخدم أي من الدول دائمة العضوية، وهي فرنسا والصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا، الفيتو ضده.

عباس يدعو واشنطن لـ"الامتناع" عن استخدام الفيتو

من جهته، رحب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، اليوم الجمعة، بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية كبيرة لصالح قرار يدعو إلى اعتماد عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، داعياً الإدارة الأميركية إلى الامتناع عن استخدام الفيتو "الذي بات معزولاً ووحيداً في مواجهة الشرعية والحق الذي تمثله فلسطين وقضيتها العادلة". ودعا عباس في تصريح له، الإدارة الأميركية إلى التراجع عن دعمها المنحاز لصالح الاحتلال، واحترام إرادة الدول والشعوب الداعمة للحق والحرية والتصويت لصالح حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة.

وفي السياق، ثمن عباس مواقف الدول التي صوتت لصالح القرار الذي ينسجم مع القانون الدولي ويعبر عن الإجماع الدولي في عزل الاحتلال وجرائمه وانتهاكاته الخطيرة للشرعية الدولية، مؤكداً أن هذا التصويت الدولي الكاسح لصالح حق الشعب الفلسطيني هو دليل قاطع على وقوف العالم موحّداً خلف قيم الحق والعدل والحرية والسلام التي تمثلها القضية الفلسطينية، وضد جرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.

وشدد عباس على أن هذا القرار الأممي سيدعم مساعي دولة فلسطين في مجلس الأمن الدولي لإعادة التصويت على عضوية فلسطين الكاملة. وقال إنّ الإجماع الدولي الذي تجلى في الجمعية العامة للأمم المتحدة لدعم حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة أعاد الإيمان بالشرعية الدولية والقانون الدولي. وشدّد رئيس السلطة الفلسطينية على أن تحقيق السلام والأمن والاستقرار في منطقتنا والعالم رهن بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.

حماس ترحب بالقرار

من جهتها، رحبت حركة المقاومة الفلسطينية حماس، باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يوصي مجلس الأمن الدولي بإعادة النظر في عضوية فلسطين بشكل إيجابي، ويُعَزِّز حقوق دولة فلسطين وامتيازاتها في الأمم المتحدة، مؤكدةً أن هذا القرار يعد إقراراً بضرورة نيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وتأكيداً على الالتفاف الدولي حوله، في مواجهة الإرادة الأميركية الداعمة لحرب الإبادة التي تُشن ضده.

ودعت الحركة، في بيانها، دول العالم الحرة، إلى تكثيف جهودها، وتقديم كل سبل الإسناد والدعم للشعب الفلسطيني التوّاق للحرية ولنَيل حقه في تقرير المصير، كما دعت مجلس الأمن الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته، واتخاذ قرار بالاعتراف في عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، والعمل بشكل جدي لوقف المجزرة التي ترتكبها حكومة الاحتلال الفاشية في قطاع غزة، والتي تنتهك من خلالها كافة القوانين والمواثيق التي بُنِيَ عليها ميثاق الأمم المتحدة.

سفير إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة

من جهته، مزّق سفير إسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد أردان، الجمعة، ميثاق الأمم المتحدة، رداً على تصويت الجمعية العامة لصالح مشروع قرار يدعم طلب فلسطين الحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة.  وقام أردان، بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبيل التصويت بأغلبية على مشروع القرار الذي شاركت في رعايته تركيا إلى جانب ما يقرب من 80 دولة عضو.

وظهر أردان أمام أعضاء الجمعية وبيده نسخة من ميثاق الأمم المتحدة وآلة تقطيع، حيث قام بتقطيع النسخة. وقال موجهاً كلامه للجمعية العامة: "أنتم تقومون بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة بأيديكم. عار عليكم"، على حد زعمه.

المساهمون