تشهد مراكز التطوع الأوكرانية إقبالاً كبيراً من مختلف فئات المجتمع، من جنود وخبراء تكنولوجيا ومدنيين وعمال ورجال أعمال ونساء ورجال وشباب وكبار السن، للمشاركة في الحرب ضد روسيا، وهو ما رصدته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية من خلال متابعتها أحد مراكز التطوع في مدينة لفيف.
وتحدثت الصحيفة إلى فيتالي، البالغ من العمر 35 عاماً، وهو رئيس إحدى الشركات الناشئة في المدينة والذي رفض الكشف عن كنيته، فقال "لقد بدأت مع 15 موظفاً من الشركة في التدرب على الأسلحة قبل خمسة أيام من الهجوم الروسي. كان علينا تعلم الإسعافات الأولية، ومهارات القتال الأخرى في مكان غير معروف خارج المدينة، لكن تطوعنا يوم الغزو". ثم أضاف "لا أريد البقاء على الهامش، أريد أن أصنع التاريخ. أخيراً يجب أن يعرف العالم ما هو الشر وما هو الخير. لدينا دعم العالم كله. السبب الرئيسي في أننا سنفوز هو الناس". ثم أضاف موجها رسالة لفلاديمير بوتين "أنا لا أتفاوض مع الإرهابيين. سيموت قريباً. نظامه كلّه سوف يسقط".
في السابق كان لدينا اختلافات، أما اليوم ليس هناك أي انقسام، نحن نعمل كخلية النمل
وأشارت الصحيفة إلى إحضار متطوعين من غرب أوكرانيا بعد تعرض خاركيف وكييف لقصف وحشي، وبعد محاصرة الجيش الأوكراني في مدينة ماريوبول؛ منهم من قاتل عام 2014 ضد الانفصاليين المسلحين من روسيا في منطقة دونباس الشرقية، عندما ضم بوتين شبه جزيرة القرم، ومنهم من كان على مقاعد الدراسة حينها.
يقول بوغدان ماتسوك، البالغ من العمر 22 عاماً، إنه يوجد اليوم أشخاص تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عاماً على استعداد للموت من أجل أوكرانيا. يهتفون "سنموت من أجل لفيف".
ويضيف: "أنا أقاتل من أجل وطني. لقد ولدت هنا... أعتقد أن كلّ الروس سيقتلون". نشأ ماتسوك في تكساس، وعاد إلى لفيف في عمر الرابعة عشرة، بينما يعيش والداه في الولايات المتحدة. ورداً على سؤال عما إذا كانا قلقين بشأنه، يقول "كلا، هم سعداء من أجلي، قالوا لي هذا قرارك". ثم أضاف: "بوتين يعتقد أن أوكرانيا ضعيفة، هذا مجرد هراء".
يتقاسم المتطوعون المهام. بعضهم يدافع عن المدن، وبعضهم يعمل على فك حصار المدن المحاصرة، والبعض الآخر يحضّر زجاجات المولوتوف، في حين تحضّر الجدات الطعام من أجل اللاجئين الهاربين من القصف الروسي الوحشي، ويساهم رجال الأعمال من خلال شراء طائرات من دون طيار، وسترات "كيفلر". كما تشهد أوروبا ظاهرة التطوع للانخراط في مواجهة الجيش الروسي في أوكرانيا، والتي رصدتها صحيفة " العربي الجديد" في تقريرها " تزايد التطوع لقتال الروس في أوكرانيا: الدنمارك نموذجاً".
لا أريد البقاء على الهامش، أريد أن أصنع التاريخ. أخيرًا يجب أن يعرف العالم ما هو الشر وما هو الخير. لدينا دعم العالم كله. السبب الرئيسي في أننا سنفوز هو الناس
يتحدث أليكس ريابشين، النائب السابق في البرلمان الأوكراني ومستشار الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الحكومية "نفتوغاز"، لصحيفة "ذا غارديان"، عن أهمية التطوع ودوره في صدّ الغزو الروسي، قائلاً "يلعب المتطوعون دوراً حاسماً في النضال من أجل بقاء الأمة. لدينا سلسلة من الروابط الأفقية القوية. إننا جيدون في التنظيم الذاتي". وتابع قائلاً "لروسيا روابط عمودية ومؤسسات قوية، عندما يتحدث بوتين بأمر ما على البقية الطاعة. في أوكرانيا المؤسسات ضعيفة، نحن لسنا معتادين على الطاعة، هنا يعتمد الناس على أسرهم وأصدقائهم".
ثم أضاف حول آليات تنظيم المجتمع قائلاً: "هي لحظة غير مسبوقة للمجتمع المدني، تشكلت شبكات للتعاون على (تلغرام) و(واتساب). وكأننا نستعيد روح انتفاضة 2014 ضد فيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الأوكراني الفاسد الذي كان يوالي روسيا". ثم وصف حالة المجتمع الأوكراني بالقول: "في السابق كانت لدينا اختلافات، أما اليوم فليس هناك أي انقسام، نحن نعمل كخلية النمل".