جدل مصري حول الانتخابات الرئاسية المبكرة والأزمة مع السعودية

جدل مصري حول الانتخابات الرئاسية المبكرة والأزمة مع السعودية

10 فبراير 2023
السادات في القاهرة، سبتمبر 2021 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

حالة واسعة من الجدل أثارها البيان المفاجئ لرئيس حزب "الإصلاح والتنمية" محمد أنور السادات، الثلاثاء الماضي، حول رفض ما وصفه بالدعوات الخارجية لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ويُعَدّ كلام السادات، حديثاً صادراً عن شخصية سياسية بارزة بشأن دعوات إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وكذلك الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر لها في الربع الأول من عام 2024.

وقال سياسي مصري ينتمي إلى أحد أحزاب "الحركة المدنية"، التي تمثل معسكر معارضة 30 يونيو، إن "حديث السادات المفاجئ، سواء حول الانتخابات الرئاسية المقبلة، أو الاستحقاق الانتخابي المقرر في 2024، لم يتم طرحه أو الإشارة إليه خلال مناقشات موسعة جرت داخل الحركة المدنية، أخيراً".

وأضاف أن "حديث السادات جاء في إطار رسائل موجّهة لأطراف خارجية بالأساس". وتابع السياسي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن "الفترة الأخيرة التي زادت فيها حدة الأزمة الاقتصادية، شهدت تصاعد أحاديث الأروقة السياسية، سواء داخل المستويات الرسمية، أو بين أحزاب المعارضة، بشأن ضغوط على النظام المصري لأسباب سياسية واقتصادية".

رفض الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة

وأضاف السياسي أن "ما يؤكد أن حديث السادات الأخير بشأن رفض الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، وإلقاء الكرة في ملعب المعارضة والتيار المدني بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكونهم المسؤولين عن تجهيز مرشح، لم يكن موجهاً للداخل المصري"، لافتاً إلى أن "هذه الدعوة لم يتم طرحها من أي أطراف سياسية مصرية، كما أننا كسياسيين متفاعلين مع المشهد الداخلي بشكل دقيق، لم نرصد أي دعوات مرتبطة بأطراف داخلية".

وكان السادات قد طرح في بيانه "أهمية اتفاق القوى السياسية على الدفع بمرشح أو أكثر لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة"، متسائلاً عن "قدرة التيار المدني المعارض على بلورة مشروع يمكنه من المشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري، كما حدث في الانتخابات الرئاسية التي تلت ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 في عام 2012".


سياسي مصري: حديث السادات جاء في إطار رسائل موجّهة لأطراف خارجية بالأساس

وأعرب السادات عن رفضه للدعوات التي وصفها بـ"الخارجية" التي تطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مؤكداً "شرعية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الدستورية القائمة". ولفت إلى "عدم جدوى مطلب إجراء انتخابات مبكرة، وخصوصاً أن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية في العام المقبل".

واعتبر السادات أن "الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة من شأنها إرباك المشهد السياسي الحالي، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المصريون جميعاً". وأضاف أن "المنطق والعقل يحتمان على الأحزاب والشخصيات المستقلة التفكير جدياً في (استعراض فرص إعداد مرشح رئاسي تتوافر فيه الشروط الدستورية والقانونية من كفاءة وخبرة حتى يمكن أن ينافس من خلال حملة انتخابية على مستوى عالٍ)".

وتساءل: "هل تستطيع القوى السياسية والشعبية، ومعها جماعة المثقفين، الاتفاق على مرشح أو أكثر يتم المفاضلة بينهم والدفع بهم لعمل استطلاع رأي بشأنهم من خلال تلاحم شعبي ومؤسسي من الآن، ووضع برنامج وخطة عمل متميزة للتنفيذ حال نجاحهم حتى نشهد مرة أخرى انتخابات حرة ونزيهة على نمط الانتخابات الرئاسية 2012 غير معروفة نتائجها سلفاً، ويظل الجميع ينتظر ويترقب الفائز حتى لحظة إعلان النتيجة، ويتم احترام نتائج الانتخابات وشرعيتها للتوجه نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة؟".

الخلافات المصرية السعودية

من جهته، قال سياسي آخر مشارك في الحوار الوطني الذي دعا إليه السيسي في إبريل/ نيسان الماضي، إنه قرأ ما جاء في البيان "كأنه بمثابة رد من دوائر داخل النظام على أطراف خارجية، ولا أستبعد أن يكون من بين أسباب الخلافات المصرية السعودية أخيراً، تطرق دوائر في الرياض إلى الوضع السياسي في مصر، وطريقة إدارة النظام المصري للأزمة الاقتصادية التي يواجهها".

