بعيداً عن حرج البعض، عربياً وغربياً، من تحالف بنيامين نتنياهو مع جماعات التطرف والعنف، فإن الأمر ليس مستجداً في دولة الاحتلال والأبرتهايد المتسارع.
فقبل أن تزدهر في أوروبا جماعات التطرف القائم على العرقية، والتحريض ضد مواطني الخلفيات غير البيضاء، كانت جماعات التطرف التلمودي-الصهيوني تمارس كل الموبقات، مستلهمة شعارات "الموت للعرب" من زمن المذابح المؤسسة للنكبة ولدولة الاحتلال في العام 1948.
وبعد سنوات من تسليط تهم "معاداة السامية" ضد من ينتقد الاحتلال والصهيونية، والكيل الغربي بمكاييل مختلفة عن الإرهاب، يصير "طبيعياً" إنتاج أبشع الاستهدافات بحق الفلسطينيين، وبـ"قوانين" عنصرية وفتاوى دينية - تلمودية، تحاصر وجودهم وتسعى إلى "ترانسفير سريع".
وسواء تعلق الأمر بجماعتي "القوة اليهودية" بقيادة إيتمار بن غفير، و"الصهيونية الدينية" بقيادة بتسليئل سموطريتش، فإن للفلسطينيين ذاكرة دامية مع سياسات إخفاء الإرهاب المتأصل، والسكوت على تراكمه، بل ورعايته، مثل توزير رحبعام زئيفي الداعي للقتل، والتسامح مع شعارات "الذبح والموت للعرب"، من أمثال مئير كهانا وموشيه ليفنغر، وبفتاوى أن العرب "صراصير تستحق السحق"، كما ظل يردد حاخامهم عوفاديا يوسف.
بالطبع سيكون مضيعة للوقت السؤال عن تخيل كيفية تعاطي واشنطن وبروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي) لو أن بين ظهراني العرب والفلسطينيين شيوخاً ورجالا بربطات عنق، يرفعون شعارات "الموت والذبح لليهود"، أو احتضان وسكوت رسمي عن جماعات بوزن "فتية التلال" و"تدفيع الثمن" و"حركة كاخ" أو "كهانا حي" الإرهابية اليهودية.
على كل، السكوت الطويل عن تسمية الأشياء كما هي لم ينتج سوى المزيد من الإرهاب الاستيطاني، الذي يجعل من أمثال بن غفير يشهر سلاحه، ويحرض جنود الأبرتهايد على قتل العربي.
فمرتكب مذبحة المسجد الإبراهيمي في الخليل (رمضان 1994) الإرهابي باروخ غولدشتاين، وغيره في قوائم شرعنة الإرهاب اليومي على أرض فلسطين التاريخية، بما فيها فتوى قتل إسحاق رابين (1995)، لا يختلفون كثيراً عن مرتكب مذبحة كرايستشيرش في نيوزيلندا برينتون تارانت (2019)، ومنفذ مذبحة أوتويا قرب أوسلو النرويجية (2011) أندرس بريفيك، إلا في مانيفست الفئة المستهدفة.
ففي حين ينطلق فاشيو أوروبا وإرهابيوها نحو "المهاجرين"، يركز مانيفست الإرهاب الصهيوني على طرد أصحاب الأرض الأصليين واعتبارهم "بقايا استعمار عربي"، مع كثير من الهراء عن "الحل السياسي"، ونفاق غربي عن "حل الدولتين"، بينما استمرت لثلاثة عقود سياسات التنافس على من يكون أكثر تطرفاً ودموية مع الشعب الفلسطيني.