يأتي هذا في الوقت الذي علمت فيه "العربي الجديد" أن شخصية أكاديمية مصرية بارزة تحظى بعلاقات طيبة مع المسؤولين في السعودية، توسطت بين القاهرة والرياض أخيراً، في أعقاب تصاعد التراشق بين إعلاميين وشخصيات محسوبة على الدوائر الرسمية في البلدين من أجل تهدئة المشهد وعدم تصعيده.

وبحسب المعلومات، فإن الوساطة التي قام بها الأكاديمي المصري، أدت إلى وقف حملة التصعيد الإعلامي ضد قيادة المملكة، إذ صدرت تعليمات صارمة لوسائل الإعلام بمختلف توجهاتها في مصر، بعدم التطرق سلباً إلى المملكة وقيادتها، مع إطلاق حملة إعلامية واسعة بشأن تاريخ العلاقات بين القاهرة والرياض.

وعلّق السيسي على الأزمة، خلال افتتاحه أمس المرحلة الثانية من مدينة الصناعات الغذائية التابعة للقوات المسلحة، قائلاً: "إحنا علاقتنا طيبة بالجميع.. وده منهج إحنا ماشيين بيه، مش النهارده، إحنا بقالنا منذ توليت المسؤولية، ده مسار أنا بنتهجه كدولة.. حتى في الأزمات وفي الخلافات، مثلاً كبيرة، كنتم شايفنا دايماً ما فيش تصريحات سلبية أبداً، ومنضبطة جداً، وبالتالي (ما يصحش) إن إحنا.. يعني.. نسيء لأشقائنا.. ومش هقول نسيء بقى، وما ننساش.. ما ننساش وقفة أشقائنا معانا..".


وساطة لأكاديمي مصري وضعت حداً للتصعيد الإعلامي ضد السعودية

وأضاف السيسي: "أنا هقول فرضية مش موجودة يعني: لو فيه أزمة، (أنا أطول لساني، أنا أقول كلام مش مضبوط؟).. ده كلام ما يليقش أبداً.. يعني ده.. فين الـ(لا تنسوا الفضل بينكم).. (لا تنسوا الفضل بينكم)، فاحنا لما نعمل كده، كمواقع تواصل أو حتى بعض المقالات اللي أشوفها مع أشقائنا في المملكة أو مع أي دولة أخرى.. عن المملكة العربية السعودية أنا بتكلم.. لا لا.. إحنا حريصين وده توجه دولة، وأرجو إن إحنا كلنا كمواطنين ننتبه إن إحنا لا ننساق ورا مواقع تقصد الفتنة بيننا.. إحنا علاقتنا طيبة بالكل يا جماعة.. علاقتنا طيبة بالجميع.. ده حتى يعني في أصعب الظروف إحنا لم.. مش عايز أقول أسماء دول دلوقتي، لأن زي ما أنتم شفتم الأمور كلها تجاوزناها، وأنا كنت عارف كده، إن حتى لو فيه خلاف مع دولة شقيقة من خلال السنين اللي فاتت، هنتجاوزها".

وحول بيان السادات، علق مسؤول في أحد الأحزاب الممثلة برلمانياً، على البيان، قائلاً إن "الحديث عن انتخابات رئاسية مبكرة، ربما يكون أمراً غير مرغوب فيه من القوى السياسية كافة في الوقت الحالي، في مقابل أن التجهيز للانتخابات الرئاسية المقبلة حق مشروع، بل ويجب على القوى السياسية كافة أن تستعد لتلك المناسبة ببرامج ومرشحين قادرين على المنافسة، خاصة أن النظام الحالي يعد في أضعف حالاته". ودعا المسؤول الحزبي، النظام الحاكم، إلى "ضرورة تفعيل الحوار الوطني في أسرع وقت ممكن من أجل قطع الطريق على تلك الدعوات".

ومن جهته، علّق الناشط السياسي والحقوقي بهي الدين حسن، على بيان النائب السادات، قائلاً: "هذه مرحلة وانتهت.. البرنامج المدروس قبل الأشخاص".

وأضاف حسن على حسابه الرسمي على "تويتر": "المصريون دفعوا ثمناً باهظاً للمراهنة على السمات الشخصية للمرشح للرئاسة و/أو الشعارات السياسية البراقة كضمانة للمستقبل". وقال حسن إن "المطلوب من كل مرشح أن يقدم تصوراً علمياً وواقعياً لكيفية علاج مشاكل مصر، وعلى رأسها الاقتصاد والفقر والصحة والتعليم".

المساهمون